responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المبسوط نویسنده : السرخسي    جلد : 5  صفحه : 95
وَالْعَتَاقَ مِنْ الْمُكْرَهِ وَصَحَّحَهُمَا مَعَ اشْتِرَاطِ الْخِيَارِ، وَحُجَّتُهُ فِي الْمَسْأَلَةِ أَنَّ اشْتِرَاطَ الْخِيَارِ فِي مَعْنَى التَّوْقِيتِ، أَلَا تَرَى أَنَّ مَا يَثْبُتُ فِيهِ الْخِيَارُ، وَهُوَ الْبَيْعُ يَتَأَخَّرُ حُكْمُ الْعَقْدِ، وَهُوَ الْمِلْكُ إلَى مَا بَعْدَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ وَيَصِيرُ الْعَقْدُ فِي حَقِّ مِلْكِهِ كَالْمُضَافِ فَكَذَلِكَ هُنَا بِاشْتِرَاطِ الْخِيَارِ يَصِيرُ النِّكَاحُ مُضَافًا، وَإِضَافَةُ النِّكَاحِ إلَى وَقْتٍ فِي الْمُسْتَقْبَلِ لَا يَجُوزُ، وَالتَّوْقِيتُ فِي النِّكَاحِ يَمْنَعُ صِحَّةَ النِّكَاحِ كَمَا لَوْ تَزَوَّجَهَا شَهْرًا، وَحُجَّتُنَا فِي ذَلِكَ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «ثَلَاثٌ جِدُّهُنَّ جِدٌّ وَهَزْلُهُنَّ جِدٌّ النِّكَاحُ وَالطَّلَاقُ وَالْعَتَاقُ»، وَالْهَزْلُ وَاشْتِرَاطُ الْخِيَارِ سَوَاءٌ؛ لِأَنَّ الْهَازِلَ قَاصِدٌ إلَى مُبَاشَرَةِ السَّبَبِ غَيْرُ رَاضٍ بِحُكْمِهِ بَلْ أَوْلَى، فَإِنَّ الْهَازِلَ غَيْرُ رَاضٍ بِالْحُكْمِ أَبَدًا، وَشَارِطُ الْخِيَارِ غَيْرُ رَاضٍ بِالْحُكْمِ فِي وَقْتٍ مَخْصُوصٍ فَإِذَا لَمْ يَمْنَعْ الْهَزْلُ تَمَامَهُ؛ فَاشْتِرَاطُ الْخِيَارِ أَوْلَى.
وَالْمَعْنَى فِيهِ: أَنَّهُ قَدْ لَا يَحْتَمِلُ الْفَسْخَ بَعْدَ تَمَامِهِ، وَلَا يَقْبَلُ خِيَارَ الشَّرْطِ، فَاشْتِرَاطُ الْخِيَارِ فِيهِ لَا يَمْنَعُ تَمَامَهُ كَالطَّلَاقِ، وَالْعَتَاقِ بِمَالٍ؛ وَهَذَا لِأَنَّ اشْتِرَاطَ الْخِيَارِ لَا يَمْنَعُ انْعِقَادَ أَصْلِ السَّبَبِ مُطْلَقًا، وَإِنَّمَا يُعْدِمُ الرِّضَا بِلُزُومِهِ كَمَا فِي الْبَيْعِ، وَمِنْ ضَرُورَةِ انْعِقَادِ النِّكَاحِ صَحِيحًا اللُّزُومُ فَاشْتِرَاطُ الْخِيَارِ فِيهِ يَكُونُ شَرْطًا فَاسِدًا، وَالنِّكَاحُ لَا يَبْطُلُ بِالشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ، وَلَا تَتَوَقَّفُ صِحَّتُهُ وَلُزُومُهُ عَلَى تَمَامِ الرِّضَا، أَلَا تَرَى أَنَّ تَمَامَ الرِّضَا إنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ الرُّؤْيَةِ كَمَا فِي الْبَيْعِ ثُمَّ عَدَمُ الرُّؤْيَةِ لَا يَمْنَعُ صِحَّةَ النِّكَاحِ وَلُزُومَهُ، حَتَّى لَا يَثْبُتَ فِيهِ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ بِخِلَافِ الْإِضَافَةِ إلَى وَقْتٍ فَإِنَّهُ يَمْنَعُ انْعِقَادَ السَّبَبِ فِي الْحَالِ، أَلَا تَرَى أَنَّ مِثْلَهُ لَا يَصِحُّ فِي الْبَيْعِ بِخِلَافِ التَّوْقِيتِ، فَإِنَّهُ يَمْنَعُ انْعِقَادَ السَّبَبِ فِيمَا وَرَاءَ الْوَقْتِ الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ، وَالنِّكَاحُ لَا يَتَحَمَّلُ الِانْعِقَادَ فِي وَقْتٍ دُونَ وَقْتٍ فَلِهَذَا بَطَلَ بِالتَّوْقِيتِ.

(قَالَ:) وَلَا يَرُدُّ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ عَنْ عَيْبٍ بِهَا، وَإِنْ فَحُشَ عِنْدَنَا، وَلَكِنَّهُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ طَلَّقَهَا، وَإِنْ شَاءَ أَمْسَكَهَا، وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَثْبُتُ لَهُ حَقُّ الرَّدِّ بِالْعُيُوبِ الْخَمْسَةِ وَهِيَ الرَّتْقُ وَالْقَرَنُ، وَالْجُنُونُ وَالْجُذَامُ وَالْبَرَصُ، فَإِذَا رَدَّهَا انْفَسَخَ الْعَقْدُ، وَلَا مَهْرَ لَهَا إنْ لَمْ يَكُنْ دَخَلَ بِهَا، وَإِنْ كَانَ دَخَلَ بِهَا قَبْلَ الْعِلْمِ بِالْعَيْبِ فَلَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا، وَيَرْجِعُ بِهِ عَلَى مَنْ زَوَّجَهَا مِنْهُ، وَحُجَّتُهُ فِي ذَلِكَ مَا رُوِيَ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَزَوَّجَ امْرَأَةً مِنْ بَنِي بَيَاضَةَ فَلَمَّا خَلَا بِهَا وَجَدَ فِي كَشْحِهَا بَيَاضًا فَرَدَّهَا، وَقَالَ: دَلَّسْتُمُونِي أَوْ قَالَ: دَلَّسْتُمْ عَلَيَّ»، وَالرَّدُّ مَتَى ذُكِرَ عَقِيبَ الْعَيْبِ يَكُونُ بِطَرِيقِ الْفَسْخِ، وَقَالَ: - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «فِرَّ مِنْ الْمَجْذُومِ فِرَارَك مِنْ الْأَسَدِ»، وَعَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ أَثْبَتَ الْخِيَارَ لِلزَّوْجِ بِهَذِهِ الْعُيُوبِ.
وَالْمَعْنَى فِيهِ: أَنَّ النِّكَاحَ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ يَتَحَمَّلُ الْفَسْخَ بِأَسْبَابٍ فَيَثْبُتُ فِيهِ حَقُّ الرَّدِّ بِعَيْبٍ يُخِلُّ بِالْمَقْصُودِ كَالْبَيْعِ، وَالْمَقْصُودُ بِالنِّكَاحِ طَبْعًا قَضَاءُ الشَّهْوَةِ

نام کتاب : المبسوط نویسنده : السرخسي    جلد : 5  صفحه : 95
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست