responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع نویسنده : الكاساني، علاء الدين    جلد : 3  صفحه : 242
وَبِالْغَضَبِ وَإِنَّهُ فِي جَانِبِ الزَّوْجِ قَائِمٌ مَقَامَ حَدِّ الْقَذْفِ وَفِي جَانِبِهَا قَائِمٌ مَقَامَ حَدِّ الزِّنَا، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: اللِّعَانُ أَيْمَانٌ بِلَفْظِ الشَّهَادَةِ مَقْرُونَةٌ بِاللَّعْنِ وَالْغَضَبِ فَكُلُّ مَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الشَّهَادَةِ وَالْيَمِينِ كَانَ مِنْ أَهْلِ اللِّعَانِ وَمَنْ لَا فَلَا عِنْدَنَا، وَكُلُّ مَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْيَمِينِ فَهُوَ مِنْ أَهْلِ اللِّعَانِ عِنْدَهُ سَوَاءٌ كَانَ مِنْ أَهْلِ الشَّهَادَةِ أَوْ لَمْ يَكُنْ، وَمَنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِ الشَّهَادَةِ وَالْيَمِينِ كَانَ مِنْ أَهْلِ اللِّعَانِ احْتَجَّ الشَّافِعِيُّ بِقَوْلِهِ تَعَالَى فِي تَفْسِيرِ اللِّعَانِ {فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ} [النور: 6] فَسَّرَ اللَّهُ تَعَالَى اللِّعَانَ بِالشَّهَادَةِ بِاَللَّهِ وَالشَّهَادَةُ بِاَللَّهِ يَمِينٌ.
أَلَا تَرَى أَنَّ مَنْ قَالَ: أَشْهَدُ بِاَللَّهِ يَكُونُ يَمِينًا إلَّا أَنَّهُ يَمِينٌ بِلَفْظِ الشَّهَادَةِ؛ وَلِأَنَّ اللِّعَانَ لَوْ كَانَ شَهَادَةً لَمَا قَرَنَهُ بِذِكْرِ اسْمِ اللَّهِ تَعَالَى؛ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ لَا تَفْتَقِرُ إلَى ذَلِكَ وَإِنَّمَا الْيَمِينُ هِيَ الَّتِي تَفْتَقِرُ إلَيْهِ؛ وَلِأَنَّهُ لَوْ كَانَ شَهَادَةً لَكَانَتْ شَهَادَةً عَلَى النِّصْفِ مِنْ شَهَادَةِ الرَّجُلِ كَمَا فِي سَائِرِ الْمَوَاضِعِ الَّتِي لِلْمَرْأَةِ فِيهَا شَهَادَةٌ فَيَنْبَغِي أَنْ تَشْهَدَ الْمَرْأَةُ عَشْرَ مَرَّاتٍ فَلَمَّا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ دَلَّ أَنَّهُ لَيْسَ بِشَهَادَةٍ وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّهُ يَمِينٌ مَا رُوِيَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا فَرَّقَ بَيْنَ الْمُتَلَاعِنَيْنِ وَكَانَتْ الْمَرْأَةُ حُبْلَى فَقَالَ لَهَا: «إذَا وَلَدْتِ وَلَدًا فَلَا تُرْضِعِيهِ حَتَّى تَأْتِينِي بِهِ فَلَمَّا انْصَرَفُوا عَنْهُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنْ وَلَدَتْهُ أَحْمَرَ مِثْلَ الدِّبْسِ فَهُوَ يُشْبِهُ أَبَاهُ الَّذِي نَفَاهُ، وَإِنْ وَلَدَتْهُ أَسْوَدَ أَدْعَجَ جَعْدًا قَطَطًا فَهُوَ يُشْبِهُ الَّذِي رُمِيَتْ بِهِ فَلَمَّا وَضَعَتْ وَأَتَتْ بِهِ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَظَرَ إلَيْهِ فَإِذَا هُوَ أَسْوَدُ أَدْعَجُ جَعْدٌ قَطَطٌ عَلَى مَا نَعَتَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَوْلَا الْأَيْمَانُ الَّتِي سَبَقَتْ لَكَانَ لِي فِيهَا رَأْيٌ» وَفِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ «لَكَانَ لِي وَلَهَا شَأْنٌ» فَقَدْ سَمَّى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اللِّعَانَ أَيْمَانًا لَا شَهَادَةً فَدَلَّ أَنَّهُ يَمِينٌ لَا شَهَادَةٌ.
(وَلَنَا) قَوْله تَعَالَى {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلا أَنْفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ} [النور: 6] وَالِاسْتِدْلَالُ بِالْآيَةِ الْكَرِيمَةِ مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ تَعَالَى سَمَّى الَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ شُهَدَاءَ؛ لِأَنَّهُ اسْتِثْنَاءٌ مِنْ الشُّهَدَاءِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلا أَنْفُسُهُمْ} [النور: 6] وَالْمُسْتَثْنَى مِنْ جِنْسِ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ، وَالثَّانِي أَنَّهُ سَمَّى اللِّعَانَ شَهَادَةً نَصًّا بِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ {فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ} [النور: 6] وَالْخَامِسَةُ أَيْ الشَّهَادَةُ الْخَامِسَةُ وَقَالَ تَعَالَى فِي جَانِبِهَا {وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ} [النور: 8] وَالْخَامِسَةُ أَيْ الشَّهَادَةُ الْخَامِسَةُ إلَّا أَنَّهُ تَعَالَى سَمَّاهُ شَهَادَةً بِاَللَّهِ تَأْكِيدًا لِلشَّهَادَةِ بِالْيَمِينِ، فَقَوْلُهُ أَشْهَدُ يَكُونُ شَهَادَةً وَقَوْلُهُ بِاَللَّهِ يَكُونُ يَمِينًا وَهَذَا مَذْهَبُنَا أَنَّهُ شَهَادَاتٌ مُؤَكَّدَةٌ بِالْأَيْمَانِ وَهُوَ أَوْلَى مِمَّا قَالَهُ الْمُخَالِفُ لِأَنَّهُ عَمَلٌ بِاللَّفْظَيْنِ فِي مَعْنَيَيْنِ وَفِيمَا قَالَهُ حَمَلَ اللَّفْظَيْنِ عَلَى مَعْنًى وَاحِدٍ فَكَانَ مَا قُلْنَاهُ أَوْلَى وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّهُ شَهَادَةٌ أَنَّهُ شَرَطَ فِيهِ لَفْظَ الشَّهَادَةِ وَحَضْرَةَ الْحَاكِمِ.
وَأَمَّا قَوْلُهُ لَوْ كَانَ شَهَادَةً لَكَانَ فِي حَقِّ الْمَرْأَةِ عَلَى النِّصْفِ مِنْ شَهَادَةِ الرَّجُلِ فَنَقُولُ هُوَ شَهَادَةٌ مُؤَكَّدَةٌ بِالْيَمِينِ فَيُرَاعَى فِيهِ مَعْنَى الشَّهَادَةِ وَمَعْنَى الْيَمِينِ وَقَدْ رَاعِينَا مَعْنَى الشَّهَادَةِ فِيهِ بِاشْتِرَاطِ لَفْظَةِ الشَّهَادَةِ فَيُرَاعَى مَعْنَى الْيَمِينِ بِالتَّسْوِيَةِ بَيْنَ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ فِي الْعَدَدِ عَمَلًا بِالشَّبَهَيْنِ جَمِيعًا وَلَا حُجَّةَ لَهُ فِي الْحَدِيثِ؛ لِأَنَّهُ رُوِيَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ لَوْلَا مَا مَضَى مِنْ الشَّهَادَاتِ وَهَذَا حُجَّةٌ عَلَيْهِ حَيْثُ سَمَّاهُ شَهَادَةً نَقُولُ بِمُوجَبِهِ أَنَّهُ يَمِينٌ لَكِنَّ هَذَا لَا يَنْفِي أَنْ يَكُونَ شَهَادَةً فَهُوَ شَهَادَةٌ مُؤَكَّدَةٌ بِالْيَمِينِ وَاَللَّه تَعَالَى الْمُوَفِّقُ.
وَإِذَا عُرِفَ هَذَا الْأَصْلُ تُخَرَّجُ عَلَيْهِ الْمَسَائِلُ، أَمَّا اعْتِبَارُ الْعَقْلِ وَالْبُلُوغِ فَلِأَنَّ الصَّبِيَّ وَالْمَجْنُونَ لَيْسَا مِنْ أَهْلِ الشَّهَادَةِ وَالْيَمِينِ فَلَا يَكُونَانِ مِنْ أَهْلِ اللِّعَانِ بِالْإِجْمَاعِ وَأَمَّا الْحُرِّيَّةُ فَالْمَمْلُوكُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الشَّهَادَةِ فَلَا يَكُونُ مِنْ أَهْلِ اللِّعَانِ بِالْإِجْمَاعِ وَأَمَّا الْإِسْلَامُ فَالْكَافِرُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الشَّهَادَةِ عَلَى الْمُسْلِمِ وَإِنْ كَانَ الْمُسْلِمُ مِنْ أَهْلِ الشَّهَادَةِ عَلَى الْكَافِرِ.
وَإِذَا كَانَا كَافِرَيْنِ فَالْكَافِرُ وَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الشَّهَادَةِ عَلَى الْكَافِرِ فَلَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْيَمِينِ بِاَللَّهِ تَعَالَى؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ حُكْمِهَا وَهُوَ الْكَفَّارَةُ وَلِهَذَا لَمْ يَصِحَّ ظِهَارُ الذِّمِّيِّ عِنْدَنَا، وَاللِّعَانُ عِنْدَنَا شَهَادَاتٌ مُؤَكَّدَةٌ بِالْأَيْمَانِ فَمَنْ لَا يَكُونُ مِنْ أَهْلِ الْيَمِينِ لَا يَكُونُ مِنْ أَهْلِ اللِّعَانِ.
وَأَمَّا اعْتِبَارُ النُّطْقِ فَلِأَنَّ الْأَخْرَسَ لَا شَهَادَةَ لَهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَأَتَّى مِنْهُ لَفْظَةُ الشَّهَادَةِ؛ وَلِأَنَّ الْقَذْفَ مِنْهُ لَا يَكُونُ إلَّا بِالْإِشَارَةِ، وَالْقَذْفُ بِالْإِشَارَةِ يَكُونُ فِي مَعْنَى الْقَذْفِ بِالْكِتَابَةِ وَإِنَّهُ لَا يُوجِبُ اللِّعَانَ كَمَا لَا يُوجِبُ الْحَدَّ لِمَا نَذْكُرُهُ فِي الْحُدُودِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
وَأَمَّا الْمَحْدُودُ فِي الْقَذْفِ فَلَا شَهَادَةَ لَهُ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى رَدَّ شَهَادَتَهُ عَلَى التَّأْبِيدِ وَلَا يَلْزَمُ عَلَى هَذَا الْأَصْلِ قَذْفُ الْفَاسِقِ وَالْأَعْمَى فَإِنَّهُ يُوجِبُ اللِّعَانَ وَلَا شَهَادَةَ لَهُمَا؛ لِأَنَّ الْفَاسِقَ لَهُ شَهَادَةٌ فِي الْجُمْلَةِ وَلَهُمَا جَمِيعًا أَهْلِيَّةُ الشَّهَادَةِ.
أَلَا تَرَى أَنَّ الْقَاضِيَ لَوْ قَضَى بِشَهَادَتِهِمَا جَازَ قَضَاؤُهُ وَمَعْلُومٌ

نام کتاب : بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع نویسنده : الكاساني، علاء الدين    جلد : 3  صفحه : 242
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست