responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المبسوط نویسنده : السرخسي    جلد : 30  صفحه : 31
فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى نَفْيِ الْوِلَايَةِ بَيْنَ الْكُفَّارِ وَالْمُسْلِمِينَ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى، وَهُوَ الْكَلَامُ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى فَإِنَّ الْإِرْثَ نَوْعُ وِلَايَةٍ فَالسَّبَبُ الْخَاصُّ كَمَا لَا يُوجِبُ الْوِلَايَةَ لِلْكَافِرِ عَلَى الْمُسْلِمِ لَا يُثْبِتُ لِلْمُسْلِمِ عَلَى الْكَافِرِ يَعْنِي وِلَايَةَ التَّزْوِيجِ بِسَبَبِ الْقَرَابَةِ وَوِلَايَةَ التَّصَرُّفِ فِي الْمَالِ وَبِهِ فَارَقَ التَّوْرِيثَ بِالسَّبَبِ الْعَامِّ فَإِنَّ الْأَوَّلِيَّةَ بِالسَّبَبِ الْعَامِّ تَثْبُتُ لِلْمُسْلِمِ عَلَى الْكَافِرِ كَوِلَايَةِ الشَّهَادَةِ وَالسَّلْطَنَةِ وَلَا تَثْبُتُ لِلْكَافِرِ عَلَى الْمُسْلِمِ بِحَالٍ فَكَذَلِكَ التَّوْرِيثُ، وَهَذَا بِخِلَافِ الْمُرْتَدِّ فَالْإِرْثُ لِلْمُسْلَمِ مِنْهُ يَسْتَنِدُ إلَى حَالِ إسْلَامِهِ، وَلِهَذَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: إنَّهُ يُورَثُ عَنْهُ كَسْبُ إسْلَامِهِ وَلَا يُورَثُ عَنْهُ كَسْبُ الرِّدَّةِ، وَلِهَذَا لَا يَرِثُ هُوَ مِنْ الْمُسْلِمِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَحَقَّقُ مَعْنَى الِاسْتِنَادِ فِي جَانِبِهِ أَوْ لَا يَرِثُ هُوَ عُقُوبَةً لَهُ عَلَى رِدَّتِهِ كَمَا لَا يَرِثُ الْقَاتِلُ بِغَيْرِ حَقٍّ مِنْ الْمَقْتُولِ شَيْئًا، ثُمَّ الْمُرْتَدُّ غَيْرُ مُقِرٍّ عَلَى مَا اعْتَقَدَهُ بَلْ هُوَ مُجْبَرٌ عَلَى الْعَوْدِ إلَى الْإِسْلَامِ فَيَبْقَى حُكْمُ الْإِسْلَامِ فِي حَقِّهِ فَيَرِثُهُ وَارِثُهُ الْمُسْلِمُ بِاعْتِبَارِ هَذَا الْمَعْنَى وَلَا يَرِثُ هُوَ مِنْ أَحَدٍ شَيْئًا؛ لِأَنَّ حُكْمَ الْإِسْلَامِ إنَّمَا يُعْتَبَرُ فِي حَقِّهِ فِيمَا لَا يَنْتَفِعُ هُوَ بِهِ دُونَ مَا يَنْتَفِعُ بِهِ وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «الْإِسْلَامُ يَعْلُو وَلَا يُعْلَى» الْعُلُوُّ مِنْ حَيْثُ الْحُجَّةُ أَوْ مِنْ حَيْثُ الْقَهْرُ وَالْغَلَبَةُ فَيَكُونُ الْمُرَادُ أَنَّ النُّصْرَةَ فِي الْعَاقِبَةِ لِلْمُؤْمِنِينَ.
وَأَمَّا الْحَدِيثُ الْآخَرُ قُلْنَا عِنْدَنَا نَفْيُ التَّوْرِيثِ يَكُونُ مُحَالًا بِهِ عَلَى كُفْرِ الْكَافِرِ؛ لِأَنَّهُ خَبِيثٌ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ أَنْ يُجْعَلَ الْمُسْلِمُ خَلَفًا لَهُ فَلَا يَكُونُ هَذَا النُّقْصَانُ مُحَالًا بِهِ عَلَى إسْلَامِ الْمُسْلِمِ كَالزَّوْجِ إذَا أَسْلَمَ وَامْرَأَتُهُ مَجُوسِيَّةٌ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّهَا خَبِيثَةٌ لَيْسَتْ مِنْ أَهْلِ أَنْ يَسْتَفْرِشَهَا الْمُسْلِمُ إلَّا أَنْ يَكُونَ إسْلَامُهُ مُبْطِلًا مِلْكَهُ، ثُمَّ أَهْلُ الْكُفْرِ يَتَوَارَثُونَ فِيمَا بَيْنَهُمْ، وَإِنْ اخْتَلَفَتْ مِلَلُهُمْ فَالْيَهُودِيُّ يَرِثُ مِنْ النَّصْرَانِيِّ وَالنَّصْرَانِيُّ مِنْ الْمَجُوسِيِّ وَالْمَجُوسِيُّ مِنْهُمَا عِنْدنَا، وَهَكَذَا ذَكَرَ الْمُزَنِيّ فِي الْمُخْتَصَرِ عَنْ الشَّافِعِيِّ، وَرَوَى بَعْضُ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُمْ لَا يَتَوَارَثُونَ إلَّا عِنْدَ اتِّفَاقِ الِاعْتِقَادِ، وَهَكَذَا رَوَاهُ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ وَقَالَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى يَتَوَارَثُونَ بَيْنَهُمْ وَلَا يَرِثُهُمَا الْمَجُوسِيُّ وَلَا يَرِثَانِ مِنْ الْمَجُوسِيِّ شَيْئًا فَمَنْ قَالَ لَا يَتَوَارَثُونَ اسْتَدَلَّ بِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «لَا يَتَوَارَثُ أَهْلُ مِلَّتَيْنِ بِشَيْءٍ» وَهُمْ أَهْلُ مِلَلٍ مُخْتَلِفَةٍ بِدَلِيلِ قَوْله تَعَالَى {وَاَلَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى} [البقرة: 62]، وَإِنَّمَا يُعْطَفُ الشَّيْءُ عَلَى غَيْرِهِ لَا عَلَى بَعْضِهِ فَكَمَا أَنَّ عَطْفَ الْيَهُودِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُمْ أَهْلُ مِلَّتَيْنِ فَكَذَلِكَ عَطْفُ النَّصَارَى عَلَى الْيَهُودِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ} [البقرة: 120] وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْيَهُودَ لَا تَرْضَى إلَّا بِأَنْ يَتْبَعَ الْيَهُودِيَّةَ مَعَهُمْ وَالنَّصَارَى كَذَلِكَ فَعَرَفْنَا أَنَّ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْفَرِيقَيْنِ مِلَّةً عَلَى حِدَةٍ، وَلِأَنَّ النَّصَارَى يُقِرُّونَ بِنُبُوَّةِ عِيسَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَالْإِنْجِيلِ وَالْيَهُودِ يَجْحَدُونَ ذَلِكَ فَكَانَ مِلَّةُ كُلِّ

نام کتاب : المبسوط نویسنده : السرخسي    جلد : 30  صفحه : 31
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست