responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري نویسنده : ابن نجيم، زين الدين    جلد : 8  صفحه : 523
فَالْقَبُولُ بِالْفِعْلِ بِأَنْ يَبِيعَ الْوَصِيُّ التَّرِكَةَ قَبْلَ الْقَبُولِ بِاللَّفْظِ فَهُوَ قَبُولُ دَلَالَةِ الِالْتِزَامِ وَهُوَ مُعْتَبَرٌ بِالْمَوْتِ وَيَنْفُذُ الْبَيْعُ لِصُدُورِهِ مِنْ الْمُوصِي سَوَاءٌ عَلِمَ بِالْإِيصَاءِ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ بِخِلَافِ الْوَكِيلِ حَيْثُ لَا يَكُونُ وَكِيلًا مِنْ غَيْرِ عِلْمٍ؛ لِأَنَّ التَّوْكِيلَ إنَابَةٌ فِي حَالِ قِيَامِ وِلَايَةِ الْمُوَكِّلِ.
وَلَا يَصِحُّ مِنْ غَيْرِ عِلْمٍ كَإِثْبَاتِ الْمِلْكِ فِي الْبَيْعِ، وَالشِّرَاءِ فَلَا بُدَّ مِنْ الْعِلْمِ وَطَرِيقُ الْعِلْمِ بِهِ أَنْ يُخْبِرَهُ وَاحِدٌ مِنْ أَهْلِ التَّمْيِيزِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُهُ أَمَّا الْإِيصَاءُ فَخِلَافُهُ؛ لِأَنَّهُ مُخْتَصٌّ بِحَالِ انْقِطَاعِ وِلَايَةِ الْمَيِّتِ فَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الْعِلْمِ كَالْوِرَاثَةِ قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَإِنْ مَاتَ الْمُوصِي فَقَالَ لَا أَقْبَلُ ثُمَّ قَبِلَ صَحَّ إنْ لَمْ يُخْرِجَهُ قَاضٍ مُنْذُ قَالَ لَا أَقْبَلُ) أَيْ الْمُوصِي إلَيْهِ إنْ لَمْ يَقْبَلْ حَتَّى مَاتَ الْمُوصِي فَقَالَ لَا أَقْبَلُ ثُمَّ قَالَ أَقْبَلُ فَلَهُ ذَلِكَ إنْ لَمْ يَكُنْ الْقَاضِي أَخْرَجَهُ مِنْ الْوَصِيَّةِ حِينَ قَالَ لَا أَقْبَلُ؛ لِأَنَّ مُجَرَّدَ قَوْلِهِ لَا أَقْبَلُ لَا يُبْطِلُ الْإِيصَاءُ؛ لِأَنَّ فِيهِ ضَرَرًا بِالْمَيِّتِ وَضَرَرُ الْمُوصَى لَهُ فِي الْإِبْقَاءِ مَجْبُورٌ بِالثَّوَابِ وَدَفْعُ الضَّرَرِ الْأَوَّلِ أَوْلَى إلَّا أَنَّ الْقَاضِيَ إذَا أَخْرَجَهُ عَنْ الْوَصِيَّةِ يَصِحُّ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ مُجْتَهِدٌ فِيهِ فَكَانَ لَهُ إخْرَاجُهُ بَعْدَ قَوْلِهِ لَا أَقْبَلُ كَمَا أَنَّ لَهُ إخْرَاجَهُ بَعْدَ قَبُولِهِ أَوَّلًا؛ لِأَنَّهُ نُصِبَ نَاظِرًا فَإِذَا رَأَى غَيْرَهُ أَصْلَحَ مِنْهُ كَانَ لَهُ عَزْلُهُ وَنَصَبَ غَيْرَهُ وَرُبَّمَا يَعْجِزُ هُوَ عَنْ ذَلِكَ فَيَتَضَرَّرُ بِالْوَصِيَّةِ فَيَدْفَعُ الْقَاضِي الضَّرَرَ وَيَنْصِبُ حَافِظًا لِمَالِ الْمَيِّتِ مُتَصَرِّفًا فِيهِ فَيَدْفَعُ الضَّرَرَ مِنْ الْجَانِبَيْنِ، وَلَوْ قَالَ: أَقْبَلُ بَعْدَمَا أَخْرَجَهُ الْقَاضِي لَا يَلْتَفِتُ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ قَبِلَ بَعْدَمَا بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ بِإِخْرَاجِ الْقَاضِي إيَّاهُ قَالَ فِي الْعِنَايَةِ وَطُولِبَ بِالْفَرْقِ بَيْنَ الْمُوصَى لَهُ، وَالْمُوصِي إلَيْهِ.
فَإِنَّ قَبُولَ الْأَوَّلِ فِي الْحَالِ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ حَتَّى لَوْ قَبِلَ حَالَ حَيَاةِ الْمُوصِي ثُمَّ رَدَّهُ بَعْدَ وَفَاتِهِ كَانَ صَحِيحًا بِخِلَافِ الثَّانِي فَإِنَّهُ إذَا قَبِلَهُ فِي حَالَ الْحَيَاةِ ثُمَّ رَدَّهُ بَعْدَ الْمَوْتِ لَا يَصِحُّ، وَفِي أَنَّ قَبُولَهُ حَالَ حَيَاتِهِ مُعْتَبَرٌ وَقَبُولُ الْأَوَّلِ فِي حَالِ الْحَيَاةِ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْإِيصَاءَ يَقَعُ لِلْمَيِّتِ فَكَانَ رَدُّهَا بِغَيْرِ عِلْمِهِ إضْرَارًا بِهِ فَلَا يَجُوزُ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ وَقَوْلُهُ بِخِلَافِ الْوَكِيلِ بِشِرَاءِ عَبْدِهِ بِغَيْرِ عَيْنِهِ أَوْ يَبِيعُ مَالَهُ حَيْثُ يَصِحُّ رَدُّهُ فِي غَيْبَتِهِ وَبِغَيْرِ عِلْمِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا ضَرَرَ قَالَ صَاحِبُ النِّهَايَةِ: هَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ مُخَالِفٌ لِعَامَّةِ رِوَايَاتِ الْكُتُبِ مِنْ الذَّخِيرَةِ وَأَدَبِ الْقَاضِي لِلصَّدْرِ الشَّهِيدِ، وَالْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِلْمَحْبُوبِيِّ، وَفِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْوَكِيلَ إذَا عَزَلَ نَفْسَهُ مِنْ غَيْرِ عِلْمِ الْمُوَكِّلِ لَمْ يَخْرُجْ عَنْ الْوَكَالَةِ حَالَ غَيْبَةِ الْمُوَكِّلِ وَقَوْلُ الْمُؤَلِّفِ إنْ لَمْ يُخْرِجْهُ قَاضٍ إلَى آخِرِهِ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِي هَذَا الْإِخْرَاجِ قَالَ فِي الْعِنَايَةِ: فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ حُكْمٌ فِي فَصْلٍ مُجْتَهَدٍ فِيهِ فَيَنْفُذُ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الْإِمَامُ السَّرَخْسِيُّ وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: إنَّمَا صَحَّ؛ لِأَنَّهَا لَوْ صَحَّتْ بِقَبُولِهِ كَانَ لِلْقَاضِي أَنْ يُخْرِجَهُ وَيَصِحُّ الْإِخْرَاجُ فَهَذَا أَوْلَى وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الْحَلْوَانِيُّ.

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَإِلَى عَبْدٍ وَكَافِرٍ وَفَاسِقٍ بَدَّلَ بِغَيْرِهِمْ) أَيْ إذَا أَوْصَى إلَى هَؤُلَاءِ الْمَذْكُورِينَ أَخْرَجَهُمْ الْقَاضِي وَيَسْتَبْدِلُ غَيْرَهُمْ مَكَانَهُمْ وَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ إلَى شُرُوطِ الْوِلَايَةِ فَالْأَوَّلُ: الْحُرِّيَّةُ، وَالثَّانِي: الْإِسْلَامُ.
وَالثَّالِثُ: الْعَدَالَةُ فَلَوْ وَلَّى مَنْ ذُكِرَ صَحَّ وَيَسْتَبْدِلُ غَيْرَهُ وَذَكَرَ الْقُدُورِيُّ أَنَّ لِلْقَاضِي أَنْ يُخْرِجَهُمْ عَنْ الْوَصِيَّةِ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْوِلَايَةَ صَحِيحَةٌ؛ لِأَنَّ الْإِخْرَاجَ يَكُونُ بَعْدَ الدُّخُولِ، وَذَكَرَ مُحَمَّدٌ فِي الْأَصْلِ أَنَّ الْوَصِيَّةَ بَاطِلَةٌ قِيلَ مَعْنَاهُ سَتَبْطُلُ، وَقِيلَ فِي الْعَبْدِ بَاطِلَةٌ لِعَدَمِ الْوِلَايَةِ عَلَى نَفْسِهِ، وَفِي غَيْرِهِ مَعْنَاهُ سَتَبْطُلُ وَقِيلَ فِي الْكَافِرِ بَاطِلَةٌ أَيْضًا لِعَدَمِ وِلَايَتِهِ عَلَى الْمُسْلِمِ وَوَجْهُ الصِّحَّةِ ثُمَّ الْإِخْرَاجُ أَنَّ أَصْلَ النَّظَرِ ثَابِتٌ لِقُدْرَةِ الْعَبْدِ حَقِيقَةً وَوِلَايَةُ الْفَاسِقِ عَلَى نَفْسِهِ وَعَلَى غَيْرِهِ عَلَى مَا عُرِفَ مِنْ أَصْلِنَا وَوِلَايَةُ الْكَافِرِ تَتِمُّ فِي الْجُمْلَةِ إلَّا أَنَّهُ لَمْ يَتِمَّ النَّظَرُ لِتَوَقُّفِ وِلَايَةِ الْعَبْدِ عَلَى إجَازَةِ مَوْلَاهُ وَتَمَكُّنُهُ مِنْ الْحَجْرِ بَعْدَهَا، وَالْمُعَادَةُ الدِّينِيَّةُ دَالَّةٌ عَلَى تَرْكِ النَّظَرِ فِي حَقِّ الْمُسْلِمِ وَاتِّهَامِ الْفَاسِقِ بِالْخِيَانَةِ فَيُخْرِجُهُمْ الْقَاضِي عَنْ الْوَصِيَّةِ وَيُقِيمُ غَيْرَهُمْ مَقَامَهُمْ إتْمَامًا لِلنَّظَرِ وَشَرَطَ فِي الْأَصْلِ أَنْ يَكُونَ الْفَاسِقُ مَخُوفًا مِنْهُ عَلَى الْمَالِ؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ عُذْرًا فِي إخْرَاجِهِ وَتَبْدِيلِهِ بِغَيْرِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا أَوْصَى إلَى مُكَاتَبِهِ أَوْ مُكَاتَبِ غَيْرِهِ حَيْثُ يَجُوزُ؛ لِأَنَّ الْمُكَاتَبَ فِي مَنَافِعِهِ كَالْحُرِّ وَإِنْ رَدَّ بَعْدَ ذَلِكَ فَالْجَوَابُ فِيهِ كَالْجَوَابِ فِي الْقِنِّ، وَالصَّبِيِّ كَالْقِنِّ لَوْ بَلَغَ الصَّبِيُّ وَعَتَقَ الْعَبْدُ وَأَسْلَمَ الْكَافِرُ لَمْ يُخْرِجْهُمْ الْقَاضِي عَنْ الْوَصِيَّةِ وَإِذَا تَصَرَّفَ الصَّبِيُّ أَوْ الْعَبْدُ أَوْ الذِّمِّيُّ قَبْلَ أَنْ يُخْرِجَهُمْ الْقَاضِي مِنْ الْوِصَايَةِ هَلْ يَنْفُذُ تَصَرُّفُهُمْ اخْتَلَفَ فِيهِ الْمَشَايِخُ فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ يَنْفُذُ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ لَا يَنْفُذُ وَهُوَ الصَّحِيحُ.

وَلَوْ أَوْصَى إلَى عَاقِلٍ فَجُنَّ جُنُونًا مُطْبِقًا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ يَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يُجْعَلَ مَكَانَهُ وَصِيٌّ لِلْمَيِّتِ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ الْقَاضِي حَتَّى أَفَاقَ الْوَصِيُّ كَانَ وَصِيًّا عَلَى حَالِهِ، وَفِي نَوَادِرِ إبْرَاهِيمَ عَنْ مُحَمَّدٍ إذَا أَوْصَى إلَى رَجُلٍ فَقَالَ إنْ مِتّ أَنْت فَالْوَصِيُّ بَعْدَك فُلَانٌ فَجُنَّ الْأَوَّلُ جُنُونًا مُطْبِقًا فَالْقَاضِي يَجْعَلُ مَكَانَهُ وَصِيًّا حَتَّى يَمُوتَ الَّذِي جُنَّ فَيَكُونُ

نام کتاب : البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري نویسنده : ابن نجيم، زين الدين    جلد : 8  صفحه : 523
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست