responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المبسوط نویسنده : السرخسي    جلد : 11  صفحه : 238
فَعَرَفْنَا أَنَّهُ يَبْنِي عَلَى مَا يُظْهِرُونَ، ثُمَّ إنَّا أُمِرْنَا بِالتَّسْمِيَةِ عِنْدَ الذَّبْحِ مُخَالَفَةً لِلْمُشْرِكِينَ؛ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يُسَمُّونَ آلِهَتَهُمْ عِنْدَ الذَّبْحِ، وَمُخَالَفَتُهُمْ وَاجِبَةٌ عَلَيْنَا فَالتَّسْمِيَةُ عِنْدَ الذَّبْحِ تَكُونُ وَاجِبَةً أَيْضًا بِخِلَافِ الطَّبْخِ وَالْأَكْلِ، فَإِنَّهُمْ مَا كَانُوا يُسَمُّونَ آلِهَتَهُمْ عِنْدَ ذَلِكَ، فَالْأَمْرُ بِالتَّسْمِيَةِ عِنْدَ ذَلِكَ نَدْبٌ.
وَكَذَلِكَ عِنْدَ الْوَصْفِ فَالْأَمْرُ بِالتَّسْمِيَةِ عِنْدَ الْوَصْفِ لَمْ يَكُنْ لِمُخَالَفَتِهِمْ فَكَانَ نَدْبًا، أَلَا تَرَى أَنَّ فِي حَالَةِ النِّسْيَانِ تُقَامُ مِلَّتُهُ مُقَامَ التَّسْمِيَةِ، كَمَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - لِمَعْنَى التَّخْفِيفِ، وَهَذَا التَّخْفِيفُ يَسْتَحِقُّهُ النَّاسِي دُونَ الْعَامِدِ، وَلِأَنَّ الْعَامِدَ مُعْرِضٌ عَنْ التَّسْمِيَةِ، فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُجْعَلَ مُسَمِّيًا حُكْمًا بِخِلَافِ النَّاسِي، فَإِنَّهُ غَيْرُ مُعْرِضٍ بَلْ مَعْذُورٌ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْمَعْذُورِ وَغَيْرِ الْمَعْذُورِ أَصْلٌ فِي الشَّرْعِ فِي الذَّبْحِ وَغَيْرِ الذَّبْحِ أَلَا تَرَى أَنَّ فِي اعْتِبَارِ الذَّبْحِ فِي الْمَذْبَحِ يُفْصَلُ بَيْنَ الْمَعْذُورِ وَغَيْرِهِ، وَفِي الْأَكْلِ فِي الصَّوْمِ يُفْصَلُ بَيْنَ النَّاسِي وَالْعَامِدِ، وَلَا يُعْتَبَرُ بِالْمَأْمُورِ وَالْمَزْجُورِ فَالْأَكْلُ فِي الصَّلَاةِ مَزْجُورٌ، ثُمَّ سَوَّى فِيهِ بَيْنَ النِّسْيَانِ وَالْعَمْدِ، وَالْجِمَاعُ فِي الْإِحْرَامِ كَذَلِكَ، وَلَكِنْ مَتَى اقْتَرَنَ بِحَالَةِ مَا يَذْكُرُهُ كَهَيْئَةِ الْمُحْرِمِينَ وَالْمُصَلِّينَ لَا يُعْذَرُ بِالنِّسْيَانِ، وَمَتَى لَمْ يَقْتَرِنْ بِحَالَةِ مَا يَذْكُرُهُ يُعْذَرُ بِالنِّسْيَانِ كَالصَّوْمِ، وَهُنَا لَمْ تَقْتَرِنْ بِحَالَةِ مَا يَذْكُرُهُ، وَقَدْ يَذْبَحُ الْإِنْسَانُ الطَّيْرَ وَقَلْبُهُ مُشْتَغِلٌ بِشُغْلٍ آخَرَ فَيَتْرُكُ التَّسْمِيَةَ نَاسِيًا، وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ الْحَدِيثُ عَلَى أَنَّهُ اذْبَحْ عَلَى اسْمِ اللَّهِ تَعَالَى إذَا كَانَ نَاسِيًا غَيْرَ مُعْرِضٍ، بِدَلِيلِ أَنَّهُ ذُكِرَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ «وَإِنْ تَعَمَّدَ لَمْ يَحِلَّ» وَحَدِيثُ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - دَلِيلُنَا؛ لِأَنَّهَا سَأَلَتْ عَنْ الْأَكْلِ عِنْدَ وُقُوعِ الشَّكِّ فِي التَّسْمِيَةِ، فَذَلِكَ دَلِيلُهُ عَلَى أَنَّهُ كَانَ مَعْرُوفًا عِنْدَهُمْ أَنَّ التَّسْمِيَةَ مِنْ شَرَائِطِ الْحِلِّ، وَإِنَّمَا أَمَرَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْأَكْلِ بِنَاءً عَلَى الظَّاهِرِ أَنَّ الْمُسْلِمَ لَا يَدَعُ التَّسْمِيَةَ عَمْدًا كَمَنْ اشْتَرَى لَحْمًا فِي سُوقِ الْمُسْلِمِينَ يُبَاحُ لَهُ التَّنَاوُلُ بِنَاءً عَلَى الظَّاهِرِ، وَإِنْ كَانَ يَتَوَهَّمُ أَنَّهُ ذَبِيحَةُ مَجُوسِيٍّ.

[التَّسْمِيَةُ فِي الذَّبْحِ]
ثُمَّ التَّسْمِيَةُ فِي الذَّبْحِ تُشْتَرَطُ عِنْدَ الْقَطْعِ، وَفِي الِاصْطِيَادِ عِنْدَ الْإِرْسَالِ وَالرَّمْيِ؛ لِأَنَّ التَّكْلِيفَ بِحَسَبِ الْوُسْعِ، وَفِي وُسْعِهَا التَّسْمِيَةُ عِنْدَ الرَّمْيِ، وَلَيْسَ فِي وُسْعِهِ التَّسْمِيَةُ عِنْدَ الْإِصَابَةِ، فَتُقَامُ التَّسْمِيَةُ عِنْدَ الْإِرْسَالِ وَالرَّمْيِ مُقَامَهُ، كَمَا يُقَامُ الْجُرْحُ فِي الْمُتَوَحِّشِ مُقَامَ الذَّبْحِ فِي الْمَذْبَحِ فِي الْأَهْلِيِّ، وَلِأَنَّ التَّسْمِيَةَ تَقْتَرِنُ بِفِعْلِهِ، وَالْقَطْعُ مِنْ فِعْلِهِ، وَفِي الِاصْطِيَادِ فِعْلُهُ الْإِرْسَالُ وَالرَّمْيُ، وَعَلَى هَذَا لَوْ أَضْجَعَ شَاةً وَأَخَذَ السِّكِّينَ وَسَمَّى ثُمَّ تَرَكَهَا وَذَبَحَ شَاةً أُخْرَى، وَتَرَكَ التَّسْمِيَةَ عَلَيْهَا لَا يَحِلُّ، وَلَوْ رَمَى سَهْمًا إلَى صَيْدٍ وَسَمَّى فَأَصَابَ صَيْدًا آخَرَ أَوْ أَخَذَ سِكِّينًا، وَسَمَّى ثُمَّ تَرَكَهَا وَأَخَذَ سِكِّينًا أُخْرَى أَوْ أَرْسَلَ كَلْبَهُ إلَى صَيْدٍ وَسَمَّى، وَتَرَكَ ذَلِكَ الصَّيْدَ وَأَخَذَ غَيْرَهُ حَلَّ، وَكَذَلِكَ لَوْ

نام کتاب : المبسوط نویسنده : السرخسي    جلد : 11  صفحه : 238
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست