responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المبسوط نویسنده : السرخسي    جلد : 11  صفحه : 254
تَحْرِيمُ مَا كَانُوا يَعْتَادُونَهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَإِنَّهُمْ كَانُوا يَقْطَعُونَ بَعْضَ لَحْمِ الْأَلْيَةِ مِنْ الشَّاةِ وَرُبَّمَا لَا يَقْطَعُونَ بَعْضَ لَحْمِ الْعَجُزِ مِنْهَا فَيَأْكُلُونَهُ فَحَرَّمَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذَلِكَ؛ لِأَنَّ فِعْلَ الذَّكَاةِ لَا يَتَحَقَّقُ فِي الْمُبَانِ مَقْصُودًا، وَأَصْلُ الشَّاةِ حَيَّةٌ، وَبِدُونِ الذَّكَاةِ لَا يَثْبُتُ الْحِلُّ، وَهَذَا الْمَعْنَى مَوْجُودٌ هُنَا فَحُكْمُ الذَّكَاةِ اسْتَقَرَّ فِي الصَّيْدِ بَعْدَ مَا مَاتَ، وَهَذَا الْعُضْوُ مُبَانٌ مِنْ حِينَ مَاتَ، فَلَا يَسْرِي حُكْمُ الذَّكَاةِ إلَى ذَلِكَ الْعُضْوِ، وَلَا يُمْكِنُ إثْبَاتُ حُكْمِ الذَّكَاةِ فِي ذَلِكَ الْعُضْوِ مَقْصُودًا بِالْإِبَانَةِ، كَمَا لَوْ بَقِيَ الصَّيْدُ حَيًّا؛ فَلِهَذَا لَا يُؤْكَلُ ذَلِكَ الْعُضْوُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بَانَ ذَلِكَ الْعُضْوُ مِنْهُ أُكِلَ كُلُّهُ؛ لِأَنَّ بَقَاءَ الِاتِّصَالِ يُسْرِي حُكْمَ الذَّكَاةِ إلَى ذَلِكَ الْعُضْوِ فَيَكُونُ حَلَالًا كَغَيْرِهِ، وَإِنْ كَانَ تَعَلَّقَ مِنْهُ بِجَلْدَةٍ، فَإِنْ كَانَ بِمَنْزِلَةِ مَا قَدْ بَانَ مِنْهُ فَلَا يُؤْكَلُ، وَمُرَادُهُ مِنْ ذَلِكَ إذَا كَانَ بِحَيْثُ لَا يُتَوَهَّمُ اتِّصَالُهُ بِعِلَاجٍ فَهُوَ وَالْمُبَانُ سَوَاءٌ، وَإِنْ كَانَ بِحَيْثُ يُتَوَهَّمُ ذَلِكَ، فَهَذَا جُرْحٌ وَلَيْسَ بِإِبَانَةٍ فَيُؤْكَلُ كُلُّهُ، وَإِنْ قَطَعَهُ نِصْفَيْنِ يُؤْكَلُ كُلُّهُ؛ لِأَنَّ فِعْلَهُ أَثْمَرَ مَا يَكُونُ مِنْ الذَّكَاةِ إذْ لَا يُتَوَهَّمُ بَقَاؤُهُ حَيًّا بَعْدَ مَا قَطَعَهُ نِصْفَيْنِ طُولًا، وَإِنْ قَطَعَ الثُّلُثَ مِنْهُ مِمَّا يَلِي الْعَجُزَ فَأَبَانَهُ، فَإِنَّهُ يُؤْكَلُ الثُّلُثَانِ اللَّذَانِ مِمَّا يَلِي الرَّأْسَ، وَلَا يُؤْكَلُ الثُّلُثُ مِمَّا يَلِي الْعَجُزَ، فَإِنْ قَطَعَ الثُّلُثَ مِمَّا يَلِي الرَّأْسَ فَأَبَانَهُ، فَإِنَّهُ يُؤْكَلُ كُلُّهُ؛ لِأَنَّ مَا بَيْنَ النِّصْفِ إلَى الْعُنُقِ مَذْبَحٌ يُرِيدُ بِهِ أَنَّ الْأَوْدَاجَ مِنْ الْقَلْبِ إلَى الدِّمَاغِ، وَإِنْ قَطَعَ الثُّلُثَ مِمَّا يَلِي الْعَجُزَ لَمْ يَسْتَقِرَّ فِعْلُ الذَّكَاةِ بِهَذَا حِينَ لَمْ تُقْطَعْ الْأَوْدَاجُ، وَإِنَّمَا اسْتَقَرَّ بِمَوْتِهِ، وَهَذَا الْجُرْحُ مُبَانٌ عَنْهُ عِنْدَ ذَلِكَ، فَأَمَّا إذَا أَبَانَ الثُّلُثَ مِمَّا يَلِي الرَّأْسَ فَقَدْ اسْتَقَرَّ حُكْمُ الذَّكَاةِ بِقَطْعِ الْأَوْدَاجِ بِنَفْسِهِ، وَكَذَلِكَ إنْ قَدَّهُ نِصْفَيْنِ فَقَدْ اسْتَقَرَّ فِعْلُ الذَّكَاةِ بِقَطْعِ الْأَوْدَاجِ؛ فَلِهَذَا يُؤْكَلُ كُلُّهُ، فَإِنْ أَبَانَ طَائِفَةً مِنْ رَأْسِهِ، فَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ النِّصْفِ لَمْ يُؤْكَلْ مَا بَانَ مِنْهُ؛ لِأَنَّ الرَّأْسَ لَيْسَ بِمَذْبَحٍ فَهُوَ كَمَا لَوْ أَبَانَ جُزْءًا مِنْ الذَّنَبِ، وَإِنْ كَانَ النِّصْفَ أَوْ أَكْثَرَ أُكِلَ؛ لِأَنَّهُ يَتَقَطَّعُ الْأَوْدَاجُ بِهِ فَيَكُونُ فِعْلُهُ ذَكَاةً بِنَفْسِهِ.

قَالَ: (وَلَوْ ضَرَبَ وَسَمَّى وَقَطَعَ ظِلْفَهُ فَإِنْ أَدْمَاهُ فَلَا بَأْسَ بِأَكْلِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَدْمَاهُ لَمْ يُؤْكَلْ)؛ لِأَنَّ تَسْيِيلَ الدَّمِ النَّجِسِ لَمْ يَحْصُلْ، وَعَلَى هَذَا لَوْ ضَرَبَ عُنُقَ شَاةٍ بِسَيْفٍ فَأَبَانَهُ مِنْ قِبَلِ الْأَوْدَاجِ فَإِنَّهُ يُؤْكَلُ، وَفِي الْكِتَابِ رَوَاهُ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وَقَدْ أَسَاءَ فِيمَا صَنَعَ حِينَ تَرَكَ الْإِحْسَانَ فِي الذَّبْحِ.

وَاخْتَلَفَ الْمُتَأَخِّرُونَ مِنْ مَشَايِخِنَا - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - فِيمَنْ ذَبَحَ شَاةً فِي الْمَذْبَحِ فَلَمْ يَسِلْ الدَّمُ مِنْهَا، وَقَدْ يَكُونُ ذَلِكَ إذَا كَانَتْ قَدْ أَكَلَتْ الْعُنَّابَ، وَكَانَ أَبُو الْقَاسِمِ الصَّفَّارُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - يَقُولُ: لَا يَحِلُّ لِانْعِدَامِ مَعْنَى الذَّكَاةِ، وَهُوَ تَسْيِيلُ الدَّمِ النَّجِسِ، وَقَدْ قَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -:

نام کتاب : المبسوط نویسنده : السرخسي    جلد : 11  صفحه : 254
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست