responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المبسوط نویسنده : السرخسي    جلد : 24  صفحه : 40
يَخْتَلِفُ الْحُكْمُ فِي الْكِتَابِ لِتَفْصِيلِ هَذِهِ الْجُمْلَةِ، وَقَدْ اُبْتُلِيَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - بِسَبَبِ تَصْنِيف هَذَا الْكِتَابِ عَلَى مَا حُكِيَ عَنْ ابْنِ سِمَاعَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - قَالَ لَمَّا صَنَّفَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - هَذَا الْكِتَابِ سَعَى بِهِ بَعْضُ حُسَّادِهِ إلَى الْخَلِيفَةِ.
فَقَالَ: إنَّهُ صَنَّفَ كِتَابًا سَمَّاكَ فِيهِ لِصًّا غَالِيًا فَاغْتَاظَ لِذَلِكَ، وَأَمَرَ بِإِحْضَارِهِ، وَأَتَاهُ الشَّخْصُ، وَأَنَا مَعَهُ، فَأَدْخَلَهُ عَلَى الْوَزِيرِ أَوَّلًا فِي حُجْرَتِهِ، فَجَعَلَ الْوَزِيرُ يُعَاتِبُهُ عَلَى ذَلِكَ فَأَنْكَرَهُ مُحَمَّدٌ أَصْلًا، فَلَمَّا عَلِمْتُ السَّبَبَ أَسْرَعْتُ الرُّجُوعَ إلَى دَارِهِ، وَتَسَوَّرْتُ حَائِطَ بَعْضِ الْجِيرَانِ؛ لِأَنَّهُمْ كَانُوا سَمَّرُوا عَلَى بَابِهِ، فَدَخَلْتُ دَارِهِ، وَفَتَّشْت الْكُتُبَ حَتَّى وَجَدْتُ كِتَابَ الْإِكْرَاهِ، فَأَلْقَيْتُهُ فِي جُبٍّ فِي الدَّارِ؛ لِأَنَّ الشُّرَطَ أَحَاطُوا بِالدَّارِ قَبْلَ خُرُوجِي مِنْهَا، فَلَمْ يُمْكِنِّي أَنْ أَخْرُجَ، وَاخْتَفَيْتُ فِي مَوْضِعٍ حَتَّى دَخَلُوا، وَحَمَلُوا جَمِيعَ كُتُبِهِ إلَى دَارِ الْخَلِيفَةِ بِأَمْرِ الْوَزِيرِ، وَفَتَّشُوهَا، فَلَمْ يَجِدُوا شَيْئًا مِمَّا ذَكَرَهُ السَّاعِي لَهُمْ، فَنَدِمَ الْخَلِيفَةُ عَلَى مَا صَنَعَ بِهِ، وَاعْتَذَرَ إلَيْهِ، وَرَدَّهُ بِجَمِيلٍ، فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ أَيَّامٍ أَرَادَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنْ يُعِيدَ تَصْنِيفَ الْكِتَابِ، فَلَمْ يُجِبْهُ خَاطِرُهُ إلَى مُرَادِهِ، فَجَعَلَ يَتَأَسَّفُ عَلَى مَا فَاتَهُ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ، ثُمَّ أَمَرَ بَعْضَ وُكَلَائِهِ أَنْ يَأْتِيَ بِعَامِلٍ يُنَقِّي الْبِئْرَ؛ لِأَنَّ مَاءَهَا قَدْ تَغَيَّرَ، فَلَمَّا نَزَلَ الْعَامِلُ فِي الْبِئْرِ، وَجَدَ الْكِتَابَ فِي آجُرَّةٍ، أَوْ حَجَرِ بِنَاءٍ مِنْ طَيِّ الْبِئْرِ لَمْ يَبْتَلَّ، فَسُرَّ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - بِذَلِكَ، وَكَانَ يُخْفِي الْكِتَابَ زَمَانًا، ثُمَّ أَظْهَرَهُ، فَعُدَّ هَذَا مِنْ مَنَاقِبِ مُحَمَّدٍ، وَمَا يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى صِحَّةِ تَفْرِيعِهِ لِمَسَائِلِ هَذَا الْكِتَابِ، ثُمَّ بَدَأَ الْكِتَابَ بِحَدِيثٍ رَوَاهُ عَنْ إبْرَاهِيمَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - قَالَ فِي الرَّجُلِ يُجْبِرُهُ السُّلْطَانُ عَلَى الطَّلَاقِ، وَالْعَتَاقِ، فَيُطَلِّقُ، أَوْ يُعْتِقُ، وَهُوَ كَارِهٌ إنَّهُ جَائِزٌ وَاقِعٌ، وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَابْتَلَاهُ بِأَشَدَّ مِنْ هَذَا، وَهُوَ يَقَعُ كَيْفَمَا كَانَ، وَبِهِ أَخَذَ عُلَمَاؤُنَا - رَحِمَهُمُ اللَّهُ -، وَقَالُوا: طَلَاقُ الْمُكْرَهِ، وَاقِعٌ سَوَاءٌ كَانَ الْمُكْرِهُ سُلْطَانًا، أَوْ غَيْرَهُ أَكْرَهَهُ بِوَعِيدٍ مُتْلِفٍ، أَوْ غَيْرِ مُتْلِفٍ، وَالْخِلَافُ فِي هَذَا الْفَصْلِ كَانَ مَشْهُورًا بَيْنَ السَّلَفِ مِنْ عُلَمَاءِ التَّابِعِينَ - رَحِمَهُمُ اللَّهُ -، وَلِهَذَا اسْتَكْثَرَ مِنْ أَقَاوِيلِ السَّلَفِ عَلَى مُوَافَقَةِ قَوْلِ إبْرَاهِيمَ.
وَفِي قَوْلِهِ: وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَابْتَلَاهُ بِأَشَدَّ مِنْ هَذَا إشَارَةٌ إلَى مَا ذَكَرْنَا مِنْ بَقَاءِ الْأَهْلِيَّةِ، وَالْخِطَابِ مَعَ الْإِكْرَاهِ، وَإِنَّهُ غَيْرُ رَاضٍ فِي ذَلِكَ، وَلَكِنَّ عَدَمَ الرِّضَا بِحُكْمِ الطَّلَاقِ لَا يَمْنَعُ الْوُقُوعَ، وَلِهَذَا وَقَعَ مَعَ اشْتِرَاطِ الْخِيَارِ عِنْدَ الْإِيقَاعِ، وَمَعَ الْهَزْلِ مِنْ الْمُوقِعِ، وَإِنْ كَانَ مَعْلُومًا، وَكَأَنَّهُ أَخَذَ هَذَا اللَّفْظَ مِمَّا ذَكَرَهُ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي امْرَأَةِ الْمَفْقُودِ: إنَّهَا اُبْتُلِيَتْ فَلْتَصْبِرْ، وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَابْتَلَاهَا بِأَشَدَّ مِنْ هَذَا، وَعَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّهُ أَجَازَ طَلَاقَ الْمُكْرَهِ، وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ ذُكِرَ لَهُ أَنَّ رَجُلًا ضَرَبَ غُلَامَهُ حَتَّى طَلَّقَ امْرَأَتَهُ، فَقَالَ: بِئْسَ مَا صَنَعَ، وَإِنَّمَا فَهِمُوا مِنْهُ بِهَذَا الْفَتْوَى بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ حَتَّى

نام کتاب : المبسوط نویسنده : السرخسي    جلد : 24  صفحه : 40
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست