responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المبسوط نویسنده : السرخسي    جلد : 5  صفحه : 96
وَشَرْعًا النَّسْلُ، وَهَذِهِ الْعُيُوبُ تُخِلُّ بِهَذَا الْمَقْصُودِ أَمَّا الرَّتْقُ وَالْقَرَنُ يُفَوِّتُهُ أَصْلًا، وَأَمَّا الْجُنُونُ وَالْجُذَامُ، وَالْبَرَصُ يُخِلُّ بِهِ مِنْ حَيْثُ إنَّ الطَّبْعَ يَنْفِرُ مِنْ صُحْبَةِ مِثْلِهَا، وَرُبَّمَا تَعَدَّى إلَى الْوَلَدِ بِخِلَافِ سَائِرِ الْعُيُوبِ مِنْ الْعَمَى، وَالشَّلَلِ فَإِنَّهُ لَا يُخِلُّ بِالْمَقْصُودِ، وَأَحَدُ الْعِوَضَيْنِ فِي هَذَا الْعَقْدِ، وَهُوَ الْمَهْرُ عِنْدَكُمْ يُرَدُّ بِالْعَيْبِ الْفَاحِشِ دُونَ الْيَسِيرِ فَكَذَلِكَ الْعِوَضُ الْآخَرُ، وَكَذَلِكَ الْمَرْأَةُ إذَا وَجَدَتْ زَوْجَهَا عِنِّينًا أَوْ مَجْبُوبًا يَثْبُتُ لَهَا الْخِيَارُ، وَلَا يَثْبُتُ فِي سَائِرِ الْعُيُوبِ فَكَذَا فِي حَقِّ الزَّوْجِ؛ لِأَنَّهُمَا فِي حُكْمِ هَذَا الْعَقْدِ سَوَاءٌ، وَإِذَا كَانَ الْعَيْبُ الَّذِي يُخِلُّ بِالْمَقْصُودِ فِي جَانِبِ الزَّوْجِ يُثْبِتُ لَهُ الْخِيَارَ دُونَ الَّذِي لَا يُخِلُّ بِالْمَقْصُودِ، فَكَذَلِكَ فِي جَانِبِهَا، وَالزَّوْجُ وَإِنْ كَانَ مُتَمَكِّنًا مِنْ الطَّلَاقِ فَهُوَ مُحْتَاجٌ إلَى إثْبَاتِ الْخِيَارِ لَهُ؛ لِيُسْقَطَ بِهِ الْمَهْرَ عَنْ نَفْسِهِ كَمَا قُلْتُمْ فِي الصَّغِيرِ إذَا بَلَغَ، وَقَدْ زَوَّجَهُ عَمُّهُ يَثْبُتُ لَهُ الْخِيَارُ، وَإِنْ كَانَ مُتَمَكِّنًا مِنْ الطَّلَاقِ، وَحُجَّتُنَا فِي ذَلِكَ قَوْلُ ابْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَا تُرَدُّ الْحُرَّةُ عَنْ عَيْبٍ، وَعَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: إذَا وَجَدَ بِامْرَأَتِهِ شَيْئًا مِنْ هَذِهِ الْعُيُوبِ فَالنِّكَاحُ لَازِمٌ لَهُ إنْ شَاءَ طَلَّقَ وَإِنْ شَاءَ أَمْسَكَ، وَمَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ أَثْبَتَ الْخِيَارَ فَالْمُرَادُ خِيَارُ الطَّلَاقِ، وَكَذَلِكَ مَا رُوِيَ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ رَدَّهَا أَيْ رَدَّهَا بِالطَّلَاقِ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ قَالَ: الْحَقِي بِأَهْلِك، وَهَذَا مِنْ كِنَايَاتِ الطَّلَاقِ، وَاَلَّذِي قَالَ: «فِرَّ مِنْ الْمَجْذُومِ فِرَارَك مِنْ الْأَسَدِ» قُلْنَا: نَحْنُ نُمَكِّنُهُ مِنْ الْفِرَارِ، وَلَكِنْ بِالطَّلَاقِ.
وَالْمَعْنَى فِيهِ: أَنَّ الرَّدَّ بِالْعَيْبِ فَسْخُ الْعَقْدِ بَعْدَ تَمَامِهِ بِلَا خَلَلٍ فِي وِلَايَةِ الْمَحَلِّ، وَالنِّكَاحُ لَا يَتَحَمَّلُ هَذَا النَّوْعَ مِنْ الْفَسْخِ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَا يَتَحَمَّلُ الْفَسْخَ بِالْإِقَالَةِ؛ وَهَذَا لِأَنَّ مِلْكَ النِّكَاحِ مِلْكٌ ضَرُورِيٌّ لَا يَظْهَرُ فِي حَقِّ النَّقْلِ إلَى الْغَيْرِ، وَلَا فِي حَقِّ الِانْتِقَالِ إلَى الْوَرَثَةِ، وَإِنَّمَا أَظْهَرَهُ الشَّرْعُ فِي حَقِّ الطَّلَاقِ لِلتَّقَصِّي عَنْ عُهْدَةِ النِّكَاحِ عِنْدَ عَدَمِ مُوَافَقَةِ الْأَخْلَاقِ، وَهَذَا لَا يَقْتَضِي ظُهُورَهُ فِي حَقِّ الْفَسْخِ بَعْدَ تَمَامِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا ضَرُورَةَ فِيهِ فَكَانَ فِي هَذَا الْفَسْخِ بِمَنْزِلَةِ الْإِسْقَاطَاتِ كَالطَّلَاقِ، وَالْعَتَاقِ بِخِلَافِ الْفَسْخِ بِعَدَمِ الْكَفَاءَةِ أَوْ بِخِيَارِ الْبُلُوغِ فَإِنَّهُ فَسْخٌ قَبْلَ تَمَامِهِ لِخَلَلٍ فِي وِلَايَةِ الْمَحَلِّ، فَيَكُونُ فِي مَعْنَى الِامْتِنَاعِ مِنْ تَمَامِهِ، وَكَذَلِكَ الْفَسْخُ بِخِيَارِ الْعِتْقِ فَإِنَّهُ امْتِنَاعٌ مِنْ الْتِزَامِ زِيَادَةِ الْمِلْكِ عَلَى مَا نُبَيِّنُهُ فِي مَوْضِعِهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى؛ وَلِأَنَّ هَذِهِ الْعُيُوبَ لَا تُخِلُّ بِمُوجِبِ الْعَقْدِ، وَهُوَ الْحِلُّ فَلَا يَثْبُتُ خِيَارُ الْفَسْخِ كَالْعَمَى، وَالشَّلَلِ وَالزَّمَانَةِ، فَإِنَّ الِاسْتِيفَاءَ ثَمَرَةٌ، وَفَوَاتُ الثَّمَرَةِ لَا يُؤَثِّرُ فِي عَقْدِ النِّكَاحِ، أَلَا تَرَى أَنَّ الِاسْتِيفَاءَ يَفُوتُ بِمَوْتِ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ، وَلَا يُوجِبُ ذَلِكَ انْفِسَاخَ النِّكَاحِ حَتَّى لَا يَسْقُطَ شَيْءٌ مِنْ الْمَهْرِ، وَعَيْبُ الْجُنُونِ وَالْجُذَامِ فِيمَا هُوَ الْمَقْصُودُ دُونَ الْمَوْتِ

نام کتاب : المبسوط نویسنده : السرخسي    جلد : 5  صفحه : 96
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست