responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المبسوط نویسنده : السرخسي    جلد : 9  صفحه : 157
وَالضَّمَانُ لِلذِّمِّيِّ.
(وَحُجَّتُنَا) فِيهِ قَوْلُهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى {جَزَاءً بِمَا كَسَبَا} [المائدة: 38]، فَقَدْ نَصَّ عَلَى أَنَّ الْقَطْعَ جَمِيعُ مُوجِبِ فِعْلِهِ لِمَا بَيَّنَّا أَنَّ فِي لَفْظِ الْجَزَاءِ إشَارَةً إلَى الْكَمَالِ، فَلَوْ أَوْجَبْنَا الضَّمَانَ مَعَهُ لَمْ يَكُنْ الْقَطْعُ جَمِيعَ مُوجِبِ الْفِعْلِ فَكَانَ نَسْخًا لِمَا هُوَ ثَابِتٌ بِالنَّصِّ، وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لَا غُرْمَ عَلَى السَّارِقِ بَعْدَ مَا قُطِعَتْ يَدُهُ»، وَفِي رِوَايَةٍ «لَا غُرْمَ عَلَى السَّارِقِ فِيمَا قُطِعَتْ يَمِينُهُ فِيهِ»، وَفِي رِوَايَةٍ «إذَا قُطِعَتْ يَدُ السَّارِقِ لَمْ يَغْرَمْ» وَالْمَعْنَى فِيهِ أَنَّ الْقَطْعَ عُقُوبَةٌ تَنْدَرِئُ بِالشُّبُهَاتِ، وَالضَّمَانُ غَرَامَةٌ تَثْبُتُ مَعَ الشُّبُهَاتِ فَلَا يُجْمَعُ بَيْنَهُمَا بِسَبَبِ فِعْلٍ وَاحِدٍ كَالْقِصَاصِ مَعَ الدِّيَةِ وَتَأْثِيرُهُ، وَهُوَ أَنَّ الْفِعْلَ الْوَاحِدَ صَارَ بِكَمَالِهِ مُعْتَبَرًا فِي حَقِّ مَا يَنْدَرِئُ بِالشُّبُهَاتِ فَلَا يَبْقَى شَيْءٌ مِنْهُ لِيُعْتَبَرَ فِي حُكْمِ الضَّمَانِ وَبِدُونِ الْفِعْلِ لَا يَجِبُ الضَّمَانُ، وَلَا مَعْنَى لِمَا قَالَ الْمَوْجُودُ مِنْهُ فِعْلَانِ الْأَخْذُ وَالْإِخْرَاجُ؛ لِأَنَّ الْإِخْرَاجَ تَتْمِيمٌ لِمَا هُوَ الْمَقْصُودُ بِالْأَخْذِ فَلَا يَأْخُذُ حُكْمَ فِعْلٍ آخَرَ وَالْإِخْرَاجُ بِدُونِ الْأَخْذِ لَا يَتَحَقَّقُ وَالْخِلَافُ ثَابِتٌ فِيمَا إذَا سَرَقَ الثَّوْبَ مِنْ تَحْتِ رَأْسِ نَائِمٍ وَالْأَخْذُ وَالْإِخْرَاجُ هُنَا حَصَلَ بِفِعْلِ وَاحِدٍ ثُمَّ الْفِعْلُ، وَإِنْ تَعَدَّدَ صُورَةً فَالْوُجُوبُ بِاعْتِبَارِ حُرْمَةِ الْمَحَلِّ، وَهُوَ بِالسَّرِقَةِ مَا هَتَكَ إلَّا حُرْمَةً وَاحِدَةً هِيَ مِنْ خَالِصِ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى، وَبَيَانُ ذَلِكَ أَنَّ الْقَطْعَ لَا يَجِبُ إلَّا بِسَرِقَةِ مَالٍ مُتَقَوِّمٍ مُحْرَزٍ وَالْقَطْعُ خَالِصُ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى فَلَا يَجِبُ إلَّا بِاعْتِبَارِ جَعْلِ مَا يَجِبُ بِهِ الْقَطْعُ لِلَّهِ تَعَالَى؛ لِأَنَّ مَا يَجِبُ بِاعْتِبَارِ مَا هُوَ حَقُّ الْعَبْدِ يَكُونُ لِلْعَبْدِ عُقُوبَةً كَانَتْ أَوْ غَرَامَةً كَالْقِصَاصِ، وَلَمَّا وَجَبَ الْقَطْعُ لِلَّهِ تَعَالَى عَرَفْنَا أَنَّهُ يَجِبُ بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ صَارَ لِلَّهِ تَعَالَى.
وَإِذَا صَارَتْ الْمَالِيَّةُ وَالتَّقَوُّمُ فِي هَذَا الْمَحَلِّ لِلَّهِ تَعَالَى لَمْ يَبْقَ لِلْعَبْدِ فَالْتَحَقَ فِي حَقِّ الْعَبْدِ بِمَا لَا قِيمَةَ لَهُ، وَلَكِنَّ هَذَا لَا يُتَصَوَّرُ إلَّا بِاسْتِيفَاءِ الْقَطْعِ؛ لِأَنَّ مَا يَجِبُ لِلَّهِ تَعَالَى فَتَمَامُهُ بِالِاسْتِيفَاءِ فَكَانَ حُكْمُ الْأَخْذِ مُرَاعًى إنْ اسْتَوْفَى بِهِ الْقَطْعَ تَبَيَّنَ أَنَّ حُرْمَةَ الْمَحَلِّ فِي ذَلِكَ الْفِعْلِ كَانَ لِلَّهِ تَعَالَى فَلَا يَجِبُ الضَّمَانُ لِلْعَبْدِ، وَإِنْ تَعَذَّرَ اسْتِيفَاءُ الْقَطْعِ تَبَيَّنَ أَنَّ حُرْمَةَ الْمَالِيَّةِ وَالتَّقَوُّمِ كَانَ لِلْعَبْدِ فَيَجِبُ الضَّمَانُ لَهُ تَوْضِيحُهُ أَنَّ الْعُقُوبَةَ الَّتِي تَنْدَرِئُ بِالشُّبُهَاتِ لَا تَجِبُ إلَّا بِفِعْلِ حَرَامٍ لِعَيْنِهِ، وَإِنَّمَا يَكُونُ فِعْلُ السَّارِقِ حَرَامًا لِعَيْنِهِ إذَا لَمْ يَبْقَ الْمَحَلُّ مُحْتَرَمًا لَحِقَ الْعَبْدِ، فَأَمَّا إذَا كَانَتْ حُرْمَةُ الْمَالِيَّةِ وَالتَّقَوُّمِ لِحَقِّ الْعَبْدِ فَأَخْذُهُ حَرَامٌ لِغَيْرِهِ، وَهُوَ حَقُّ الْمَالِكِ وَمِثْلُ هَذَا الْفِعْلِ لَا يُوجِبُ الْعُقُوبَةَ كَشُرْبِ عَصِيرِ الْغَيْرِ إنَّمَا الْمُوجِبُ لِلْعُقُوبَةِ فِعْلٌ هُوَ حَرَامٌ لِعَيْنِهِ كَشُرْبِ الْخَمْرِ، وَلَا يَتَحَقَّقُ ذَلِكَ إلَّا بِجَعْلِ الْمَالِيَّةِ وَالتَّقَوُّمِ فِي هَذَا الْمَحَلِّ لِلَّهِ تَعَالَى خَالِصًا، وَإِذَا صَارَ لِلَّهِ تَعَالَى لَمْ يَبْقَ لِلْعَبْدِ كَالْعَصِيرِ إذَا تَخَمَّرَ لَمْ يَبْقَ فِيهِ الْمَالِيَّةُ وَالتَّقَوُّمُ لِحَقِّ

نام کتاب : المبسوط نویسنده : السرخسي    جلد : 9  صفحه : 157
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست