responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المبسوط نویسنده : السرخسي    جلد : 30  صفحه : 257
ارْجِعْ فَفِيهِمَا فَجَاهِدْ» يَعْنِي اكْتَسِبْ وَأَنْفِقْ عَلَيْهِمَا، وَقَالَ تَعَالَى {وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا} [لقمان: 15] وَلَيْسَ مِنْ الْمُصَاحَبَةِ بِالْمَعْرُوفِ تَرْكُهُمَا يَمُوتَانِ جُوعًا مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى الْكَسْبِ، وَلَكِنَّ هَذَا دُونَ مَا سَبَقَ فِي الْفَرْضِيَّةِ لِمَا رُوِيَ «أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَعِي دِينَارٌ فَقَالَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَنْفِقْهُ عَلَى نَفْسِك فَقَالَ مَعِي آخَرُ فَقَالَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَنْفِقْهُ عَلَى عِيَالِك قَالَ مَعِي آخَرُ قَالَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَنْفِقْهُ عَلَى وَالِدَيْك» الْحَدِيثَ فَأَمَّا غَيْرُ الْوَالِدَيْنِ مِنْ ذَوِي الرَّحِمِ الْمُحَرَّمِ فَلَا يُفْتَرَضُ عَلَى الْمَرْءِ الْكَسْبُ لِلْإِنْفَاقِ عَلَيْهِمْ؛ لِأَنَّهُ لَا تُسْتَحَقُّ نَفَقَتُهُمْ عَلَيْهِ إلَّا بِاعْتِبَارِ صِفَةِ الْيَسَارِ، وَلَكِنَّهُ يُنْدَبُ إلَى الْكَسْبِ وَالْإِنْفَاقِ عَلَيْهِمْ لِمَا فِيهِ مِنْ صِلَةِ الرَّحِمِ، وَهُوَ مَنْدُوبٌ إلَيْهِ فِي الشَّرْعِ قَالَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لَا خَيْرَ فِيمَنْ لَا يُحِبُّ الْمَالَ فَيَصِلُ بِهِ رَحِمَهُ وَيُكْرِمُ بِهِ ضَيْفَهُ وَيَبَرُّ بِهِ صَدِيقَهُ «وَقَالَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لِعَمْرِو بْنِ الْعَاصِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَأَرْغَبُ لَك رَغْبَةً مِنْ الْمَالِ». . . الْحَدِيثَ، إلَى أَنْ قَالَ: «نِعْمَ الْمَالُ الصَّالِحُ لِلرَّجُلِ الصَّالِحِ يَصِلُ بِهِ رَحِمَهُ» وَقَطِيعَةُ الرَّحِمِ حَرَامٌ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «ثَلَاثٌ مُعَلَّقَاتٌ بِالْعَرْشِ النِّعْمَةُ وَالْأَمَانَةُ وَالرَّحِمُ تَقُولُ النِّعْمَةُ: كُفِرْت وَلَمْ أُشْكَرْ، وَتَقُولُ الْأَمَانَةُ: ضُيِّعْت وَلَمْ أُؤَدَّ، وَتَقُولُ الرَّحِمُ: قُطِعْت وَلَمْ أُوصَلْ» وَقَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «صِلَةُ الرَّحِمِ تَزِيدُ فِي الْعُمْرِ وَقَطِيعَةُ الرَّحِمِ تَرْفَعُ الْبَرَكَةَ مِنْ الْعُمْرِ» «قَالَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فِيمَا يُؤْثَرُ عَنْ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَنَا الرَّحْمَنُ وَهِيَ الرَّحِمُ شَقَقْت لَهَا اسْمًا مِنْ اسْمِي فَمَنْ وَصَلَهَا وَصَلْته وَمَنْ قَطَعَهَا قَطَعْته»، وَفِي تَرْكِ الْإِنْفَاقِ عَلَيْهِمْ مَا يُؤَدِّي إلَى قَطِيعَةِ الرَّحِمِ فَيُنْدَبُ إلَى الِاكْتِسَابِ لِلْإِنْفَاقِ عَلَيْهِمْ وَبَعْدَ ذَلِكَ الْأَمْرُ مُوَسَّعٌ عَلَيْهِ فَإِنْ شَاءَ اكْتَسَبَ وَجَمَعَ الْمَالَ، وَإِنْ شَاءَ أَبَى.
؛ لِأَنَّ السَّلَفَ - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - مِنْهُمْ مَنْ جَمَعَ الْمَالَ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ يَفْعَلْ فَعَرَفْنَا أَنَّ كِلَا الْفَرِيقَيْنِ مُبَاحٌ أَمَّا الْجَمْعُ فَلِمَا رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ طَلَبَ الدُّنْيَا حَلَالًا مُتَعَفِّفًا لَقِيَ اللَّهَ تَعَالَى وَوَجْهُهُ كَالْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ، وَمَنْ طَلَبَهَا مُفَاخِرًا مُكَاثِرًا لَقِيَ اللَّهَ تَعَالَى، وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ» فَدَلَّ أَنَّ جَمْعَ الْمَالِ عَلَى طَرِيقِ التَّعَفُّفِ مُبَاحٌ وَكَانَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - يَقُولُ فِي دُعَائِهِ «اللَّهُمَّ اجْعَلْ أَوْسَعَ رِزْقِي عِنْدَ كِبَرِ سِنِّي وَانْقِضَاءِ عُمْرِي» وَكَانَ كَذَا، فَقَدْ اجْتَمَعَ لَهُ أَرْبَعُونَ شَاةً حَلُوبَةً وَفَدَكُ وَسَهْمٌ بِخَيْبَرَ فِي آخِرِ عُمْرِهِ.
وَأَمَّا الِامْتِنَاعُ مِنْ جَمْعِ الْمَالِ فَطَرِيقٌ مُبَاحٌ أَيْضًا لِحَدِيثِ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «لَوْ كَانَ لِابْنِ آدَمَ وَادِيَانِ مِنْ ذَهَبٍ لَتَمَنَّى إلَيْهِمَا ثَالِثًا، وَلَا يَمْلَأُ جَوْفَ ابْنِ آدَمَ إلَّا التُّرَابُ وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَى مَنْ تَابَ» وَقِيلَ هَذَا كَانَ مِمَّا يُتْلَى فِي الْقُرْآنِ فِي سُورَةِ يُونُسَ مِنْ الرُّكُوعِ الثَّانِي أَوْ الثَّالِثِ ثُمَّ اُنْتُسِخَتْ تِلَاوَتُهُ وَبَقِيَتْ رِوَايَتُهُ وَقَالَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «تَبًّا لِلْمَالِ»، وَفِي رِوَايَةٍ لِصَاحِبِ

نام کتاب : المبسوط نویسنده : السرخسي    جلد : 30  صفحه : 257
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست