responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المبسوط نویسنده : السرخسي    جلد : 16  صفحه : 86
غَيْرِ مَجْلِسِ الْقَضَاءِ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الْأَمْرَيْنِ مُهِمٌّ. فَإِذَا جَمَعَ بَيْنَهُمَا فِي مَجْلِسٍ يُخَافُ الْخَلَلُ فِيهِمَا وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِأَنْ يُفْتِيَ فِي الْمُعَامَلَاتِ وَالْعِبَادَاتِ فِي مَجْلِسِ الْقَضَاءِ، وَفِي غَيْرِ مَجْلِسِ الْقَضَاءِ فَقَدْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُفْتِي وَيَقْضِي وَالْخُلَفَاءُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - بَعْدَهُ كَذَلِكَ وَلِلْقَضَاءِ فَتْوَى فِي الْحَقِيقَةِ إلَّا أَنَّهُ مُلْزِمٌ، وَإِنَّمَا الَّذِي يُكْرَهُ لَهُ أَنْ يُفْتِيَ لِلْخَصْمِ فِيمَا خَاصَمَ فِيهِ إلَيْهِ لِمَا قِيلَ إنَّ الْخَصْمَ إذَا وَقَفَ عَلَى رَأْيِهِ رُبَّمَا اشْتَغَلَ بِالتَّلْبِيسِ لِلتَّحَرُّزِ عَنْ ذَلِكَ فَلَا يُفْتِي لَهُ فِي ذَلِكَ حَتَّى تَنْقَضِيَ الْخُصُومَةُ وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ «اخْتَصَمَ رَجُلَانِ إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَحَدُهُمَا عَالِمٌ بِالْخُصُومَةِ وَالْآخَرُ جَاهِلٌ بِهَا فَلَمْ يَلْبَسْهُ الْعَالِمُ أَنْ قَضَى لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَامَ الْمَقْضِيُّ لَهُ وَقَعَدَ الْمَقْضِيُّ عَلَيْهِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ عَلَيْك السَّلَامُ وَاَللَّهِ الَّذِي لَا إلَهَ غَيْرُهُ إنَّ حَقِّي لَحَقٌّ فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَيَّ بِالرَّجُلِ فَأَتَى بِهِ فَأَخْبَرَهُ بِاَلَّذِي حَلَفَ عَلَيْهِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إنْ شِئْت عَاوَدْتُهُ الْخُصُومَةَ فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَاوِدْهُ فَعَاوَدَهُ فَلَمْ يَلْبَسْهُ أَنْ قَضَى لَهُ فَقَامَ الْمَقْضِيُّ لَهُ وَقَعَدَ الْمَقْضِيُّ عَلَيْهِ فَقَالَ وَاَللَّهِ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْك الْكِتَابَ بِالْحَقِّ إنَّ حَقِّي لَحَقٌّ يَعْلَمُ ذَلِكَ نَفْسَهُ فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَيَّ بِالرَّجُلِ فَأَتَى بِهِ فَأَخْبَرَهُ فَقَالَ إنْ شِئْت عَاوَدْتُهُ فَقَالَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لَا، وَلَكِنْ اعْلَمْ أَنَّ مَنْ اقْتَطَعَ بِخُصُومَتِهِ وَجَدَلِهِ حَقَّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ فَإِنَّمَا يَقْتَطِعُ قِطْعَةً مِنْ نَارٍ فَقَالَ الرَّجُلُ الْحَقُّ حَقُّهُ فَكَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُتَّكِئًا فَجَلَسَ. وَقَالَ مَنْ اقْتَطَعَ بِخُصُومَتِهِ وَجَدَلِهِ حَقَّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ فَلِيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ»
قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ فَكَانَتْ هَذِهِ أَشَدَّ مِنْ الْأُولَى، وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَا يَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يَكُفَّ عَنْ الْقَضَاءِ مَخَافَةَ تَلْبِيسِ بَعْضِ الْخُصُومِ عَلَيْهِ فَقَدْ كَانُوا يَفْعَلُونَ ذَلِكَ عِنْدَ مَنْ كَانَ يَنْزِلُ عَلَيْهِ الْوَحْيُ وَهُوَ مَعْصُومٌ، وَفِيهِ دَلِيلٌ أَنَّهُ لَا بَأْسَ لِلْمَرْءِ أَنْ يَحْلِفَ مُخْتَارًا فَقَدْ حَلَفَ الرَّجُلُ مَرَّتَيْنِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُطْلَبَ ذَلِكَ مِنْهُ وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذَلِكَ، وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْقَاضِيَ إذَا ارْتَابَ فِي شَيْءٍ مِنْ قَضَائِهِ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَتَثَبَّتَ فِي ذَلِكَ وَيَحْتَاطَ.
(أَلَا تَرَى) أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَهُ بِالْمُعَاوَدَةِ حِينَ حَلَفَ الْمَقْضِيُّ عَلَيْهِ أَنَّ حَقَّهُ حَقٌّ وَكَانَ ذَلِكَ احْتِيَاطًا مِنْهُ، وَفِيهِ دَلِيلٌ أَنَّ مَالَ الْغَيْرِ لَا يَحِلُّ لِلْغَيْرِ بِقَضَاءِ الْقَاضِي فَقَدْ ذَكَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اللَّفْظَيْنِ فِي الْوَعِيدِ الثَّانِي أَشَدُّ مِنْ الْأَوَّلِ كَمَا قَالَهُ أَبُو هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وَهَذَا؛ لِأَنَّ حُرْمَةَ مَالِ الْمُسْلِمِ كَحُرْمَةِ نَفْسِهِ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «سِبَابُ الْمُسْلِمِ فِسْقٌ وَقِتَالُهُ كُفْرٌ وَحُرْمَةُ مَالِهِ كَحُرْمَةِ نَفْسِهِ» فَكَمَا أَنَّ مَنْ قَصَدَ قَتْلَ

نام کتاب : المبسوط نویسنده : السرخسي    جلد : 16  صفحه : 86
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست