responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري نویسنده : ابن نجيم، زين الدين    جلد : 8  صفحه : 524
الَّذِي سَمَّاهُ الْمُوصِي وَصِيًّا فَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي نَوَادِره فِيمَنْ أَوْصَى إلَى ابْنٍ صَغِيرٍ لَهُ قَالَ يَجْعَلُ الْقَاضِي لَهُ وَصِيًّا يَجُوزُ أَمْرُهُ وَإِذَا بَلَغَ ابْنُهُ جَعَلَهُ وَصِيًّا وَأَخْرَجَ الْأَوَّلَ إنْ شَاءَ وَلَا يَخْرُجُ إلَّا بِالْإِخْرَاجِ.

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَإِلَى عَبْدِهِ وَوَرَثَتُهُ صِغَارٌ صَحَّ) أَيْ إذَا أَوْصَى إلَى عَبْدِ نَفْسِهِ وَوَرَثَتُهُ صِغَارٌ جَازَ الْإِيصَاءُ إلَيْهِ وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: لَا يَجُوزُ وَهُوَ الْقِيَاسُ؛ لِأَنَّ الْوِلَايَةَ مُنْعَدِمَةٌ لِمَا أَنَّ الرِّقَّ يُنَافِيهَا وَلِأَنَّ فِيهِ الْوِلَايَةَ لِلْمَمْلُوكِ عَلَى الْمَالِكِ، وَفِي هَذَا قَلْبُ الْمَشْرُوعِ وَلِأَنَّ الْوِلَايَةَ الصَّادِرَةَ مِنْ الْأَبِ لَا تَتَجَزَّأُ فِي اعْتِبَارِ هَذِهِ الْوِلَايَةِ تَجَزُّؤُهَا لَا يَمْلِكُ بَيْعَ رَقَبَتِهِ، وَهَذَا خِلَافُ الْمَوْضُوعِ وَلِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ مُخَاطَبٌ مُسْتَبِدٌّ بِالتَّصَرُّفِ فَيَكُونُ أَهْلًا لِلْوِصَايَةِ وَلَيْسَ لِأَحَدٍ عَلَيْهِ الْوِلَايَةُ فَإِنَّ الصِّغَارَ وَإِنْ كَانُوا مُلَّاكًا فَلَيْسَ لَهُمْ وِلَايَةُ التَّصَرُّفِ فَلَا مُنَافَاةَ فَإِنْ قِيلَ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ ذَلِكَ فَلِلْقَاضِي أَنْ يَبِيعَهُ فَيَتَحَقَّقُ الْمَنْعُ، وَالْمُنَافَاةُ.
أُجِيبَ بِأَنَّهُ إذَا ثَبَتَ الْإِيصَاءُ لَمْ يَبْقَ لِلْقَاضِي وِلَايَةٌ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ فِي الْوَرَثَةِ كِبَارٌ أَوْ أَوْصَى إلَى عَبْدِ الْغَيْرِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَسْتَبِدُّ إذَا كَانَ لِلْمَوْلَى مَنْعُهُ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ بَيْعُهُ وَإِيصَاءُ الْمَوْلَى إلَيْهِ يُؤْذِنُ بِكَوْنِهِ نَاظِرًا لَهُمْ فَصَارَ كَالْمُكَاتَبِ، وَالْوَصَايَا قَدْ تُجَزَّأُ عَلَى مَا رَوَاهُ الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ كَمَا إذَا أَوْصَى لِرَجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا يَكُونُ فِي الدَّيْنِ، وَالْآخَرُ فِي الْعَيْنِ فَيَكُونُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَصِيًّا فِيمَا أَوْصَى إلَيْهِ خَاصَّةً أَوْ نَقُولُ يُصَارُ إلَيْهِ كَيْ لَا يُؤَدِّيَ إلَى إبْطَالِ أَصْلِهِ وَتَعْيِينُ الْوَصْفِ بِإِبْطَالِ عُمُومِ الْوِلَايَةِ أَوْلَى مِنْ إبْطَالِ أَصْلِ الْإِيصَاءِ، وَقَوْلُ مُحَمَّدٍ فِيهِ مُضْطَرِبٌ، وَيُرْوَى مَعَ أَبِي حَنِيفَةَ وَيُرْوَى مَعَ أَبِي يُوسُفَ قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَإِلَّا لَا) يَعْنِي إنْ لَمْ تَكُنْ الْوَرَثَةُ صِغَارًا بِأَنْ كَانُوا كُلُّهُمْ أَوْ بَعْضُهُمْ كِبَارًا لَا يَجُوزُ الْإِيصَاءُ؛ لِأَنَّ الْكَبِيرَ لَهُ أَنْ يَمْنَعَهُ أَوْ يَبِيعُ نَصِيبَهُ فَيَمْنَعُهُ الْمُشْتَرِي فَيَعْجَزُ عَنْ الْوَفَاءِ بِمَا الْتَزَمَ فَلَا يَفْسُدُ.

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَمَنْ عَجَزَ عَنْ الْقِيَامِ ضَمَّ إلَيْهِ غَيْرَهُ) ؛ لِأَنَّ فِي الضَّمِّ رِعَايَةَ الْحَقَّيْنِ حَقِّ الْوَصِيِّ وَحَقِّ الْوَرَثَةِ؛ لِأَنَّ تَكْمِيلَ النَّظَرِ يَحْصُلُ بِهِ؛ لِأَنَّ النَّظَرَ يَتِمُّ بِإِعَانَةِ غَيْرِهِ وَلَوْ شَكَا الْوَصِيُّ إلَيْهِ ذَلِكَ فَلَا يُجِيبُهُ حَتَّى يَعْرِفَ ذَلِكَ حَقِيقَةً؛ لِأَنَّ الشَّاكِيَ قَدْ يَكُونُ كَاذِبًا عَلَى نَفْسِهِ وَلَوْ ظَهَرَ لِلْقَاضِي عَجْزُهُ أَصْلًا اسْتَبْدَلَ بِهِ غَيْرَهُ رِعَايَةً لِلنَّظَرِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ.
وَلَوْ كَانَ قَادِرًا عَلَى التَّصَرُّفِ وَهُوَ أَمِينٌ فِيهِ لَيْسَ لِلْقَاضِي أَنْ يُخْرِجَهُ؛ لِأَنَّهُ مُخْتَارُ الْمَيِّتِ، وَلَوْ اخْتَارَ غَيْرَهُ كَانَ دُونَهُ فَكَانَ إبْقَاؤُهُ أَوْلَى أَلَا تَرَى أَنَّهُ قُدِّمَ عَلَى أَبِ الْمَيِّتِ مَعَ وُفُورِ شَفَقَتِهِ فَأَوْلَى أَنْ يُقَدَّمَ عَلَى غَيْرِهِ، وَكَذَا إذَا شَكَا الْوَرَثَةُ أَوْ بَعْضُهُمْ الْوَصِيَّ إلَيْهِ لَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَعْزِلَهُ حَتَّى تَبْدُوَ لَهُ مِنْهُ خِيَانَةٌ؛ لِأَنَّهُ اسْتَفَادَ الْوِلَايَةَ مِنْ الْمَيِّتِ غَيْرَ أَنَّهُ إذَا ظَهَرَتْ الْخِيَانَةُ فَاتَتْ الْأَمَانَةُ، وَالْمَيِّتُ إنَّمَا اخْتَارَهُ لِأَجْلِهَا وَلَيْسَ مِنْ النَّظَرِ إبْقَاؤُهُ بَعْدَ فَوَاتِهَا وَلَوْ كَانَ حَيًّا لَأَخْرَجَهُ مِنْهَا فَيَنُوبُ الْقَاضِي مَنَابَهُ عِنْدَ عَجْزِهِ وَيُقِيمُ غَيْرَهُ مَقَامَهُ كَأَنَّهُ مَاتَ وَلَا وَصِيَّ لَهُ.

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَيَبْطُلُ فِعْلُ أَحَدِ الْوَصِيَّيْنِ) أَيْ إذَا أَوْصَى إلَى اثْنَيْنِ لَمْ يَكُنْ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يَتَصَرَّفَ فِي مَالِ الْمَيِّتِ فَإِنْ تَصَرَّفَ فِيهِ فَهُوَ بَاطِلٌ وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ يَنْفَرِدُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالتَّصَرُّفِ ثُمَّ قِيلَ الْخِلَافُ فِيمَا إذَا أَوْصَى إلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِعَقْدٍ وَأَمَّا إذَا أَوْصَى إلَيْهِمَا مَعًا أَوْ أَوْصَى إلَيْهِمَا بِعَقْدٍ عَلَى حَدِّهِ وَمَحِلُّ الْخِلَافِ إذَا كَانَ ذَلِكَ فِي عَقْدَيْنِ وَأَمَّا إذَا كَانَ فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ فَلَا يَنْفَرِدُ أَحَدُهُمَا بِالْإِجْمَاعِ فَكَذَا ذَكَرَهُ الْكَيْسَانِيُّ وَقِيلَ الْخِلَافُ فِي الْفَصْلَيْنِ جَمِيعًا، ذَكَرَهُ أَبُو بَكْرٍ الْإِسْكَافُ، وَقَالَ فِي الْمَبْسُوطِ وَهُوَ الْأَصَحُّ وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ الْبُطْلَانِ التَّوَقُّفُ عَلَى إجَازَةِ الْآخَرِ أَوْ رَدَّهُ بِخِلَافِ الْوَكِيلَيْنِ إذَا وَكَّلَهُمَا مُتَفَرِّقًا حَيْثُ يَنْفَرِدُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالتَّصَرُّفِ بِالْإِجْمَاعِ.
وَالْفَرْقُ أَنَّ ضَمَّ الثَّانِي فِي الْإِيصَاءِ دَلِيلٌ عَلَى عَجْزِ الْأَوَّلِ عَنْ الْمُبَاشَرَةِ وَحْدَهُ وَهَذَا؛ لِأَنَّ ضَمَّ الْإِيصَاءِ إلَى الثَّانِي يَقْصِدُ بِهِ الِاشْتِرَاكَ مَعَ الْأَوَّلِ، وَهُوَ يَمْلِكُ الرُّجُوعَ عَنْ الْوَصِيَّةِ لِلْأَوَّلِ فَيَمْلِكُ اشْتَرَاكَ الثَّانِي مَعَهُ، وَقَدْ يُوصِي الْإِنْسَانُ إلَى غَيْرِهِ عَلَى أَنَّهُ يَتَمَكَّنُ مِنْ إتْمَامِ مَقْصُودِهِ وَحْدَهُ ثُمَّ يَتَبَيَّنُ لَهُ عَجْزُهُ عَنْ ذَلِكَ فَيَضُمُّ إلَيْهِ غَيْرَهُ، فَصَارَ بِمَنْزِلَةِ الْإِيصَاءِ إلَيْهِمَا مَعًا وَلَا كَذَلِكَ الْوَكَالَةُ فَإِنَّ رَأْيَ الْمُوَكِّلِ قَائِمٌ وَلَوْ كَانَ الْوَكِيلُ عَاجِزًا لَبَاشَرَ بِنَفْسِهِ لِتَمَكُّنِهِ مِنْ ذَلِكَ وَلَمَّا وَكَّلَ عَلِمَ أَنَّ مُرَادَهُ أَنْ يَنْفَرِدَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالتَّصَرُّفِ وَلِأَنَّ وُجُوبَ الْوَصِيَّةِ عِنْدَ الْمَوْتِ فَيَثْبُتُ لَهُمَا مَعًا بِخِلَافِ الْوَكَالَةِ الْمُتَعَاقِبَةِ فَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ الْخِلَافَ فِيهِمَا مَعًا فَأَبُو يُوسُفَ يَقُولُ: إنَّ الْوَصَايَا سَبِيلُهَا الْوِلَايَةُ وَهِيَ وَصْفٌ شَرْعِيٌّ لَا يَتَجَزَّأُ فَيَثْبُتُ لِكُلِّ وَاحِدٍ كَامِلًا كَوِلَايَةِ الْإِنْكَاحِ لِلْأَخَوَيْنِ وَهَذِهِ؛ لِأَنَّ الْوَصَايَا خِلَافَةٌ، وَإِنَّمَا تَتَحَقَّقُ الْخِلَافَةُ إذَا انْتَقَلَتْ إلَيْهِ كَذَلِكَ فَلِأَنَّ اخْتِيَارَ الْمُوصِي أَيُّهُمَا يُؤْذِنُ بِاخْتِصَاصِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالشَّفَقَةِ

نام کتاب : البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري نویسنده : ابن نجيم، زين الدين    جلد : 8  صفحه : 524
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست