responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المبسوط نویسنده : السرخسي    جلد : 30  صفحه : 32
وَاحِدٍ مِنْهُمَا غَيْرَ مِلَّةِ الْآخَرِ كَالْمُسْلِمِينَ مَعَ النَّصَارَى فَإِنَّ الْمُسْلِمِينَ يُقِرُّونَ بِرِسَالَةِ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَبِالْقُرْآنِ فَكَانَتْ مِلَّتُهُمْ غَيْرَ مِلَّةِ النَّصَارَى وَبِهِ فَارَقُوا أَهْلَ الْأَهْوَاءِ؛ لِأَنَّهُمْ يَتَّفِقُونَ عَلَى الْإِقْرَارِ بِالرُّسُلِ وَالْكُتُبِ، وَإِنَّمَا الِاخْتِلَافُ بَيْنَهُمْ فِي تَأْوِيلِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ فَلَا يُوجِبُ ذَلِكَ اخْتِلَافًا فِي الْمِلَّةِ فِيمَا بَيْنَهُمْ، وَقَدْ يُوجَدُ مِثْلُ ذَلِكَ فِيمَا بَيْنَ النَّصَارَى كالنسطورية والملكانية وَالْيَعْقُوبِيَّةِ وَفِيمَا بَيْنَ الْيَهُودِ أَيْضًا كَالْفَرْعِيَّةِ وَالسَّامِرِيَّةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ.
وَأَمَّا ابْنُ أَبِي لَيْلَى، فَقَالَ: إنَّ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى اتَّفَقُوا عَلَى دَعْوَى التَّوْحِيدِ، وَإِنَّمَا اخْتَلَفَتْ نِحَلُهُمْ فِي ذَلِكَ وَاتَّفَقُوا عَلَى الْإِقْرَارِ بِنُبُوَّةِ مُوسَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَالتَّوْرَاةِ بِخِلَافِ الْمَجُوسِ فَإِنَّهُمْ لَا يَدَّعُونَ التَّوْحِيدَ، وَإِنَّمَا يَدَّعُونَ الِاثْنَيْنِ يَزْدَان وَأُهْرِمْنَ وَلَا يُقِرُّونَ بِنُبُوَّةِ مُوسَى وَلَا بِكِتَابٍ مُنَزَّلٍ وَلَا يُوَافِقُهُمْ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى عَلَى ذَلِكَ فَكَانُوا أَهْلَ مِلَّتَيْنِ وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ حِلُّ الذَّبِيحَةِ وَالْمُنَاكَحَةِ فَإِنَّ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى فِي ذَلِكَ كَشَيْءٍ وَاحِدٍ بِخِلَافِ الْمَجُوسِ وَحُجَّتُنَا فِي ذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَعَلَ الدِّينَ دِينَيْنِ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ، فَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ {لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ} [الكافرون: 6] وَجَعَلَ النَّاسَ فَرِيقَيْنِ فَقَالَ فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَهُمْ الْمُؤْمِنُونَ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ، وَهُمْ الْكُفَّارُ بِأَجْمَعِهِمْ وَجَعَلَ الْخَصْمَ خَصْمَيْنِ، فَقَالَ جَلَّ جَلَالُهُ {هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ} [الحج: 19] يَعْنِي الْكُفَّارَ أَجْمَعَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ أَنَّا نُسَلِّمُ أَنَّهُمْ فِيمَا بَيْنَهُمْ أَهْلُ مِلَلٍ فِيمَا يَعْتَقِدُونَ وَلَكِنْ عِنْدَ مُقَابَلَتِهِمْ بِالْمُسْلِمِينَ أَهْلُ مِلَّةٍ وَاحِدَةٍ؛ لِأَنَّ الْمُسْلِمِينَ يُقِرُّونَ بِرِسَالَةِ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَبِالْقُرْآنِ وَهُمْ يُنْكِرُونَ ذَلِكَ بِأَجْمَعِهِمْ وَبِهِ كَفَرُوا فَكَانُوا فِي حَقِّ الْمُسْلِمِينَ أَهْلَ مِلَّةٍ وَاحِدَةٍ فِي الشِّرْكِ، وَإِنْ اخْتَلَفَتْ نِحَلُهُمْ فِيمَا بَيْنَهُمْ.
وَكَذَلِكَ مَنْ يَعْبُدُ مِنْهُمْ صَنَمًا وَمَنْ يَعْبُدُ صَنَمًا آخَرَ وَيُكَفِّرُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ صَاحِبَهُ فَهُمْ أَهْلُ مِلَّةٍ وَاحِدَةٍ، وَإِنْ اخْتَلَفَتْ نِحَلُهُمْ فَكَذَلِكَ الْكُفَّارُ بِأَجْمَعِهِمْ وَكَانُوا فِي هَذَا كَأَهْلِ الْأَهْوَاءِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ، وَفِي قَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «لَا يَتَوَارَثُ أَهْلُ مِلَّتَيْنِ» إشَارَةً إلَى مَا بَيَّنَّا فَإِنَّهُ فَسَّرَ الْمِلَّتَيْنِ بِقَوْلِهِ لَا يَرِثُ الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ وَلَا الْكَافِرُ الْمُسْلِمَ فَفِي تَنْصِيصِهِ عَلَى الْوَصْفِ الْعَامِّ فِي مَوْضِعِ التَّفْسِيرِ بَيَانٌ أَنَّهُمْ فِي حُكْمِ التَّوْرِيثِ أَهْلُ مِلَّةٍ وَاحِدَةٍ وَحِلُّ الذَّبِيحَةِ وَالْمُنَاكَحَةِ لَا يُقَوِّي الِاسْتِدْلَالَ بِهَا فَإِنَّ الْمُسْلِمِينَ مَعَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى اسْتَوَوْا فِي حُكْمِ حِلِّ الذَّبِيحَةِ وَالْمُنَاكَحَةِ، ثُمَّ لَمْ يَكُنْ دَلِيلٌ عَلَى اتِّفَاقِ الْمِلَّةِ بَيْنَهُمْ فَكَذَلِكَ اخْتِلَافُ الْمَجُوسِ مَعَ أَهْلِ الْكِتَابِ فِي حِلِّ الذَّبِيحَةِ وَالْمُنَاكَحَةِ لَا يَكُونُ دَلِيلًا عَلَى اخْتِلَافِ الْمِلَّةِ فِيمَا بَيْنَهُمْ، وَكَانَ الْمَعْنَى فِيهِ أَنَّ شَرْطَ حِلِّ الذَّبِيحَةِ تَسْمِيَةُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى الْخُلُوصِ وَالْكِتَابِيُّ مِنْ أَهْلِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُمْ يُظْهِرُونَ دَعْوَى التَّوْحِيدِ، وَإِنْ كَانُوا يُضْمِرُونَ فِي ذَلِكَ بَعْضَ الشِّرْكِ فَلِتَحَقُّقِ وُجُودِ الشَّرْطِ

نام کتاب : المبسوط نویسنده : السرخسي    جلد : 30  صفحه : 32
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست