responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المبسوط نویسنده : السرخسي    جلد : 24  صفحه : 41
قَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ رَاوِي الْحَدِيثِ: أَيْ هُوَ جَائِزٌ عَلَيْهِ فِي مَعْنَى قَوْلِهِ بِئْسَ مَا صَنَعَ أَيْ حِينَ فَرَّقَ بَيْنَهُ، وَبَيْنَ امْرَأَتِهِ بِغَيْرِ رِضَاهُ، وَإِنَّمَا يَكُونُ ذَلِكَ إذَا وَقَعَتْ الْفُرْقَةُ، وَمَنْ قَالَ: لَا يَقَعُ طَلَاقُ الْمُكْرَهِ يَقُولُ: مُرَادُ سَعِيدٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِئْسَ مَا صَنَعَ فِي اكْتِسَابِهِ بِالْإِكْرَاهِ، وَتَضْيِيعِهِ، وَقْتَ نَفْسه، وَقَدْ رَدَّ عَلَيْهِ الشَّرْعُ قَصْدَهُ، وَجَعَلَ طَلَاقَ الْمُكْرَهِ لَغْوًا، وَلَكِنَّ الْأَوَّلَ أَظْهَرُ.
وَأَصْلُ هَذَا فِيمَا إذَا بَاعَ رَجُلًا عَيْنًا مِنْ مَالِ غَيْرِهِ بِغَيْرِ أَمْرِهِ، ثُمَّ أَخْبَرَ الْمَالِكَ بِهِ، فَقَالَ: بِئْسَ مَا صَنَعْت، وَهَذَا اللَّفْظُ فِي رِوَايَةِ هِشَامٍ عَنْ مُحَمَّدٍ لَا يَكُونُ إجَازَةً لِلْبَيْعِ بِخِلَافِ قَوْلِهِ: نِعْمَ مَا صَنَعْت، أَوْ أَحْسَنْت، أَوْ أَصَبْت، فَإِنَّ فِي اللَّفْظِ الْأَوَّلِ إظْهَارُ الْكَرَاهَةِ لِصُنْعِهِ، وَفِي اللَّفْظِ الثَّانِي إظْهَارُ الرِّضَا بِهِ، وَرَوَى ابْنُ سِمَاعَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَلَى عَكْس هَذَا: أَنَّ قَوْلَهُ نِعْمَ مَا صَنَعْت يَكُونُ عَلَى سَبِيلِ الِاسْتِهْزَاءِ بِهِ فِي الْعَادَةِ، فَيَكُونُ رَدًّا لَا إجَازَةً، وَقَوْلُهُ بِئْسَ مَا صَنَعْت يَكُونُ إجَازَةً؛ لِأَنَّهُ إظْهَارٌ لِلتَّأَسُّفِ عَلَى مَا فَاتَهُ، وَذَلِكَ إنَّمَا يَتَحَقَّقُ إذَا نَفَذَ الْبَيْعُ، وَزَالَ مِلْكُهُ، فَجَعَلْنَاهُ إجَازَةً لِذَلِكَ، وَعَنْ صَفْوَانَ بْنِ عَمْرٍو الطَّائِيِّ أَنَّ «رَجُلًا كَانَ مَعَ امْرَأَتِهِ نَائِمًا، فَأَخَذَتْ سِكِّينًا، وَجَلَسَتْ عَلَى صَدْرِهِ، فَوَضَعَتْ السِّكِّينَ عَلَى حَلْقِهِ، وَقَالَتْ: لَتُطَلِّقَنِّي ثَلَاثًا أَلْبَتَّةَ أَوْ لَأَذْبَحَنَّكَ، فَنَاشَدَهَا اللَّهَ، فَأَبَتْ عَلَيْهِ، فَطَلَّقَهَا ثَلَاثًا، فَذُكِرَ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: لَا قَيْلُولَةَ فِي الطَّلَاقِ»، وَفِيهِ دَلِيلُ وُقُوعِ طَلَاقِ الْمُكْرَهِ؛ لِأَنَّ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «لَا قَيْلُولَةَ فِي الطَّلَاقِ» تَأْوِيلَيْنِ: أَحَدُهُمَا أَنَّهَا بِمَعْنَى الْإِقَالَةِ، وَالْفَسْخِ أَيْ لَا يَحْتَمِلُ الطَّلَاقَ، وَالْفَسْخَ بَعْدَ وُقُوعِهِ، وَإِنَّمَا لَا يَلْزَمُهُ عِنْدَ الْإِكْرَاهِ مَا يَحْتَمِلُ الْإِقَالَةَ، أَوْ يَعْتَمِدُ تَمَامَ الرِّضَا، وَالثَّانِي - أَنَّ الْمُرَادَ إنَّمَا اُبْتُلِيَتْ بِهَذَا لِأَجْلِ يَوْمِ الْقَيْلُولَةِ، وَذَلِكَ لَا يَمْنَعُ وُقُوعَ الطَّلَاقِ.
وَبِطَرِيقٍ آخَرَ يُرْوَى هَذَا الْحَدِيثُ «أَنَّ رَجُلًا خَرَجَ مَعَ امْرَأَتِهِ إلَى الْجَبَلِ لِيَمْتَارَ الْعَسَلَ، فَلَمَّا تَدَلَّى مِنْ الْجَبَلِ بِحَبْلٍ، وَضَعَتْ السِّكِّينَ عَلَى الْحَبْلِ، فَقَالَتْ لَتُطَلِّقَنِّي ثَلَاثًا، أَوْ لَأَقْطَعَنَّهُ، فَطَلَّقَهَا ثَلَاثًا، ثُمَّ جَاءَ إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِيَسْتَفْتِيَ، فَقَالَ: - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لَا قَيْلُولَةَ فِي الطَّلَاقِ، وَأَمْضَى طَلَاقَهُ»، وَذُكِرَ نَظِيرُ هَذَا عَنْ عَمْرِو بْنِ شُرَحْبِيلَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّ امْرَأَةً كَانَتْ مُبْغِضَةً لِزَوْجِهَا، فَرَاوَدَتْهُ عَلَى الطَّلَاقِ، فَأَبَى، فَلَمَّا رَأَتْهُ نَائِمًا قَامَتْ إلَى سَيْفِهِ فَأَخَذَتْهُ، ثُمَّ وَضَعَتْهُ عَلَى بَطْنِهِ، ثُمَّ حَرَّكَتْهُ بِرِجْلِهَا، فَلَمَّا اسْتَيْقَظَ قَالَتْ لَهُ، وَاَللَّهِ لَأُنْفِذَنَّكَ بِهِ، أَوْ لَتُطَلِّقَنِّي ثَلَاثًا فَطَلَّقَهَا، فَأَتَى عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، فَاسْتَغَاثَ بِهِ فَشَتَمَهَا، وَقَالَ: وَيْحَكِ مَا حَمَلَكِ عَلَى مَا صَنَعْتِ، فَقَالَتْ بُغْضِي إيَّاهُ، فَأَمْضَى طَلَاقَهُ.، وَهُوَ دَلِيلٌ لَنَا عَلَى أَنَّ طَلَاقَ الْمُكْرَهِ وَاقِعٌ، وَلَا يُقَالُ: فِي هَذَا كُلِّهِ إنَّ هَذَا الْإِكْرَاهَ كَانَ مِنْ غَيْرِ السُّلْطَانِ؛ لِأَنَّ الْإِكْرَاهَ بِهَذِهِ

نام کتاب : المبسوط نویسنده : السرخسي    جلد : 24  صفحه : 41
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست