responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المبسوط نویسنده : السرخسي    جلد : 30  صفحه : 281
اخْتَلَفُوا فِيهِ قَالَ بَعْضُهُمْ: إنَّمَا يُمْحَى ذَلِكَ فِي الْأَثَانِينَ وَالْأَخْمِسَةِ، وَهُوَ الَّذِي وَقَعَ عِنْدَ النَّاسِ أَنَّهُ تُعْرَضُ الْأَعْمَالُ فِي هَذَيْنِ الْيَوْمَيْنِ أَيْ يُمْحَى مِنْ الدِّيوَانِ فِيهِمَا مَا هُوَ مُهْمَلٌ لَيْسَ فِيهِ جَزَاءٌ وَأَكْثَرُهُمْ عَلَى أَنَّهُ إنَّمَا يُمْحَى ذَلِكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالْأَصْلُ فِيهِ حَدِيثُ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا -، وَقَدْ ذَكَرَهُ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي الْكِتَابِ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «الدَّوَاوِينُ عِنْدَ اللَّهِ ثَلَاثَةٌ دِيوَانٌ لَا يُعْبَأُ بِهِ، وَهُوَ مَا لَيْسَ فِيهِ جَزَاءُ خَيْرٍ أَوْ شَرٍّ وَدِيوَانُ مَظَالِمِ الْعِبَادِ فَلَا بُدَّ فِيهِ مِنْ الْإِنْصَافِ وَالِانْتِصَافِ، وَالدِّيوَانُ الثَّالِثُ مَا فِيهِ جَزَاءٌ مِنْ خَيْرٍ أَوْ شَرٍّ»، وَهَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ مَقْبُولٌ عِنْدَ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ - رَحِمَهُمُ اللَّهُ -، وَلَكِنَّهُمْ اخْتَلَفُوا فِي الدِّيوَانِ الَّذِي لَا يُعْبَأُ بِهِ قِيلَ: هُوَ الْمُهْمَلُ الَّذِي قُلْنَا أَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ جَزَاءُ خَيْرٍ وَلَا شَرٍّ، وَقِيلَ هُوَ مَا بَيْنَ الْعَبْدِ وَبَيْنَ رَبِّهِ مِمَّا لَيْسَ فِيهِ حَقُّ الْعِبَادِ، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى عَفُوٌّ كَرِيمٌ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ} [النساء: 147] الْآيَةَ وَقِيلَ بَلْ هُوَ الصَّغَائِرُ، فَإِنَّهَا مَغْفُورَةٌ لِمَنْ اجْتَنَبَ الْكَبَائِرَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {إنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ} [النساء: 31] الْآيَةَ، فَهُوَ الدِّيوَانُ الَّذِي لَا يَعْبَأُ بِهِ وَقِيلَ الْمُرَادُ بِأَعْمَالِ الْكَبَائِرِ مَا هُوَ فِي صُورَةِ الطَّاعَةِ، فَإِنَّهُ لَا يَعْبَأُ بِهِ إذَا لَمْ يُؤْمِنُوا أَيْ لَا يَنْفَعُهُمْ ذَلِكَ لَا الشِّرْكُ غَيْرُ مَغْفُورٍ لَهُمْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {إنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ} [النساء: 48] وَلَا قِيمَةَ لِأَعْمَالِهِمْ مَعَ الشِّرْكِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَقَدِمْنَا إلَى مَا عَمِلُوا} [الفرقان: 23] الْآيَةَ وَالْأَظْهَرُ هُوَ الْقَوْلُ الْأَوَّلُ إنَّ الَّذِي لَا يَعْبَأُ بِهِ.
الْقِسْمَ الثَّالِثَ الَّذِي بَيَّنَّا أَنَّهُ مُبَاحٌ لَيْسَ لِلْمَرْءِ، وَلَا عَلَيْهِ هَذَا الَّذِي لَا يَعْبَأُ بِهِ، فَإِنَّهُ فَسَّرَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ، وَهُوَ مَا لَيْسَ فِيهِ جَزَاءُ خَيْرٍ، وَلَا شَرٍّ وَذُكِرَ فِي الْكِتَابِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - فِي قَوْله تَعَالَى {يَمْحُوا اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ} [الرعد: 39] أَنَّ الْمُرَادَ مَحْوُ بَعْضِ الْأَسْمَاءِ مِنْ دِيوَانِ الْأَشْقِيَاءِ وَالْإِثْبَاتُ فِي دِيوَانِ السُّعَدَاءِ، وَمَحْوُ بَعْضِ الْأَسْمَاءِ مِنْ دِيوَانِ السُّعَدَاءِ وَالْإِثْبَاتُ فِي دِيوَانِ الْأَشْقِيَاءِ وَأَهْلُ التَّفْسِيرِ - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - إنَّمَا يَرْوُونَ هَذَا عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، كَمَا رُوِيَ عَنْ وَائِلٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - كَانَ يَقُولُ فِي دُعَائِهِ: اللَّهُمَّ إنْ كُنْت كَتَبْت أَسْمَاءَنَا فِي دِيوَانِ الْأَشْقِيَاءِ فَامْحُهَا مِنْ دِيوَانِ الْأَشْقِيَاءِ وَأَثْبِتْهَا فِي دِيوَانِ السُّعَدَاءِ، فَإِنَّك قُلْت فِي كِتَابِك وَقَوْلُك الْحَقُّ {يَمْحُوا اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ} [الرعد: 39] الْآيَةَ فَأَمَّا ابْنُ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - فَالرِّوَايَةُ الظَّاهِرَةُ عَنْهُ الْمَحْوُ وَالْإِثْبَاتُ فِي كُلِّ شَيْءٍ إلَّا فِي السَّعَادَةِ وَالشَّقَاوَةِ وَالْحَيَاةِ وَالْمَوْتِ، وَمِنْ الْفُقَهَاءِ - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - مَنْ أَخَذَ بِالرِّوَايَةِ الْأُولَى وَقَالَ إنَّا نَرَى الْكَافِرَ يُسْلِمُ وَالْمُسْلِمَ يَرْتَدُّ وَالصَّحِيحَ يَمْرَضُ وَالْمَرِيضَ يَبْرَأُ، وَكَذَا نَقُولُ يَجُوزُ أَنْ يَشْقَى السَّعِيدُ وَيَسْعَدَ الشَّقِيُّ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَتَغَيَّرَ عِلْمُ اللَّهِ فِي كُلِّ أَحَدٍ وَلِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ، وَمِنْ بَعْدُ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ وَيَحْكُمُ مَا يُرِيدُ وَعَلَى ذَلِكَ حَمَلُوا

نام کتاب : المبسوط نویسنده : السرخسي    جلد : 30  صفحه : 281
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست