responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المبسوط نویسنده : السرخسي    جلد : 9  صفحه : 158
الْعَبْدِ، وَلَا يَدْخُلُ عَلَيْهِ الدِّيَةُ مَعَ الْكَفَّارَةِ؛ لِأَنَّ الْكَفَّارَةَ لَيْسَتْ بِعُقُوبَةٍ تَنْدَرِئُ بِالشُّبُهَاتِ، وَلِأَنَّهَا جَزَاءُ الْفِعْلِ مِنْ غَيْرِ اعْتِبَارِ وَصْفِ الْمَحَلِّ فَيَبْقَى الْمَحَلُّ مُحْتَرَمًا لِحَقِّ الْعَبْدِ، وَوُجُوبُ الْكَفَّارَةِ لَا يَسْتَدْعِي فِعْلًا هُوَ حَرَامُ الْعَيْنِ، أَلَا تَرَى أَنَّهَا تَجِبُ فِي الْخَطَأِ؟ وَكَذَلِكَ الْجَزَاءُ مَعَ الْقِيمَةِ فِي الصَّيْدِ الْمَمْلُوكِ، فَإِنَّهُ لَا مُعْتَبَرَ بِالْمَالِيَّةِ وَالتَّقَوُّمِ فِي إيجَابِ الْجَزَاءِ، وَلِهَذَا يَجِبُ الْجَزَاءُ بِقَتْلِ صَيْدِ نَفْسِهِ وَالْكَفَّارَةُ بِقَتْلِ عَبْدِ نَفْسِهِ، وَكَذَلِكَ فِي شُرْبِ الْخَمْرِ لَا مُعْتَبَرَ بِالْمَالِيَّةِ وَالتَّقَوُّمِ فِي إيجَابِ الْحَدِّ، وَلِهَذَا يَجِبُ الْحَدُّ عَلَى مَنْ شَرِبَ خَمْرَ نَفْسِهِ فَبَقِيَتْ الْمَالِيَّةُ وَالتَّقَوُّمُ فِي الْمَحَلِّ حَقًّا لِلذِّمِّيِّ؛ لِأَنَّ مَعَ بَقَائِهِ الْفِعْلَ مُحَرَّمَ الْعَيْنِ بِمَا حَدَثَ مِنْ صِفَةِ الْخَمْرِ فِي الْمَحَلِّ، وَلَا يَدْخُلُ عَلَى هَذَا الْمِلْكِ، فَإِنَّهُ يَبْقَى لِلْمَسْرُوقِ مِنْهُ حَتَّى يَرُدَّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ وُجُوبَ الْقَطْعِ بِاعْتِبَارِ الْمَالِيَّةِ وَالتَّقَوُّمِ فِي الْمَحَلِّ.
فَأَمَّا الْمِلْكُ صِفَةُ الْمَالِكِ وَالْفِعْلُ يَكُونُ مُحَرَّمَ الْعَيْنِ مَعَ بَقَاءِ الْمِلْكِ، أَلَا تَرَى أَنَّ فِعْلَهُ فِي شُرْبِ خَمْرِ نَفْسِهِ يَكُونُ مُحَرَّمَ الْعَيْنِ مَعَ بَقَاءِ الْمِلْكِ؟ وَلَيْسَ مِنْ ضَرُورَةِ انْعِدَامِ الْمَالِيَّةِ وَالتَّقَوُّمِ فِي حَقِّهِ انْعِدَامُ الْمِلْكِ كَالشَّاةِ إذَا مَاتَتْ بَقِيَ مِلْكُ صَاحِبِهَا فِي جِلْدِهَا وَإِنْ لَمْ تَبْقَ الْمَالِيَّةُ وَالتَّقَوُّمُ، وَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ الْمَالِيَّةَ وَالتَّقَوُّمَ صَارَا حَقًّا لِلَّهِ تَعَالَى خَالِصًا، فَلَوْ وَجَبَ الضَّمَانُ إنَّمَا يَجِبُ لِلَّهِ تَعَالَى، وَقَدْ وَجَبَ الْقَطْعُ لِلَّهِ تَعَالَى.
وَلَا يُجْمَعُ بَيْنَ الْحَقَّيْنِ لِمُسْتَحَقٍّ وَاحِدٍ كَالْقِصَاصِ مَعَ الدِّيَةِ، ثُمَّ رَوَى أَبُو يُوسُفَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى أَنَّهُ لَا يَجِبُ الضَّمَانُ عَلَى السَّارِقِ إذَا تَلِفَ الْمَالُ فِي يَدِهِ أَوْ أَتْلَفَهُ وَرَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى أَنَّهُ يَضْمَنُ إذَا أَتْلَفَهُ؛ لِأَنَّ انْعِدَامَ الْمَالِيَّةِ وَالتَّقَوُّمِ حَقًّا لِلْعَبْدِ إنَّمَا كَانَ فِي فِعْلِ السَّرِقَةِ لَا فِيمَا سِوَاهُ، أَلَا تَرَى أَنَّ بَيْعَ الْمَسْرُوقِ مِنْهُ، وَهِبَتَهُ الْعَيْنَ مِنْ السَّارِقِ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ صَحِيحٌ؟ وَالْإِتْلَافُ فِعْلُ آخَرَ فَلَا يَظْهَرُ حُكْمُ الْمَالِيَّةِ وَالتَّقَوُّمِ حَقًّا لِلَّهِ تَعَالَى فِي هَذَا الْفِعْلِ حَتَّى يَجِبَ الضَّمَانُ عَلَى الْمُتْلِفِ، كَمَا لَوْ أَتْلَفَهُ غَيْرُهُ، وَهَذَا؛ لِأَنَّ الْعَيْنَ بَاقٍ عَلَى مِلْكِ صَاحِبِهِ بَعْدَ الْقَطْعِ، فَأَمَّا أَنْ يَكُونَ أَمَانَةً أَوْ مَضْمُونًا وَكَيْفَ مَا كَانَ فَهُوَ مَضْمُونٌ بِالْإِتْلَافِ.
وَجْهُ رِوَايَةِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ الْإِتْلَافَ إتْمَامٌ لِلْمَقْصُودِ بِالسَّرِقَةِ فَكَمَا لَا تَبْقَى الْمَالِيَّةُ وَالتَّقَوُّمُ حَقًّا لِلْعَبْدِ فِي أَصْلِ السَّرِقَةِ بَعْدَ الْقَطْعِ، فَكَذَلِكَ فِيمَا يَكُونُ إتْمَامًا لِلْمَقْصُودِ بِهِ بِخِلَافِ بَيْعِ الْمَسْرُوقِ مِنْهُ وَهِبَتُهُ، فَإِنَّهُ لَيْسَ بِإِتْمَامٍ لِلْمَقْصُودِ بِالسَّرِقَةِ بَلْ هُوَ تَصَرُّفٌ آخَرُ ابْتِدَاءً، وَرَوَى هِشَامٌ عَنْ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى أَنَّ السَّارِقَ لَا يَضْمَنُ فِي الْحُكْمِ، فَأَمَّا فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى يُفْتَى بِأَدَاءِ الضَّمَانِ؛ لِأَنَّ الْمَسْرُوقَ مِنْهُ قَدْ لَحِقَهُ النُّقْصَانُ وَالْخُسْرَانُ مِنْ جِهَتِهِ بِسَبَبٍ هُوَ مُتَعَدٍّ فِيهِ، وَلَكِنْ تَعَذَّرَ عَلَى الْقَاضِي الْقَضَاءُ بِالضَّمَانِ لَمَّا اعْتَبَرَ الْمَالِيَّةَ وَالتَّقَوُّمَ فِي

نام کتاب : المبسوط نویسنده : السرخسي    جلد : 9  صفحه : 158
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست