responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المبسوط نویسنده : السرخسي    جلد : 30  صفحه : 282
قَوْله تَعَالَى {فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ} [هود: 105] وَأَكْثَرُهُمْ عَلَى أَنَّ الصَّحِيحَ الرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -، فَإِنَّهُ أَقْرَبُ إلَى مُوَافَقَةِ الْحَدِيثِ الْمَشْهُورِ «السَّعِيدُ مَنْ سَعِدَ فِي بَطْنِ أُمِّهِ وَالشَّقِيُّ مَنْ شَقِيَ فِي بَطْنِ أُمِّهِ» وَتَأْوِيلُ قَوْله تَعَالَى {يَمْحُوا اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ} [الرعد: 39] مَحْوُهُ لَا يَعْبَأُ بِهِ مِنْ دِيوَانِ الْعَبْدِ مِمَّا لَيْسَ فِيهِ جَزَاءُ خَيْرٍ، وَلَا شَرٍّ وَإِثْبَاتُ مَا فِيهِ الْخَيْرُ عَلَى مَا بَيَّنَّا مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - «الدَّوَاوِينُ عِنْدَ اللَّهِ ثَلَاثَةٌ» وَلِأَجْلِهِ أَوْرَدَ مُحَمَّدٌ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - هَذَا الْحَدِيثَ عَلَى أَثَرِ ذَلِكَ الْحَدِيثِ وَقِيلَ الْمُرَادُ مَحْوُ الْمَعْرِفَةِ مِنْ قَلْبِ الْبَعْضِ وَإِثْبَاتُهَا فِي قَلْبِ الْبَعْضِ فَيَكُونُ هَذَا نَظِيرَ قَوْله تَعَالَى {يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ} [النحل: 93] أَوْ الْمُرَادُ الْمَحْوُ وَالْإِثْبَاتُ فِي الْمَقْسُومِ لِكُلِّ عَبْدٍ مِنْ الرِّزْقِ وَالسَّلَامَةِ وَالْبَلَاءِ وَالْمَرَضِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ ثُمَّ رَوَى حَدِيثَ «الصِّدِّيقِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - حَيْثُ سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ أَكْلَةٌ أَكَلْتهَا مَعَك فِي بَيْتِ أَبِي الْهَيْثَمِ بْنِ التَّيْهَانِ»، وَقَدْ رَوَيْنَا الْحَدِيثَ بِتَمَامِهِ زَادَ فِي آخِرِ الْحَدِيثِ «فَأَمَّا الْمُؤْمِنُ فَشُكْرُهُ إذَا وُضِعَ الطَّعَامُ بَيْنَ يَدَيْهِ أَنْ يَقُولَ بِسْمِ اللَّهِ، وَإِذَا فَرَغَ يَقُولُ الْحَمْدُ لِلَّهِ» وَهَذِهِ الزِّيَادَةُ لَمْ يَذْكُرْهَا أَهْلُ الْحَدِيثِ فِي كُتُبِهِمْ وَمُحَمَّدٌ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مَوْثُوقٌ بِهِ فِيمَا يَرْوِي وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ هَذَا مِنْ كَلَامِ مُحَمَّدٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ذَكَرَهُ بَعْدَ رِوَايَةِ الْحَدِيثِ.
وَقَدْ رُوِيَ فِي مَعْنَى هَذَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ «إذَا وُضِعَ الطَّعَامُ بَيْنَ يَدَيْ الْمُؤْمِنِ فَقَالَ بِسْمِ اللَّهِ، وَإِذَا فَرَغَ قَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ تَحَاتَّتْ ذُنُوبُهُ وَلَوْ كَانَتْ مِثْلَ زَبَدِ الْبَحْرِ كَمَا يَتَحَاتُّ وَرَقُ الشَّجَرِ» وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى كُلِّ نِعْمَةٍ» وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَوْ جُعِلَتْ الدُّنْيَا كُلُّهَا لُقْمَةً فَابْتَلَعَهَا مُؤْمِنٌ فَقَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ كَانَ مَا أَتَى بِهِ خَيْرًا مِمَّا أُوتِيَ»، وَهُوَ كَذَلِكَ، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى وَصَفَ الدُّنْيَا بِالْقِلَّةِ وَالْحَقَارَةِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ} [النساء: 77] وَذِكْرُ اللَّهِ تَعَالَى أَعْلَى وَأَطْيَبُ، وَفِي قَوْلِهِ الْحَمْدُ لِلَّهِ ذِكْرُ اللَّهِ تَعَالَى بِطَرِيقِ التَّعْظِيمِ وَالشُّكْرِ فَيَكُونُ خَيْرًا مِنْ جَمِيعِ الدُّنْيَا

(ثُمَّ قَالَ وَيُكْرَهُ لِلرِّجَالِ لُبْسُ الْحَرِيرِ فِي غَيْرِ حَالَةِ الْحَرْبِ) وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ لَيْسَتْ مِنْ مَسَائِلِ هَذَا الْبَابِ وَهِيَ مَذْكُورَةٌ فِي مَوَاضِعَ مِنْ الْكُتُبِ إلَّا أَنَّهَا تَلِيقُ بِمَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ مِنْ الْمَسَائِلِ فِي هَذَا الْكِتَابِ، فَإِنَّهُ صَنَّفَ هَذَا الْكِتَابَ فِي الزُّهْدِ عَلَى مَا حُكِيَ أَنَّهُ لَمَّا فَرَغَ مِنْ تَصْنِيفِ الْكُتُبِ قِيلَ لَهُ، أَلَا صَنَّفْت فِي الزُّهْدِ وَالْوَرَعِ شَيْئًا فَقَالَ صَنَّفْت كِتَابَ الْبُيُوعِ ثُمَّ أَخَذَ فِي تَصْنِيفِ هَذَا الْكِتَابِ فَاعْتَرَضَ لَهُ دَاءٌ فَخَفَّ دِمَاغُهُ، وَلَمْ يُتِمَّ مُرَادَهُ وَيُحْكَى أَنَّهُ قِيلَ لَهُ فَهْرِسْ لَنَا مَا كُنْت تُرِيدُ أَنْ تُصَنِّفَ فَفَهْرَسَ لَهُمْ أَلْفَ بَابٍ كَانَ يُرِيدُ أَنْ يُصَنِّفَهَا فِي الزُّهْدِ وَالْوَرَعِ، وَلِهَذَا قَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - مَوْتُ مُحَمَّدٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -

نام کتاب : المبسوط نویسنده : السرخسي    جلد : 30  صفحه : 282
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست