responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المبسوط نویسنده : السرخسي    جلد : 16  صفحه : 87
الْمُسْلِمِ بِغَيْرِ حَقٍّ فَجَزَاؤُهُ مَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا} [النساء: 93]. فَكَذَلِكَ إذَا قَصَدَ أَخْذَ مَالِهِ بِالْبَاطِلِ وَالتَّلْبِيسِ.

(قَالَ) وَيَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ لَا يُلَقِّنَ الشَّاهِدَ، وَلَكِنْ يَدَعُهُ حَتَّى يَشْهَدَ بِمَا عِنْدَهُ فَإِنْ كَانَتْ شَهَادَتُهُ جَائِزَةً قَبِلَهَا، وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ جَائِزَةٍ رَدَّهَا وَلَا يَقُولُ لَهُ اشْهَدْ بِكَذَا فَإِنَّ هَذَا تَلْقِينٌ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَمُحَمَّدٍ. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لَا أَرَى بَأْسًا أَنْ يَقُولَ أَتَشْهَدَا بِكَذَا وَكَذَا، وَإِنَّمَا قَالَ هَذَا حِينَ اُبْتُلِيَ بِالْقَضَاءِ فَرَأَى مَا بِالشُّهُودِ مِنْ الْخَبَرِ عِنْدَ أَدَاءِ الشَّهَادَةِ بِالْحَقِّ فَإِنَّ لِمَجْلِسِ الْقَضَاءِ هَيْبَةٌ وَلِلْقَاضِي حِشْمَةٌ وَمَنْ لَمْ يَعْتَدْ التَّكَلُّمَ فِي مِثْلِ هَذَا الْمَجْلِسِ يَتَعَذَّرُ عَلَيْهِ الْبَيَانُ إذَا لَمْ يُعِنْهُ الْقَاضِي عَلَى ذَلِكَ وَأَدَاءُ الشَّهَادَةِ بِالْحَقِّ مِنْ بَابِ الْبِرِّ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} [المائدة: 2] وَأُمِرْنَا بِإِكْرَامِ الشُّهُودِ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَكْرِمُوا الشُّهُودَ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُحْيِي بِهِمْ الْحُقُوقَ»، وَهَذَا الْقَدْرُ مِنْ التَّلْقِينِ يَرْجِعُ إلَى إكْرَامِهِ بِأَنْ يَذْكُرَ مَا يَسْمَعُ مِنْهُ فَيَقُولَ أَتَشْهَدُ بِكَذَا لِمَا لَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ فَهُوَ التَّلْقِينُ الْمَكْرُوهُ، وَفِي مَذْهَبِهِ نَوْعُ رُخْصَةٍ وَالْعَزِيمَةُ فِيمَا ذَهَبَ إلَيْهِ أَبُو حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٌ؛ لِأَنَّ الْقَاضِيَ مَنْهِيٌّ عَنْ اكْتِسَابِ مَا يَجُرُّ إلَيْهِ تُهْمَةَ الْمَيْلِ، وَمَا يَكُونُ فِيهِ إعَانَةُ أَحَدِ الْخَصْمَيْنِ إمَّا صُورَةً، أَوْ مَعْنًى وَتَلْقِينُ الشَّاهِدِ لَا يَخْلُو مِنْ ذَلِكَ. وَإِذَا لَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يُلَقِّنَ الْمُدَّعِيَ مَعَ أَنَّ الدَّعْوَى لَا تَكُونُ مُلْزِمَةً فَلَأَنْ لَا يَجُوزَ لَهُ أَنْ يُلَقِّنَ الشَّاهِدَ أَوْلَى، وَلِأَنَّ عَادَةَ بَعْضِ النَّاسِ أَنَّ الْمُحْتَشَمَ إذَا لَقَّنَ أَحَدَهُمْ شَيْئًا تَرَكَ مَا كَانَ قَصَدَ التَّكَلُّمَ بِهِ وَتَكَلَّمَ بِمَا لَقَّنَهُ تَعْظِيمًا لَهُ فَلَا يَأْمُرُ الْقَاضِي أَنْ يَفْعَلَ الشَّاهِدُ مِثْلَ ذَلِكَ فَيَدَعُ مَا كَانَ عِنْدَهُ مِنْ الشَّهَادَةِ وَيَتَكَلَّمُ بِمَا لَقَّنَهُ الْقَاضِي وَالتَّلْقِينُ تَعْلِيمٌ وَالْقَاضِي إنَّمَا جَلَسَ لِسَمَاعِ الشَّهَادَةِ وَفَصْلِ الْقَضَاءِ بِالشَّهَادَةِ لَا لِتَعْلِيمِ الشَّاهِدِ؛ فَلِهَذَا أَكْرَهُ لَهُ أَنْ يُلَقِّنَهُ.

وَلَا يَضُرُّ الْقَاضِيَ أَنْ يُقَدِّمَ الشُّهُودَ جَمِيعًا، أَوْ وَاحِدًا وَاحِدًا؛ لِأَنَّ الثَّابِتَ بِالنَّصِّ اشْتِرَاطُ الْعَدَدِ وَالْعَدَالَةِ فِي الشُّهُودِ وَبِذَلِكَ يَظْهَرُ جَانِبُ رُجْحَانِ الصِّدْقِ فَالتَّفْرِيقُ بَيْنَهُمْ فِي الْمَجْلِسِ يَكُونُ زِيَادَةً وَالْقَاضِي لَا يَتَكَلَّفُ لَهَا إلَّا أَنْ يَرْتَابَ فِي أَمْرِهِمْ فَعِنْدَ ذَلِكَ عَلَيْهِ أَنْ يَحْتَاطَ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «دَعْ مَا يَرِيبُك إلَى مَا لَا يَرِيبُك» وَمِنْ الِاحْتِيَاطِ أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَهُمْ إلَّا أَنَّهُ لَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَتَعَنَّتَ مَعَهُمْ فَإِنَّ التَّعَنُّتَ يَخْلِطُ عَلَى الرَّجُلِ عَقْلَهُ، وَإِنْ كَانَ صَحِيحًا فِي شَهَادَتِهِ، وَلِأَنَّ الشَّاهِدَ أَمِينٌ فِيمَا يُؤَدِّي مِنْ الشَّهَادَةِ وَلَمْ يَظْهَرْ خِيَانَتُهُ لِلْقَاضِي فَلَا يَتَعَنَّتُ مَعَهُمْ، وَقَدْ أُمِرْنَا بِإِكْرَامِهِمْ إلَّا أَنَّهُ إذَا اتَّهَمَهُمْ وَفَرَّقَ بَيْنَهُمْ فَلَا بَأْسَ أَنْ يَسْأَلَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ أَيْنَ كَانَ هَذَا وَكَيْفَ وَمَتَى كَانَ فَهُوَ مِنْ بَابِ الِاحْتِيَاطِ وَدَفْعِ الرِّيبَةِ لَا مِنْ بَابِ التَّعَنُّتِ، وَإِنْ اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ اخْتِلَافًا يُفْسِدُ الشَّهَادَةَ أَبْطَلَهَا، وَإِنْ كَانَ لَا يُفْسِدُهَا أَجَازَهَا وَلَا يَطْرَحُهَا بِالتُّهْمَةِ وَالظَّنِّ فَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنْ الْحَقِّ شَيْئًا.

نام کتاب : المبسوط نویسنده : السرخسي    جلد : 16  صفحه : 87
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست