responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع نویسنده : الكاساني، علاء الدين    جلد : 3  صفحه : 102
زَوْجِهَا الْأَوَّلِ، فَالنِّيَّةُ صَادَفَتْ مَحَلَّهَا فَصُدِّقَ فِي الْقَضَاءِ، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا زَوْجٌ قَبْلَهُ لَا يُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ مُطَلَّقَةَ غَيْرِهِ فَانْصَرَفَ الْوَصْفُ إلَى كَوْنِهَا مُطَلَّقَةً لَهُ، وَلَوْ قَالَ لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ طَالِقٌ أَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ أَنْتِ طَالِقٌ أَوْ قَالَ: قَدْ طَلَّقْتُكِ قَدْ طَلَّقْتُكِ، أَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ قَدْ طَلَّقْتُكِ يَقَعُ ثِنْتَانِ إذَا كَانَتْ الْمَرْأَةُ مَدْخُولًا بِهَا؛ لِأَنَّهُ ذَكَرَ جُمْلَتَيْنِ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا إيقَاعٌ تَامٌّ لِكَوْنِهِ مُبْتَدَأً وَخَبَرًا، وَالْمَحَلُّ قَابِلٌ لِلْوُقُوعِ، وَلَوْ قَالَ: عَنَيْتُ بِالثَّانِي الْإِخْبَارَ عَنْ الْأَوَّلِ لَمْ يُصَدَّقْ فِي الْقَضَاءِ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْأَلْفَاظَ فِي عُرْفِ اللُّغَةِ وَالشَّرْعِ تُسْتَعْمَلُ فِي إنْشَاءِ الطَّلَاقِ فَصَرْفُهَا إلَى الْإِخْبَارِ يَكُونُ عُدُولًا عَنْ الظَّاهِرِ، فَلَا يُصَدَّقُ فِي الْحُكْمِ وَيُصَدَّقُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى؛ لِأَنَّ صِيغَتَهَا صِيغَةُ الْإِخْبَارِ، وَلَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: مَا قُلْتَ؟ فَقَالَ: طَلَّقْتُهَا أَوْ قَالَ قُلْتُ: هِيَ طَالِقٌ فَهِيَ وَاحِدَةٌ فِي الْقَضَاءِ؛ لِأَنَّ كَلَامَهُ انْصَرَفَ إلَى الْإِخْبَارِ بِقَرِينَةِ الِاسْتِخْبَارِ.
وَأَمَّا الطَّلَاقُ بِالْفَارِسِيَّةِ فَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّهُ قَالَ فِي فَارِسِيٍّ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: بهشتم إنْ زن، أَوْ قَالَ: إنْ زن بهشتم، أَوْ قَالَ: بهشتم لَا يَكُونُ ذَلِكَ طَلَاقًا إلَّا أَنْ يَنْوِيَ بِهِ الطَّلَاقَ؛ لِأَنَّ مَعْنَى هَذَا اللَّفْظِ بِالْعَرَبِيَّةِ خَلَّيْتُ، وَقَوْلُهُ: خَلَّيْتُ مِنْ كِنَايَاتِ الطَّلَاقِ بِالْعَرَبِيَّةِ، فَكَذَا هَذَا اللَّفْظُ إلَّا أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ فَرَّقَ بَيْنَ اللَّفْظَيْنِ مِنْ وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا أَنَّهُ قَالَ: إذَا نَوَى الطَّلَاقَ بِقَوْلِهِ: خَلَّيْتُ يَقَعُ بَائِنًا، وَإِذَا نَوَى الطَّلَاقَ بِهَذِهِ اللَّفْظَةِ يَقَعُ رَجْعِيًّا؛ لِأَنَّ هَذَا اللَّفْظَ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ صَرِيحًا فِي لُغَتِهِمْ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ كِنَايَةً فَلَا تَثْبُتُ الْبَيْنُونَةُ بِالشَّكِّ.
وَالثَّانِي قَالَ: إنَّ قَوْلَهُ: خَلَّيْتُ فِي حَالِ الْغَضَبِ وَفِي حَالِ مُذَاكَرَةِ الطَّلَاقِ يَكُونُ طَلَاقًا حَتَّى لَا يُدَيَّنَ فِي قَوْلِهِ إنَّهُ مَا أَرَادَ بِهِ الطَّلَاقَ، وَهَذَا اللَّفْظُ فِي هَاتَيْنِ الْحَالَتَيْنِ لَا يَكُونُ طَلَاقًا حَتَّى لَوْ قَالَ: مَا أَرَدْتُ بِهِ الطَّلَاقَ يُدَيَّنُ فِي الْقَضَاءِ؛ لِأَنَّ هَذَا اللَّفْظَ أُقِيمَ مَقَامَ التَّخْلِيَةِ فَكَانَ أَضْعَفَ مِنْ التَّخْلِيَةِ فَلَا تَعْمَلُ فِيهِ دَلَالَةُ الْحَالِ، وَلَمْ يُفَرَّقْ بَيْنَهُمَا فِيمَا سِوَى ذَلِكَ حَتَّى قَالَ: إنْ نَوَى بَائِنًا يَكُونُ بَائِنًا وَإِنْ نَوَى ثَلَاثًا يَكُونُ ثَلَاثًا كَمَا لَوْ قَالَ: خَلَّيْتُ وَنَوَى الْبَائِنَ أَوْ الثَّلَاثَ وَلَوْ نَوَى ثِنْتَيْنِ يَكُونُ وَاحِدَةً، كَمَا فِي قَوْلِهِ: خَلَّيْتُ إلَّا أَنَّ هَهُنَا يَكُونُ وَاحِدَةً يَمْلِكُ الرَّجْعَةَ بِخِلَافِ لَفْظَةِ التَّخْلِيَةِ لِمَا بَيَّنَّا.
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: إذَا قَالَ: بهشتم إنْ زن، أَوْ قَالَ: إنْ زن بهشتم هِيَ طَالِقٌ نَوَى الطَّلَاقَ أَوْ لَمْ يَنْوِ وَيَكُونُ تَطْلِيقَةً رَجْعِيَّةً؛ لِأَنَّ أَبَا يُوسُفَ خَالَطَ الْعَجَمَ وَدَخَلَ جُرْجَانَ فَعَرَفَ أَنَّ هَذَا اللَّفْظَ فِي لُغَتِهِمْ صَرِيحٌ قَالَ: وَإِنْ قَالَ: بهشتم، وَلَمْ يَقُلْ: إنْ زن، فَإِنْ قَالَ: ذَلِكَ فِي حَالِ سُؤَالِ الطَّلَاقِ أَوْ فِي حَالِ الْغَضَبِ فَهِيَ وَاحِدَةٌ يَمْلِكُ الرَّجْعَةَ وَلَا يُدَيَّنُ إنَّهُ مَا أَرَادَ بِهِ الطَّلَاقَ فِي الْقَضَاءِ، وَإِنْ قَالَ فِي غَيْرِ حَالِ الْغَضَبِ وَمُذَاكَرَةِ الطَّلَاقِ يُدَيَّنُ فِي الْقَضَاءِ؛ لِأَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِمْ بهشتم خَلَّيْتُ، وَلَيْسَ فِي قَوْلِهِ: خَلَّيْتُ إضَافَةٌ إلَى النِّكَاحِ وَلَا إلَى الزَّوْجَةِ فَلَا يُحْمَلُ عَلَى الطَّلَاقِ إلَّا بِقَرِينَةِ نِيَّةٍ أَوْ بِدَلَالَةِ حَالٍ، وَحَالُ الْغَضَبِ وَمُذَاكَرَةِ الطَّلَاقِ دَلِيلُ إرَادَةِ الطَّلَاقِ ظَاهِرًا فَلَا يُصَدَّقُ فِي الصَّرْفِ عَنْ الظَّاهِرِ قَالَ: وَإِنْ نَوَى بَائِنًا فَبَائِنٌ.
وَإِنْ نَوَى ثَلَاثًا فَثَلَاثٌ؛ لِأَنَّ هَذَا اللَّفْظَ وَإِنْ كَانَ صَرِيحًا فِي الْفَارِسِيَّةِ فَمَعْنَاهُ التَّخْلِيَةُ فِي الْعَرَبِيَّةِ فَكَانَ مُحْتَمِلًا لِلْبَيْنُونَةِ وَالثَّلَاثِ كَلَفْظَةِ التَّخْلِيَةِ فَجَازَ أَنْ يُحْمَلَ عَلَيْهِ بِالنِّيَّةِ.
وَقَالَ مُحَمَّدٌ - فِي قَوْلِهِ: بهشتم إنْ زن، أَوْ إنْ زن بهشتم - إنَّ هَذَا صَرِيحُ الطَّلَاقِ كَمَا قَالَ أَبُو يُوسُفَ.
وَقَالَ - فِي قَوْلِهِ: بهشتم إنَّهُ - إنْ كَانَ فِي حَالِ مُذَاكَرَةِ الطَّلَاقِ فَكَذَلِكَ وَلَا يُدَيَّنُ؛ إنَّهُ مَا أَرَادَ بِهِ الطَّلَاقَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي حَالِ مُذَاكَرَةِ الطَّلَاقِ يُدَيَّنُ، سَوَاءٌ كَانَ فِي حَالِ الْغَضَبِ أَوْ الرِّضَا؛ لِأَنَّ مَعْنَى هَذَا اللَّفْظِ بِالْعَرَبِيَّةِ: أَنْتِ مُخَلَّاةٌ أَوْ قَدْ خَلَّيْتُكِ.
وَقَالَ زُفَرُ: إذَا قَالَ بهشتم وَنَوَى الطَّلَاقَ بَائِنًا أَوْ غَيْرَ بَائِنٍ فَهُوَ بَائِنٌ وَإِنْ نَوَى ثَلَاثًا فَثَلَاثٌ وَإِنْ نَوَى اثْنَتَيْنِ فَاثْنَتَانِ وَأُجْرِي هَذِهِ اللَّفْظَةُ مَجْرَى قَوْلِهِ: خَلَّيْتُ، وَلَوْ قَالَ: خَلَّيْتُكِ وَنَوَى الطَّلَاقَ فَهِيَ وَاحِدَةٌ بَائِنَةٌ نَوَى الْبَيْنُونَةَ أَوْ لَمْ يَنْوِ، وَإِنْ نَوَى ثَلَاثًا يَكُونُ ثَلَاثًا، وَإِنْ نَوَى اثْنَتَيْنِ يَكُونُ اثْنَتَيْنِ عَلَى أَصْلِهِ فَكَذَا هَذَا.
هَذَا مَا نُقِلَ عَنْ أَصْحَابِنَا فِي الطَّلَاقِ بِالْفَارِسِيَّةِ، وَالْأَصْلُ الَّذِي عَلَيْهِ الْفَتْوَى فِي زَمَانِنَا هَذَا فِي الطَّلَاقِ بِالْفَارِسِيَّةِ أَنَّهُ إنْ كَانَ فِيهَا لَفْظٌ لَا يُسْتَعْمَلُ إلَّا فِي الطَّلَاقِ فَذَلِكَ اللَّفْظُ صَرِيحٌ يَقَعُ بِهِ الطَّلَاقُ مِنْ غَيْرِ نِيَّةٍ إذَا أُضِيفَ إلَى الْمَرْأَةِ، مِثْلُ أَنْ يَقُولَ فِي عُرْفِ دِيَارِنَا: دها كنم أَوْ فِي عُرْفِ خُرَاسَانَ وَالْعِرَاقِ بهشتم؛ لِأَنَّ الصَّرِيحَ لَا يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ اللُّغَاتِ وَمَا كَانَ فِي الْفَارِسِيَّةِ مِنْ الْأَلْفَاظِ مَا يُسْتَعْمَلُ فِي الطَّلَاقِ وَفِي غَيْرِهِ فَهُوَ مِنْ كِنَايَاتِ الْفَارِسِيَّةِ فَيَكُونُ حُكْمُهُ حُكْمَ كِنَايَاتِ الْعَرَبِيَّةِ فِي جَمِيعِ الْأَحْكَامِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَلَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ وَنَوَى بِهِ الْإِبَانَةَ فَقَدْ لَغَتْ نِيَّتُهُ؛ لِأَنَّهُ نَوَى تَغْيِيرَ الشَّرْعِ لِأَنَّ الشَّرْعَ أَثْبَتَ

نام کتاب : بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع نویسنده : الكاساني، علاء الدين    جلد : 3  صفحه : 102
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست