responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المبسوط نویسنده : السرخسي    جلد : 11  صفحه : 237
ثُمَّ فِيمَا هُوَ الْمَقْصُودُ وَهُوَ الْأَكْلُ التَّسْمِيَةُ فِيهِ نَدْبٌ وَلَيْسَ بِحَتْمٍ، فَهَذَا هُوَ طَرِيقٌ إلَيْهِ أَوْلَى، وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ أَنَّهُ تَحِلُّ ذَبَائِحُ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى، وَلَوْ كَانَتْ التَّسْمِيَةُ شَرْطًا لَمَا حَلَّتْ ذَبَائِحُهُمْ؛ لِأَنَّهُمْ وَإِنْ ذَكَرُوا اسْمَ اللَّهِ تَعَالَى، فَإِنَّهُمْ يُرِيدُونَ غَيْرَ اللَّهِ، وَهُوَ مَا يَتَّخِذُونَهُ مَعْبُودًا لَهُمْ؛ لِأَنَّ النَّصَارَى يَقُولُونَ الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ تَعَالَى عَنْ ذَلِكَ عُلْوًا كَبِيرًا، وَنَحْنُ نَتَبَرَّأُ مِنْ إلَهٍ لَهُ وَلَدٌ، وَحُجَّتُنَا فِي ذَلِكَ قَوْله تَعَالَى {وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرْ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ} [الأنعام: 121] وَمُطْلَقُ النَّهْيِ يَقْتَضِي التَّحْرِيمَ، وَأَكَّدَ ذَلِكَ بِحَرْفِ مِنْ؛ لِأَنَّهُ فِي مَوْضِعِ النَّهْيِ لِلْمُبَالَغَةِ فَيَقْتَضِي حُرْمَةَ كُلِّ جُزْءٍ مِنْهُ، وَالْهَاءُ فِي قَوْله تَعَالَى: {وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ} [الأنعام: 121] إنْ كَانَ كِنَايَةً عَنْ الْأَكْلِ فَالْفِسْقُ أَكْلُ الْحَرَامِ، وَإِنْ كَانَ كِنَايَةَ عَنْ الْمَذْبُوحِ فَالْمَذْبُوحُ الَّذِي يُسَمَّى فِسْقًا فِي الشَّرْعِ يَكُونُ حَرَامًا، كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ} [الأنعام: 145] وَفِي الْآيَةِ بَيَانُ أَنَّ الْحُرْمَةَ لِعَدَمِ ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى؛ لِأَنَّ التَّحْرِيمَ بِوَصْفٍ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ الْوَصْفَ هُوَ الْمُوجِبُ لِلْحُرْمَةِ كَالْمَيْتَةِ وَالْمَوْقُوذَةِ، وَبِهَذَا يَتَبَيَّنُ فَسَادُ حَمْلِ الْآيَةِ عَلَى الْمَيْتَةِ وَذَبَائِحِ الْمُشْرِكِينَ، فَإِنَّ الْحُرْمَةَ هُنَاكَ لَيْسَتْ لِعَدَمِ ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى، حَتَّى إنَّهُ وَإِنْ ذَكَرَ اسْمَ اللَّهِ تَعَالَى لَمْ يَحِلَّ، وَقَالَ تَعَالَى: {فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ} [الحج: 36] يَعْنِي عِنْدَ النَّحْرِ بِدَلِيلِ قَوْله تَعَالَى: {فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا} [الحج: 36] أَيْ سَقَطَتْ، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي تَفْسِيرِ الْآيَةِ ذِكْرُ اسْمِ اللَّهِ تَعَالَى أَنْ يَقُولَ عِنْدَ الطَّعْنِ: بِسْمِ اللَّهِ وَاَللَّهُ أَكْبَرُ.
وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ} [المائدة: 4] الْآيَةَ، وَالْمُرَادُ التَّسْمِيَةُ عِنْدَ الْإِرْسَالِ، فَثَبَتَ بِهَذَيْنِ النَّصَّيْنِ أَنَّ التَّسْمِيَةَ مَأْمُورٌ بِهَا، وَمُطْلَقُ الْأَمْرِ الْوُجُوبُ، وَهِيَ مِنْ شَرَائِطِ الْحِلِّ ثَبَتَ بِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِعَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - «إذَا أَرْسَلْتَ كَلْبَكَ الْمُعَلَّمَ وَذَكَرْتَ اسْمَ اللَّهِ تَعَالَى فَكُلْ» وَالْمَعْطُوفُ عَلَى الشَّرْطِ شَرْطٌ، وَأَكَّدَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: «وَإِنْ شَارَكَ كَلْبَكَ كَلْبٌ آخَرُ، فَلَا تَأْكُلْ فَأَنْتَ إنَّمَا سَمَّيْتَ عَلَى كَلْبِكَ، وَلَمْ تُسَمِّ عَلَى كَلْبِ غَيْرِكَ» فَعَلَّلَ لِلْحُرْمَةِ بِأَنَّهُ لَمْ يُسَمِّ عَلَى كَلْبِ غَيْرِهِ فَهُوَ دَلِيلُ الْحُرْمَةِ إذَا لَمْ يُسَمِّ عَلَى كَلْبِ نَفْسِهِ، وَشَيْءٌ مِنْ الْمَعْنَى يَشْهَدُ لَهُ، فَإِنَّ ذَبِيحَةَ الْكِتَابِيِّ تَحِلُّ، وَذَبِيحَةُ الْمَجُوسِيِّ لَا تَحِلُّ، وَلَيْسَ بَيْنَهُمَا فَرْقٌ يُعْقَلُ مَعْنَاهُ بِالرَّأْيِ سِوَى مَنْ يَدَّعِي التَّوْحِيدَ يَصِحُّ مِنْهُ تَسْمِيَةُ اللَّهِ عَلَى الْخُلُوصِ، وَمَنْ يَدَّعِي الِاثْنَيْنِ لَا يَصِحُّ مِنْهُ تَسْمِيَةُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى الْخُلُوصِ فَبِهِ يَتَبَيَّنُ أَنَّ التَّسْمِيَةَ مِنْ شَرَائِطِ الْحِلِّ أَوْ إنَّمَا أُمِرْنَا بِبِنَاءِ الْحُكْمِ فِي حَقِّ أَهْلِ الْكِتَابِ عَلَى مَا يُظْهِرُونَ دُونَ مَا يُضْمِرُونَ، أَلَا تَرَى أَنَّ تَسْمِيَةَ غَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى سَبِيلِ التَّعْظِيمِ مُوجِبَةٌ لِلْحُرْمَةِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ} [البقرة: 173] فَلَوْ اعْتَبَرْنَا مَا يُضْمِرُونَ لَمْ تَحِلَّ ذَبِيحَتُهُمْ، وَكَذَلِكَ يُسْتَحْلَفُونَ فِي الْمَظَالِمِ بِاَللَّهِ، وَالِاسْتِحْلَافُ بِغَيْرِ اللَّهِ لَا يَحِلُّ

نام کتاب : المبسوط نویسنده : السرخسي    جلد : 11  صفحه : 237
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست