responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع نویسنده : الكاساني، علاء الدين    جلد : 3  صفحه : 241
حَدَّ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّ زِنَاهَا لَمْ يَثْبُتْ إلَّا بِشَهَادَةِ الْفُسَّاقِ وَلَا حَدَّ عَلَيْهِمْ؛ لِأَنَّ الْفَاسِقَ مِنْ أَهْلِ الشَّهَادَةِ.
أَلَا تَرَى أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَمَرَ بِالتَّوْفِيقِ فِي بَيَانِهِ؟ فَقَدْ وُجِدَ إتْيَانُ أَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَكَيْفَ يَجِبُ عَلَيْهِمْ الْحَدُّ؟ وَلَا لِعَانَ عَلَى الزَّوْجِ؛ لِأَنَّهُ شَاهِدٌ وَلَيْسَ بِقَاذِفٍ فَإِنْ شَهِدُوا مَعَهُ ثَلَاثَةٌ عُمْيٌ حُدَّ وَحُدُّوا أَيْ يُلَاعَنُ الزَّوْجُ وَيُحَدُّونَ فِي الْقَذْفِ؛ لِأَنَّ الْعُمْيَانَ لَا شَهَادَةَ لَهُمْ قَطْعًا فَلَمْ يَكُنْ قَوْلُهُمْ حُجَّةً أَصْلًا فَكَانُوا قَذَفَةً فَيُحَدُّونَ حَدَّ الْقَذْفِ وَيُلَاعَنُ الزَّوْجُ؛ لِأَنَّ قَذْفَ الزَّوْجِ يُوجِبُ اللِّعَانَ إذَا لَمْ يَأْتِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ وَلَمْ يَأْتِ بِهِمْ.
وَأَمَّا الَّذِي يَرْجِعُ إلَى الْمَقْذُوفِ خَاصَّةً فَشَيْئَانِ: أَحَدُهُمَا إنْكَارُهَا وُجُودَ الزِّنَا مِنْهَا حَتَّى لَوْ أَقَرَّتْ بِذَلِكَ لَا يَجِبُ اللِّعَانُ وَيَلْزَمُهَا حَدُّ الزِّنَا وَهُوَ الْجَلْدُ إنْ كَانَتْ غَيْرَ مُحْصَنَةٍ وَالرَّجْمُ إنْ كَانَتْ مُحْصَنَةً لِظُهُورِ زِنَاهَا بِإِقْرَارِهَا، وَالثَّانِي عِفَّتُهَا عَنْ الزِّنَا فَإِنْ لَمْ تَكُنْ عَفِيفَةً لَا يَجِبُ اللِّعَانُ بِقَذْفِهَا كَمَا لَا يَجِبُ الْحَدُّ فِي قَذْفِ الْأَجْنَبِيَّةِ إذَا لَمْ تَكُنْ عَفِيفَةً؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ تَكُنْ عَفِيفَةً فَقَدْ صَدَّقَتْهُ بِفِعْلِهَا فَصَارَ كَمَا لَوْ صَدَّقَتْهُ بِقَوْلِهَا وَلِمَا نَذْكُرُ فِي كِتَابِ الْحُدُودِ وَنَذْكُرُ تَفْسِيرَ الْعِفَّةِ عَنْ الزِّنَا فِيهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
وَعَلَى هَذَا قَالُوا فِي الْمَرْأَةِ إذَا وُطِئَتْ بِشُبْهَةٍ ثُمَّ قَذَفَهَا زَوْجُهَا لَا يَجِبُ عَلَيْهِ اللِّعَانُ وَلَوْ قَذَفَهَا أَجْنَبِيٌّ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْحَدُّ؛ لِأَنَّهَا وُطِئَتْ وَطْئًا حَرَامًا فَذَهَبَتْ عِفَّتُهَا، ثُمَّ رَجَعَ أَبُو يُوسُفَ وَقَالَ: يَجِبُ بِقَذْفِهَا الْحَدُّ وَاللِّعَانُ؛ لِأَنَّ هَذَا وَطْءٌ يَتَعَلَّقُ بِهِ ثُبُوتُ النَّسَبِ وَوُجُوبُ الْمَهْرِ فَكَانَ كَالْمَوْجُودِ فِي النِّكَاحِ فَلَا يُزِيلُ الْعِفَّةَ عَنْ الزِّنَا.
وَالْجَوَابُ أَنَّ الْوَطْءَ حَرَامٌ لِعَدَمِ النِّكَاحِ إنَّمَا الْمَوْجُودُ شُبْهَةُ النِّكَاحِ فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَجِبَ الْحَدُّ عَلَيْهَا إلَّا أَنَّهُ سَقَطَ لِلشُّبْهَةِ فَلَأَنْ يَسْقُطَ الْحَدُّ وَاللِّعَانُ عَنْ الْقَاذِفِ لِمَكَانِ الْحَقِيقَةِ أَوْلَى.
وَأَمَّا الَّذِي يَرْجِعُ إلَيْهِمَا جَمِيعًا فَهُوَ أَنْ يَكُونَا زَوْجَيْنِ حُرَّيْنِ عَاقِلَيْنِ بَالِغَيْنِ مُسْلِمَيْنِ نَاطِقَيْنِ غَيْرَ مَحْدُودَيْنِ فِي الْقَذْفِ أَمَّا اعْتِبَارُ الزَّوْجِيَّةِ فَلِأَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى خَصَّ اللِّعَانَ بِالْأَزْوَاجِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلا أَنْفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ} [النور: 6] وَأَنَّهُ حُكْمٌ ثَبَتَ تَعَبُّدًا غَيْرُ مَعْقُولِ الْمَعْنَى فَيُقْتَصَرُ عَلَى مَوْرِدِ التَّعَبُّدِ وَإِنَّمَا وَرَدَ التَّعَبُّدُ بِهِ فِي الْأَزْوَاجِ فَيَقْتَصِرُ عَلَيْهِمْ وَعَلَى هَذَا قَالَ أَصْحَابُنَا: إنَّ مَنْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً نِكَاحًا فَاسِدًا ثُمَّ قَذَفَهَا لَمْ يُلَاعِنْهَا لِعَدَمِ الزَّوْجِيَّةِ إذْ النِّكَاحُ الْفَاسِدُ لَيْسَ بِنِكَاحٍ حَقِيقَةً، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: يُلَاعِنُهَا إذَا كَانَ الْقَذْفُ بِنَفْيِ الْوَلَدِ؛ لِأَنَّ الْقَذْفَ إذَا كَانَ بِنَفْيِ الْوَلَدِ تَقَعُ الْحَاجَةُ إلَى قَطْعِ النَّسَبِ وَالنَّسَبُ يَثْبُتُ بِالنِّكَاحِ الْفَاسِدِ كَمَا يَثْبُتُ بِالنِّكَاحِ الصَّحِيحِ فَيُشْرَعُ اللِّعَانُ لِقَطْعِ النَّسَبِ وَالْجَوَابُ أَنَّ قَطْعَ النَّسَبِ يَكُونُ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ اللِّعَانِ وَلَا لِعَانَ إلَّا بَعْدَ وُجُوبِهِ وَلَا وُجُوبَ لِعَدَمِ شَرْطِهِ وَهُوَ الزَّوْجِيَّةُ.
وَلَوْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ طَلَاقًا بَائِنًا أَوْ ثَلَاثًا ثُمَّ قَذَفَهَا بِالزِّنَا لَا يَجِبُ اللِّعَانُ لِعَدَمِ الزَّوْجِيَّةِ لِبُطْلَانِهَا بِالْإِبَانَةِ وَالثَّلَاثِ، وَلَوْ طَلَّقَهَا طَلَاقًا رَجْعِيًّا ثُمَّ قَذَفَهَا يَجِب اللِّعَانُ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ الرَّجْعِيَّ لَا يُبْطِلُ الزَّوْجِيَّةَ وَلَوْ قَذَفَ امْرَأَتَهُ بِزِنًى كَانَ قَبْلَ الزَّوْجِيَّةِ فَعَلَيْهِ اللِّعَانُ عِنْدَنَا، وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ عَلَيْهِ حَدُّ الْقَذْفِ وَاحْتَجَّ بِآيَةِ الْقَذْفِ وَهِيَ قَوْله تَعَالَى {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً} [النور: 4] ، وَلَنَا آيَةُ اللِّعَانِ وَهِيَ قَوْله تَعَالَى {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلا أَنْفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ} [النور: 6] مِنْ غَيْرِ فَضْلٍ بَيْنَ مَا إذَا كَانَ الْقَذْفُ بِزِنًا بَعْدَ الزَّوْجِيَّةِ أَوْ قَبْلَهَا وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّهُ قَذَفَ زَوْجَتَهُ أَنَّهُ أَضَافَ الْقَذْفَ إلَيْهَا وَهِيَ لِلْحَالِ زَوْجَتُهُ إلَّا أَنَّهُ قَذَفَهَا بِزِنًى مُتَقَدِّمٍ وَبِهَذَا لَا تَخْرُجُ مِنْ أَنْ تَكُونَ زَوْجَتَهُ فِي الْحَالِ كَمَا إذَا قَذَفَ أَجْنَبِيَّةً بِزِنًا مُتَقَدِّمٍ حَتَّى يَلْزَمَهُ الْقَذْفُ كَذَا هَهُنَا.
وَأَمَّا آيَةُ الْقَذْفِ فَهِيَ مُتَقَدِّمَةٌ عَلَى آيَةِ اللِّعَانِ فَيَجِبُ تَخْرِيجُهَا عَلَى التَّنَاسُخِ فَيَنْسَخُ الْخَاصُّ الْمُتَأَخِّرُ الْعَامَّ الْمُتَقَدِّمَ بِقَدْرِهِ عِنْدَ عَامَّةِ مَشَايِخِنَا وَعِنْدَهُ يَقْضِي الْعَامُّ عَلَى الْخَاصِّ بِطَرِيقِ التَّخْصِيصِ عَلَى مَا مَرَّ وَلَوْ قَذَفَ امْرَأَتَهُ بَعْدَ مَوْتِهَا لَمْ يُلَاعَنُ عِنْدَنَا، وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ يُلَاعَنُ عَلَى قَبْرِهَا وَاحْتَجَّ بِظَاهِرِ قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي آيَةِ اللِّعَانِ {فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ} [النور: 6] مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ بَيْنَ حَالِ الْحَيَاةِ وَالْمَوْتِ.
وَلَنَا قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ} [النور: 6] الْآيَةَ خَصَّ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى اللِّعَانَ بِالْأَزْوَاجِ وَقَدْ زَالَتْ الزَّوْجِيَّةُ بِالْمَوْتِ فَلَمْ يُوجَدْ قَذْفُ الزَّوْجَةِ فَلَا يَجِبُ اللِّعَانُ وَبِهِ تَبَيَّنَ أَنَّ الْمَيِّتَةَ لَمْ تَدْخُلْ تَحْتَ الْآيَةِ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَوْجَبَ هَذِهِ الشَّهَادَةَ بِقَذْفِ الْأَزْوَاجِ بِقَوْلِهِ {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ} [النور: 6] وَبَعْدَ الْمَوْتِ لَمْ تَبْقَ زَوْجَةً لَهُ.
وَأَمَّا اعْتِبَارُ الْحُرِّيَّةِ وَالْعَقْلِ وَالْبُلُوغِ وَالْإِسْلَامِ وَالنُّطْقِ وَعَدَمِ الْحَدِّ فِي الْقَذْفِ فَالْكَلَامُ فِي اعْتِبَارِ هَذِهِ الْأَوْصَافِ شَرْطًا لِوُجُوبِ اللِّعَانِ فَرْعٌ الْكَلَامُ فِي مَعْنَى اللِّعَانِ وَمَا يُثْبِتُهُ شَرْعًا وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِيهِ قَالَ أَصْحَابُنَا: إنَّ اللِّعَانَ شَهَادَةٌ مُؤَكَّدَةٌ بِالْأَيْمَانِ مَقْرُونَةٌ بِاللَّعْنِ

نام کتاب : بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع نویسنده : الكاساني، علاء الدين    جلد : 3  صفحه : 241
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست