responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع نویسنده : الكاساني، علاء الدين    جلد : 3  صفحه : 175
فِي الْجِمَاعِ لِيَكُونَ إزَالَةُ هَذَا الظُّلْمِ بِقَدْرِ الظُّلْمِ فَيَثْبُتُ الْحُكْمُ عَلَى وَفْقِ الْعِلَّةِ.
وَأَمَّا وَقْتُ الْفَيْءِ فَالْفَيْءُ عِنْدَنَا فِي الْمُدَّةِ، وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ بَعْدَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ، وَنَذْكُرُ الْمَسْأَلَةَ فِي بَيَانِ حُكْمِ الْإِيلَاءِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

وَأَمَّا حُرِّيَّةُ الْمُولِي فَلَيْسَ بِشَرْطٍ لِصِحَّةِ إيلَائِهِ بِاَللَّهِ تَعَالَى، وَمِمَّا لَا يَتَعَلَّقُ بِالْمَالِ حَتَّى لَوْ قَالَ الْعَبْدُ لِامْرَأَتِهِ: وَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُكِ، أَوْ قَالَ: إنْ قَرِبْتُك فَعَلَيَّ صَوْمٌ أَوْ حَجٌّ أَوْ عُمْرَةٌ، أَوْ امْرَأَتِي طَالِقٌ يَصِحُّ إيلَاؤُهُ حَتَّى لَوْ لَمْ يَقْرَبْهَا تَبِينُ مِنْهُ فِي الْمُدَّةِ وَلَوْ قَرِبَهَا فَفِي الْيَمِينِ بِاَللَّهِ تَعَالَى تَلْزَمُهُ الْكَفَّارَةُ بِالصَّوْمِ، وَفِي غَيْرِهَا يَلْزَمُهُ الْجَزَاءُ الْمَذْكُورُ؛ وَلِأَنَّ الْعَبْدَ أَهْلٌ لِذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ يَحْلِفُ بِمَا يَتَعَلَّقُ بِالْمَالِ بِأَنْ قَالَ: إنْ قَرِبْتُكِ فَعَلَيَّ عِتْقُ رَقَبَةٍ، أَوْ عَلَيَّ أَنْ أَتَصَدَّقَ بِكَذَا لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ مِلْكِ الْمَالِ.
وَأَمَّا إسْلَامُ الْمُولِي فَهَلْ هُوَ شَرْطٌ لِصِحَّةِ الْإِيلَاءِ؟ فَنَقُولُ: لَا خِلَافَ فِي أَنَّ الذِّمِّيَّ إذَا آلَى مِنْ امْرَأَتِهِ بِالطَّلَاقِ أَوْ الْعَتَاقِ أَنَّهُ يَصِحُّ إيلَاؤُهُ؛ لِأَنَّ الْكَافِرَ مِنْ أَهْلِ الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ وَلَا خِلَافَ أَيْضًا فِي أَنَّهُ إذَا آلَى بِشَيْءٍ مِنْ الْقُرَبِ كَالصَّوْمِ وَالصَّدَقَةِ وَالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ بِأَنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: إنْ قَرِبْتُكِ فَعَلَيَّ صَوْمٌ أَوْ صَدَقَةٌ أَوْ حَجَّةٌ أَوْ عُمْرَةٌ أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ مِنْ الْقُرَبِ لَا يَكُونُ مُولِيًا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْقُرْبَةِ فَيُمْكِنُهُ قُرْبَانُ امْرَأَتِهِ مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ يَلْزَمُهُ فَلَمْ يَكُنْ مُولِيًا،، وَكَذَا إذَا قَالَ لِامْرَأَتِهِ: إنْ قَرِبْتُك فَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي أَوْ فُلَانَةُ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي لَمْ يَكُنْ مُولِيًا؛ لِأَنَّ الْكُفْرَ يَمْنَعُ صِحَّةَ الظِّهَارِ عِنْدَنَا، وَإِذَا لَمْ يَصِحَّ يُمْكِنُهُ قُرْبَانُهَا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ يَلْزَمُهُ، فَلَا يَكُونُ مُولِيًا.
وَاخْتُلِفَ فِيمَا إذَا آلَى بِاَللَّهِ تَعَالَى فَقَالَ: وَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُك، تَنْعَقِدُ مُوجِبَةً لِلْكَفَّارَةِ عَلَى تَقْدِيرِ الْحِنْثِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ يَكُونُ مُولِيًا.
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٌ: لَا يَكُونُ مُولِيًا وَجْهُ قَوْلِهِمَا أَنَّ الْيَمِينَ بِاَللَّهِ تَعَالَى لَا تَنْعَقِدُ مِنْ الذِّمِّيِّ كَمَا فِي غَيْرِ الْإِيلَاءِ وَالْجَامِعُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْيَمِينَ بِاَللَّهِ تَعَالَى تَنْعَقِدُ مُوجِبَةً لِلْكَفَّارَةِ عَلَى تَقْدِيرِ الْحِنْثِ وَالْكَافِرُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْكَفَّارَةِ،، وَلِأَبِي حَنِيفَةَ عُمُومُ قَوْله تَعَالَى {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ} [البقرة: 226] مِنْ غَيْرِ تَخْصِيصِ الْمُسْلِمِ؛ وَلِأَنَّ الْإِيلَاءَ بِاَللَّهِ يَمِينٌ يَمْنَعُ الْقُرْبَانَ خَوْفًا مِنْ هَتْكِ حُرْمَةِ اسْمِ اللَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ - وَالذِّمِّيُّ يَعْتَقِدُ حُرْمَةَ اسْمِ اللَّهِ تَعَالَى، وَلِهَذَا يُسْتَحْلَفُ عَلَى الدَّعَاوَى كَالْمُسْلِمِ، وَيَتَعَلَّقُ حِلُّ الذَّبِيحَةِ بِتَسْمِيَتِهِ كَمَا يَتَعَلَّقُ بِتَسْمِيَةِ الْمُسْلِمِ، فَإِنَّهُ إذَا ذَكَرَ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا أُكِلَتْ، وَإِنْ تَرَكَ التَّسْمِيَةَ لَمْ تُؤْكَلْ، فَيَصِحُّ إيلَاؤُهُ كَمَا يَصِحُّ إيلَاءُ الْمُسْلِمِ، وَإِذَا صَحَّ إيلَاؤُهُ بِاَللَّهِ تَعَالَى تَثْبُتُ أَحْكَامُ الْإِيلَاءِ فِي حَقِّهِ كَمَا تَثْبُتُ فِي حَقِّ الْمُسْلِمِ إلَّا أَنَّهُ لَا يَظْهَرُ فِي حَقِّ حُكْمِ الْحِنْثِ، وَهُوَ الْكَفَّارَةُ؛ لِأَنَّ الْكَفَّارَةَ عِبَادَةٌ، وَهُوَ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْعِبَادَةِ فَيَظْهَرُ فِي حَقِّ حُكْمِ الْبِرِّ، وَهُوَ الطَّلَاقُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ أَهْلِهِ وَلَوْ آلَى مُسْلِمٌ أَوْ ظَاهَرَ مِنْ امْرَأَتِهِ ثُمَّ ارْتَدَّ عَنْ الْإِسْلَامِ وَلَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ ثُمَّ رَجَعَ مُسْلِمًا وَتَزَوَّجَهَا فَهُوَ مُولٍ، وَمُظَاهِرٌ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ.
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: يَسْقُطُ عَنْهُ الْإِيلَاءُ وَالظِّهَارُ.
(وَجْهُ) قَوْلِهِ أَنَّ الْكُفْرَ يَمْنَعُ صِحَّةَ الْإِيلَاءِ وَالظِّهَارِ ابْتِدَاءً فَيَمْنَعُ بَقَاءَهُمَا عَلَى الصِّحَّةِ؛ لِأَنَّ حُكْمَ الْإِيلَاءِ وُجُوبُ الْكَفَّارَةِ عَلَى تَقْدِيرِ الْحِنْثِ، وَحُكْمُ الظِّهَارِ حُرْمَةٌ مُؤَقَّتَةٌ إلَى غَايَةِ التَّكْفِيرِ، وَالْكَافِرُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ،، وَلِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الْكُفْرَ لَمَّا لَمْ يَمْنَعْ انْعِقَادَ الْإِيلَاءِ لِمَا بَيَّنَّا فَلَأَنْ لَا يَمْنَعَ بَقَاءَهُ أَوْلَى؛ لِأَنَّ الْبَقَاءَ أَسْهَلُ؛ وَلِأَنَّ الْإِيلَاءَ قَدْ انْعَقَدَ لِوُجُودِهِ مِنْ الْمُسْلِمِ وَالْعَارِضُ هُوَ الرِّدَّةُ.
وَأَثَرُهَا فِي زَوَالِ مِلْكِ النِّكَاحِ، وَزَوَالُ الْمِلْكِ لَا يُوجِبُ بُطْلَانَ الْيَمِينِ فَتَبْقَى الْيَمِينُ فَإِذَا عَادَ يَعُودُ حُكْمُ الْإِيلَاءِ؛ لِأَنَّ كُلَّ عَارِضٍ عَلَى أَصْلٍ يَلْتَحِقُ بِالْعَدَمِ مِنْ الْأَصْلِ إذَا ارْتَفَعَ، وَيُجْعَلُ كَأَنْ لَمْ يَكُنْ؛ وَلِأَنَّ الْإِيلَاءَ انْعَقَدَ بِيَقِينٍ وَالْعَارِضُ، وَهُوَ الرِّدَّةُ يَحْتَمِلُ الزَّوَالَ وَالتَّصَرُّفَ الشَّرْعِيَّ إذَا انْعَقَدَ بِيَقِينٍ لِاحْتِمَالِ الْفَائِدَةِ فِي الْبَقَاءِ، وَاحْتِمَالُ الْفَائِدَةِ هَهُنَا ثَابِتٌ؛ لِأَنَّ رَجَاءَ الْإِسْلَامِ قَائِمٌ وَالظِّهَارُ قَدْ انْعَقَدَ مُوجِبًا حُكْمَهُ، وَهُوَ الْحُرْمَةُ الْمُؤَقَّتَةُ لِصُدُورِهِ مِنْ الْمُسْلِمِ، وَبِالرِّدَّةِ زَالَتْ صِفَةُ الْحُكْمِ، وَبَقِيَ الْأَصْلُ، وَهُوَ الْحُرْمَةُ إذْ الْكَافِرُ مِنْ أَهْلِ ثُبُوتِ الْحُرْمَةِ، وَبَقَائِهَا فِي حَقِّهِ؛؛ لِأَنَّ حُكْمَ الْحُرْمَةِ وُجُوبُ الِامْتِنَاعِ، وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى الِامْتِنَاعِ بِخِلَافِ الْقُرْبَةِ، وَلِهَذَا خُوطِبَ بِالْحُرُمَاتِ دُونَ الْقُرُبَاتِ وَالطَّاعَاتِ عَلَى مَا عُرِفَ فِي أُصُولِ الْفِقْهِ وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ.

[فَصْلٌ فِي حُكْمِ الْإِيلَاءِ]
(فَصْلٌ) :
وَأَمَّا حُكْمُ الْإِيلَاءِ فَنَقُولُ - وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ - إنَّهُ يَتَعَلَّقُ بِالْإِيلَاءِ حُكْمَانِ: حُكْمُ الْحِنْثِ، وَحُكْمُ الْبِرِّ، أَمَّا حُكْمُ الْحِنْثِ فَيَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْمَحْلُوفِ بِهِ: فَإِنْ كَانَ الْحَلِفُ بِاَللَّهِ تَعَالَى فَهُوَ وُجُوبُ كَفَّارَةِ الْيَمِينِ كَسَائِرِ الْأَيْمَانِ بِاَللَّهِ، وَإِنْ كَانَ الْحَلِفُ بِالشَّرْطِ وَالْجَزَاءِ فَلُزُومُ الْمَحْلُوفِ بِهِ كَسَائِرِ الْأَيْمَانِ بِالشُّرُوطِ وَالْأَجْزِيَةِ أَوْ لُزُومُ حُكْمِهِ عَلَى تَقْدِيرِ وُجُودِهِ عَلَى مَا بَيَّنَّا.
وَأَمَّا حُكْمُ الْبِرِّ فَالْكَلَامُ فِيهِ فِي مَوَاضِعَ فِي بَيَانِ أَصْلِ الْحُكْمِ، وَفِي بَيَانِ وَصْفِهِ، وَفِي بَيَانِ وَقْتِهِ، وَفِي بَيَانِ قَدْرِهِ، أَمَّا أَصْلُ الْحُكْمِ فَهُوَ

نام کتاب : بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع نویسنده : الكاساني، علاء الدين    جلد : 3  صفحه : 175
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست