responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المبسوط نویسنده : السرخسي    جلد : 11  صفحه : 255
«مَا أَنْهَرَ الدَّمَ وَأَفْرَى الْأَوْدَاجَ فَكُلْ» وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ الْإِسْكَافُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَقُولُ: لَا بَأْسَ بِأَكْلِهِ لِوُجُودِ فِعْلِ الذَّكَاةِ عَلَى مَا قَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «الذَّكَاةُ مَا بَيْنَ اللَّبَّةِ وَاللَّحْيَيْنِ» وَقَدْ يَمْتَنِعُ بَعْضُ الدَّمِ فِي الْعُرُوقِ لِحَابِسٍ يَحْبِسُهُ، وَذَلِكَ غَيْرُ مُوجِبٍ لِلْحُرْمَةِ بِالِاتِّفَاقِ، وَهَذَا مِثْلُهُ لَمْ يُبِنْ مَا يُؤْكَلُ وَمَا لَا يُؤْكَلُ مِنْ الصَّيُودِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُ ذَلِكَ.

وَذَكَرَ فِي جُمْلَةِ مَا لَا يُؤْكَلُ الْيَرْبُوعَ وَالْقُنْفُذَ وَمَا أَشْبَهَهُمَا مِنْ الْهَوَامِّ؛ لِأَنَّ الطِّبَاعَ السَّلِيمَةَ تَسْتَخْبِثُهَا فَيَدْخُلُ تَحْتَ قَوْله تَعَالَى: {وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمْ الْخَبَائِثَ} [الأعراف: 157]

قَالَ: (وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ الضُّفْدَعِ وَالشَّرْطَانِ وَمَا أَشْبَهَهُمَا، وَكَذَلِكَ جَمَلُ الْمَاءِ، وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ إلَّا السَّمَكَ)؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ ثَمَنٌ، وَمَعْنَى هَذَا مَا بَيَّنَّا أَنَّ الْبَيْعَ لَا يَجُوزُ إلَّا فِيمَا هُوَ مَالٌ مُتَقَوِّمٌ، وَالْمَالُ مَا يُتَمَوَّلُ، وَالتَّقَوُّمُ بِهِ يَكُونُ مُنْتَفَعًا بِهِ، وَسَائِرُ حَيَوَانَاتِ الْمَاءِ سِوَى السَّمَكِ غَيْرُ مَأْكُولِ اللَّحْمِ، وَلَا مَنْفَعَةَ لَهَا سِوَى الْأَكْلِ فَلَمْ يَكُنْ مَالًا مُتَقَوِّمًا، فَإِنْ كَانَ شَيْئًا لَهُ ثَمَنٌ كَجُلُودِ الْحُمُرِ وَنَحْوِهَا فَبَيْعُهُ جَائِزٌ؛ لِأَنَّ هَذَا مُنْتَفَعٌ بِهِ بِوَجْهٍ حَلَالٍ فَيَكُونُ مُتَقَوِّمًا فَيَجُوزُ بَيْعُهُ.

قَالَ: (وَلَا خَيْرَ فِي أَكْلِ النَّسْرِ وَالْعُقَابِ وَأَشْبَاهِهِمَا مِنْ صَيْدِ الْبَرِّ) «لِنَهْيِ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - عَنْ كُلِّ ذِي مِخْلَبٍ مِنْ الطَّيْرِ»، فَأَمَّا الْعَقْعَقُ وَالسُّودَانِيَّةُ وَأَشْبَاهُ ذَلِكَ مِمَّا لَا مِخْلَبَ لَهُ فَلَا بَأْسَ بِأَكْلِهِ، وَقَدْ بَيَّنَّا الْكَلَامَ فِي الْغُرَابِ فِيمَا سَبَقَ.

قَالَ: (وَلَا تُكْرَهُ الصَّلَاةُ عَلَى جِلْدِ مَا يُكْرَهُ أَكْلُهُ مِنْ ذِي النَّابِ)؛ لِأَنَّ الذَّكَاةَ تَعْمَلُ فِيمَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ فِي طِيبَةِ اللَّحْمِ وَطَهَارَةِ الْجِلْدِ، وَفِيمَا لَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ يُعْمَلُ فِي طَهَارَةِ الْجِلْدِ، وَإِنْ كَانَ لَا يُعْمَلُ فِي طِيبَةِ اللَّحْمِ؛ لِأَنَّ الْجِلْدَ مَحَلٌّ قَابِلٌ لِهَذَا الْحُكْمِ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ يَطْهُرُ بِالدِّبَاغِ «قَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: أَيُّمَا إهَابٍ دُبِغَ فَقَدْ طَهُرَ» فَكَذَلِكَ بِالذَّكَاةِ، وَقَدْ بَيَّنَّا هَذَا الْفَصْلَ فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ

[لُحُومُ الْإِبِلِ الْجَلَّالَةِ وَالْعَمَلُ عَلَيْهَا]
، وَتُكْرَهُ لُحُومُ الْإِبِلِ الْجَلَّالَةِ وَالْعَمَلُ عَلَيْهَا، وَتِلْكَ حَالُهَا إلَى أَنْ تُحْبَسَ أَيَّامًا لِمَا رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «نَهَى عَنْ أَكْلِ لَحْمِ الْجَلَّالَةِ، وَفِي رِوَايَةٍ أَنْ يُحَجَّ عَلَى الْجَلَّالَةِ وَيُعْتَمَرَ عَلَيْهَا وَيُنْتَفَعَ بِهَا» وَتَفْسِيرُ الْجَلَّالَةِ الَّتِي تَعْتَادُ أَكْلَ الْجِيَفِ وَلَا تُخْلَطُ فَيَتَعَيَّنُ لَحْمُهَا، وَيَكُونُ لَحْمُهَا مُنْتِنًا فَحَرُمَ الْأَكْلُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْخَبَائِثِ، وَالْعَمَلُ عَلَيْهَا لِتَأَذِّي النَّاسِ بِنَتْنِهَا، وَأَمَّا مَا يَخْلِطُ فَيَتَنَاوَلُ الْجِيَفَ وَغَيْرَ الْجِيَفِ عَلَى وَجْهٍ يَظْهَرُ أَثَرُ ذَلِكَ مِنْ لَحْمِهِ، فَلَا بَأْسَ بِأَكْلِهِ، وَالْعَمَلُ عَلَيْهِ حَتَّى ذَكَرَ فِي النَّوَادِرِ: لَوْ أَنَّ جَدْيًا غُذِّيَ بِلَبَنِ خِنْزِيرٍ فَلَا بَأْسَ بِأَكْلِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَغَيَّرْ لَحْمُهُ وَمَا غُذِّيَ بِهِ صَارَ مُسْتَهْلَكًا وَلَمْ يَبْقَ لَهُ أَثَرٌ، وَعَلَى هَذَا نَقُولُ: لَا بَأْسَ بِأَكْلِ الدَّجَاجَةِ وَإِنْ كَانَتْ تَقَعُ عَلَى الْجِيَفِ؛ لِأَنَّهَا تَخْلِطُ، وَلَا يَتَغَيَّرُ لَحْمُهَا وَلَا يَنْتُنُ، وَقِيلَ: هِيَ تَنْقُشُ الْجِيَفَ تَبْتَغِي الْحَبَّ فِيهَا لَا أَنْ تَتَنَاوَلَ الْجِيَفَ، وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يَكْرَهُ أَكْلَ الدَّجَاجِ

نام کتاب : المبسوط نویسنده : السرخسي    جلد : 11  صفحه : 255
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست