responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري نویسنده : ابن نجيم، زين الدين    جلد : 8  صفحه : 458
مَعْرُوفَةٌ فَدِيَتُهُ فِي مَالِهِ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ مِنْ يَوْمِ يُقْضَى بِهَا عَلَيْهِ كَمَا فِي حَقِّ الْمُسْلِمِ لِأَنَّا بَيَّنَّا أَنَّ الْوُجُوبَ عَلَى الْقَاتِلِ، وَإِنَّمَا تَتَحَوَّلُ عَنْهُ إلَى الْعَاقِلَةِ إذَا وُجِدَتْ فَإِنْ لَمْ تُوجَدْ بَقِيَ عَلَيْهِ بِمَنْزِلَةِ مُسْلِمَيْنِ تَاجِرَيْنِ فِي دَارِ الْحَرْبِ قَتَلَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ فَيُقْضَى بِالدِّيَةِ فِي مَالِهِ لِأَنَّ أَهْلَ دَارِ الْإِسْلَامِ لَا يَعْقِلُونَ عَنْهُ لِأَنَّ تَمَكُّنَهُ مِنْ الْقَتْلِ لَيْسَ بِنُصْرَتِهِمْ وَلَا يَعْقِلُ عَاقِلٌ كَافِرٌ عَنْ مُسْلِمٍ، وَلَا مُسْلِمٌ عَنْ كَافِرٍ لِعَدَمِ التَّنَاصُرِ وَالْكُفَّارُ يَتَعَاقَلُونَ فِيمَا بَيْنَهُمْ، وَإِنْ اخْتَلَفَتْ مِلَلُهُمْ لِأَنَّ الْكُفْرَ كُلَّهُ مِلَّةٌ وَاحِدَةٌ.
قَالُوا هَذَا إذَا لَمْ تَكُنْ الْمُعَادَاتُ بَيْنَهُمْ ظَاهِرَةً أَمَّا إذَا كَانَتْ ظَاهِرَةً كَالْيَهُودِ وَالنَّصَارَى يَنْبَغِي أَنْ لَا يَعْقِلَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، وَهَذَا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ لِانْقِطَاعِ التَّنَاصُرِ بَيْنَهُمْ، وَلَوْ كَانَ الْعَاقِلُ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ، وَلَهُ بِهَا عَطَاءٌ، وَحُمُولُ دِيوَانِهِ إلَى الْبَصْرَةِ ثُمَّ إذَا رُفِعَ إلَى الْقَاضِي فَإِنَّهُ يَقْضِي بِالدِّيَةِ عَلَى عَاقِلَتِهِ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ، وَقَالَ زُفَرُ يَقْضِي عَلَى عَاقِلَتِهِ مِنْ الْكُوفَةِ، وَهُمْ أَهْلُ الْكُوفَةِ فَصَارَ كَمَا لَوْ حَوَّلَ بَعْدَ الْقَضَاءِ، وَلَنَا أَنَّ الدِّيَةَ إنَّمَا تَجِبُ بِالْقَضَاءِ عَلَى مَا ذَكَرْنَا أَنَّ الْوَاجِبَ هُوَ الْمِثْلُ، وَبِالْقَضَاءِ يُنْقَلُ إلَى الْمَالِ بِخِلَافِ مَا إذَا حَوَّلَ بَعْدَ الْقَضَاءِ لِأَنَّ الْوُجُوبَ قَدْ تَقَرَّرَ بِالْقَضَاءِ فَلَا يَنْتَقِلُ بَعْدَ ذَلِكَ لِأَنَّ حِصَّةَ الْقَاتِلِ تُؤْخَذُ مِنْ عَطَائِهِ بِالْبَصْرَةِ لِأَنَّهَا تُؤْخَذُ مِنْ الْعَطَاءِ، وَعَطَاؤُهُ بِالْبَصْرَةِ بِخِلَافِ مَا إذَا نُقِلَتْ الْعَاقِلَةُ بَعْدَ الْقَضَاءِ عَلَيْهِمْ حَيْثُ يُضَمُّ إلَيْهِمْ أَقْرَبُ الْقَبَائِلِ فِي النَّسَبِ لِأَنَّ فِي النَّقْلِ إبْطَالَ الْحُكْمِ الْأَوَّلِ فَلَا يَجُوزُ بِحَالٍ، وَفِي الضَّمِّ تَكْثِيرُ الْمُتَحَمِّلِينَ فِيمَا قُضِيَ بِهِ عَلَيْهِمْ فَكَانَ فِيهِ تَقْرِيرُ الْحُكْمِ الْأَوَّلِ لَا إبْطَالُهُ، وَعَلَى هَذَا لَوْ كَانَ الْقَاتِلُ مَسْكَنُهُ بِالْكُوفَةِ، وَلَيْسَ لَهُ عَطَاءٌ بِهَا فَلَمْ يُقْضَ عَلَيْهِمْ حَتَّى اسْتَوْطَنَ الْبَصْرَةَ قُضِيَ عَلَى أَهْلِ الْبَصْرَةِ بِالدِّيَةِ، وَلَوْ كَانَ قُضِيَ بِهَا عَلَى أَهْلِ الْكُوفَةِ فَلَمْ يَنْتَقِلْ إلَيْهِمْ، وَكَذَا الْبَدَوِيُّ إذَا لَحِقَ بِالدِّيوَانِ بَعْدَ الْقَتْلِ قَبْلَ قَضَاءِ الْقَاضِي يُقْضَى بِالدِّيَةِ عَلَى أَهْلِ الدِّيوَانِ، وَبَعْدَ الْقَضَاءِ عَلَى عَاقِلَتِهِ.
فَالدِّيَةُ لَا تَتَحَوَّلُ عَنْهُمْ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ فَقُضِيَ عَلَيْهِمْ بِالدِّيَةِ فِي أَمْوَالِهِمْ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ ثُمَّ جَعَلَهُمْ الْإِمَامُ فِي الْعَطَاءِ حَيْثُ تَصِيرُ الدِّيَةُ فِي عَطَايَاهُمْ، وَلَوْ كَانَ قَضَى بِهَا فِي أَوَّلِ مَرَّةٍ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ نَقْضُ الْقَضَاءِ الْأَوَّلِ لِأَنَّهُ قَضَى بِهَا فِي أَمْوَالِهِمْ، وَأَعْطَاهُمْ أَمْوَالَهُمْ غَيْرَ أَنَّ الدِّيَةَ تُقْضَى مِنْ أَيْسَرِ الْأَمْوَالِ إذْ الْأَدَاءُ مِنْ الْعَطَاءِ أَيْسَرُ إذَا صَارُوا مِنْ أَهْلِ الْعَطَاءِ إلَّا إذَا لَمْ يَكُنْ مَالُ الْعَطَاءِ مِنْ جِنْسِ مَا قُضِيَ بِهِ عَلَيْهِمْ بِأَنْ كَانَ الْقَضَاءُ بِالْإِبِلِ، وَالْعَطَاءُ دَرَاهِمُ فَحِينَئِذٍ لَا يَتَحَوَّلُ إلَى الدَّرَاهِمِ لِمَا فِيهِ مِنْ إبْطَالِ الْقَضَاءِ الْأَوَّلِ لَكِنْ تُقْضَى الْإِبِلُ مِنْ مَالِ الْعَطَايَا بِأَنْ يَشْتَرِيَ بِهِ لِأَنَّهُ أَيْسَرُ، قَالَ عُلَمَاؤُنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى إنَّ الْقَاتِلَ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ عَاقِلَةٌ وَالدِّيَةُ فِي بَيْتِ الْمَالِ إذَا كَانَ الْقَاتِلُ مُسْلِمًا لِأَنَّ جَمَاعَةَ الْمُسْلِمِينَ هُمْ أَهْلُ نُصْرَتِهِ، وَلَيْسَ بَعْضُهُمْ أَخَصَّ مِنْ الْبَعْضِ بِذَلِكَ، وَلِهَذَا إذَا مَاتَ فَمِيرَاثُهُ لِبَيْتِ الْمَالِ فَكَذَا مَا يَلْزَمُهُ مِنْ الْغَرَامَةِ يَلْزَمُ بَيْتَ الْمَالِ، وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رِوَايَةٌ شَاذَّةٌ أَنَّهَا تَجِبُ الدِّيَةُ فِي مَالِهِ وَابْنُ الْمُلَاعَنَةِ تَعْقِلُ عَنْهُ عَاقِلَةُ أُمِّهِ لِأَنَّ نَسَبَهُ ثَابِتٌ مِنْهَا دُونَ الْأَبِ فَإِذَا عَقَلَتْ عَنْهُ ثُمَّ ادَّعَاهُ الْأَبُ رَجَعَتْ عَاقِلَةُ الْأُمِّ بِمَا أَدَّتْ عَلَى عَاقِلَةِ الْأَبِ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ مِنْ يَوْمِ قُضِيَ لَهُمْ بِالرُّجُوعِ عَلَيْهِمْ لِأَنَّهُ تَبَيَّنَ أَنَّ الدِّيَةَ كَانَتْ وَجَبَتْ عَلَيْهِمْ لِأَنَّهُ بِالدَّعْوَى ظَهَرَ أَنَّ النَّسَبَ كَانَ ثَابِتًا مِنْهُ مِنْ الْأَصْلِ فَقَوْمُ الْأُمِّ يَحْمِلُونَ مَا كَانَ وَاجِبًا عَلَى قَوْمِ الْأَبِ فَيَرْجِعُونَ بِهَا عَلَيْهِمْ لِأَنَّهُمْ مُضْطَرُّونَ فِي ذَلِكَ.
وَكَذَا إذَا مَاتَ الْمُكَاتَبُ عَنْ وَفَاءٍ، وَلَهُ وَلَدٌ مُسْلِمٌ حُرٌّ فَلَمْ يُؤَدِّ كِتَابَتَهُ حَتَّى جَنَى ابْنُهُ، وَعَقَلَ عَنْهُ قَوْمُ أُمِّهِ ثُمَّ أُدِّيَتْ الْكِتَابَةُ تَرْجِعُ عَاقِلَةُ الْأُمِّ عَلَى عَاقِلَةِ الْأَبِ لِأَنَّهُ إذَا أَدَّى الْكِتَابَةَ يَتَحَوَّلُ وَلَاؤُهُ إلَى قَوْمِ أَبِيهِ مِنْ وَقْتِ تَثْبُتُ الْحُرِّيَّةُ لِلْأَبِ، وَهُوَ آخِرُ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ حَيَاتِهِ فَتَبَيَّنَ أَنَّ قَوْمَ الْأُمِّ عَقَلُوا عَنْهُمْ فَيَرْجِعُونَ عَلَيْهِمْ، وَكَذَا رَجُلٌ أَمَرَ صَبِيًّا بِقَتْلِ رَجُلٍ فَقَتَلَهُ فَضَمِنَتْ عَاقِلَةُ الصَّبِيِّ الدِّيَةَ رَجَعَتْ بِهَا عَلَى عَاقِلَةِ الْآمِرِ إنْ كَانَ الْأَمْرُ ثَبَتَ بِالْبَيِّنَةِ، وَفِي مَالِ الْآمِرِ إنْ كَانَ ثَبَتَ بِإِقْرَارِهِ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ مِنْ يَوْمِ يُقْضَى بِهَا عَلَى الْآمِرِ أَوْ عَلَى عَاقِلَتِهِ لِأَنَّ الدِّيَةَ تَجِبُ مُؤَجَّلَةً بِطَرِيقِ التَّيْسِيرِ عَلَيْهِمْ فَكَذَا الرُّجُوعُ بِهَا تَحْقِيقًا لِلْمُمَاثَلَةِ ثُمَّ مَسَائِلُ الْعَاقِلَةِ مِنْ هَذَا الْجِنْسِ كَثِيرَةٌ، وَأَجْوِبَتُهَا مُخْتَلِفَةٌ، وَالضَّابِطُ الَّذِي يَرُدُّ كُلَّ جِنْسٍ إلَى أَصْلِهِ أَنْ يُقَالَ إنَّ حَالَ الْقَاتِلِ إنْ تَبَدَّلَ حُكْمًا بِسَبَبِ حَادِثٍ فَانْتَقَلَ وَلَاءٌ إلَى وَلَاءٍ لَمْ تَنْتَقِلْ جِنَايَتُهُ عَنْ الْأَوَّلِ قُضِيَ بِهَا أَوْ لَمْ يُقْضَ، وَذَلِكَ كَالْوَلَدِ الْمَوْلُودِ بَيْنَ حُرَّةٍ وَعَبْدٍ إذَا جَنَى ثُمَّ أُعْتِقَ الْعَبْدُ لَا يُجَرُّ وَلَاءُ الْوَلَدِ إلَى قَوْمِهِ وَلَا تَتَحَوَّلُ الْجِنَايَةُ عَنْ عَاقِلَةِ الْأُمِّ قُضِيَ بِهَا أَوْ لَمْ يُقْضَ، وَكَذَا لَوْ حَفَرَ هَذَا الْغُلَامُ بِئْرًا ثُمَّ أُعْتِقَ أَبُوهُ ثُمَّ وَقَعَ فِيهَا إنْسَانٌ يُقْضَى بِالدِّيَةِ عَلَى عَاقِلَةِ الْأُمِّ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ بِحَالَةِ الْحَفْرِ، وَمِنْ نَظِيرِهِ حَرْبِيٌّ أَسْلَمَ، وَوَالَى رَجُلًا فَجَنَى ثُمَّ أُعْتِقَ أَبُوهُ جُرَّ وَلَاؤُهُ لِأَنَّ وَلَاءَ الْعَتَاقَةِ أَقْوَى.
وَجِنَايَتُهُ عَلَى عَاقِلَةِ مَنْ وَالَاهُ لِأَنَّ

نام کتاب : البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري نویسنده : ابن نجيم، زين الدين    جلد : 8  صفحه : 458
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست