responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري نویسنده : ابن نجيم، زين الدين    جلد : 8  صفحه : 457
مَا يَنْصُرُ غَيْرَهُ بَلْ أَشَدُّ فَكَانَ أَوْلَى بِالْإِيجَابِ عَلَيْهِ فَإِذَا كَانَ الْمُخْطِئُ مَعْذُورًا فَالْبَرِيءُ مِنْهُ أَوْلَى قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [الأنعام: 164] .

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَعَاقِلَةُ الْمُعْتَقِ قَبِيلَةُ مَوْلَاهُ) إذْ نُصْرَتُهُ بِهِمْ، وَاسْمُهَا يُنْبِي عَنْهَا يُؤَيِّدُ ذَلِكَ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَوْلَى الْقَوْمِ مِنْهُمْ» قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَيَعْقِلُ عَنْ مَوْلَى الْمُوَالَاةِ مَوْلَاهُ وَقَبِيلَتُهُ) وَمَوْلَى الْمُوَالَاةِ هُوَ الْحَلِيفُ فَيَعْقِلُ عَنْهُ مَوْلَاهُ الَّذِي عَاقَدَهُ، وَعَاقِلَةُ مَوْلَاهُ، وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ وَقَبِيلَتُهُ أَيْ قَبِيلَةُ مَوْلَاهُ الَّذِي عَاقَدَهُ لِأَنَّهُ الْمَعْرُوفُ بِهِ فَأَشْبَهَ مَوْلَى الْعَتَاقَةِ.

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَلَا تَعْقِلُ عَاقِلَةُ جِنَايَةِ الْعَبْدِ) وَلَا الْعَمْدِ وَمَا لَزِمَ صُلْحًا وَاعْتِرَافًا لِمَا رَوَيْنَا، وَلِأَنَّهُ لَا يَنْتَصِرُ بِالْعَبْدِ وَالْإِقْرَارُ وَالصُّلْحُ لَا يَلْزَمَانِ الْعَاقِلَةَ لِقُصُورِ وِلَايَتِهِ عَنْهُمْ قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (إلَّا أَنْ يُصَدِّقُوهُ فِي الْإِقْرَارِ) لِأَنَّ التَّصْدِيقَ إقْرَارٌ مِنْهُمْ فَتَلْزَمُهُمْ بِإِقْرَارِهِمْ بِأَنَّ لَهُمْ وِلَايَةً عَلَى أَنْفُسِهِمْ، وَالِامْتِنَاعُ كَانَ لِحَقِّهِمْ، وَقَدْ زَالَ أَوْ تَقُومُ الْبَيِّنَةُ لِأَنَّ مَا ثَبَتَ بِالْبَيِّنَةِ كَالْمُشَاهَدَةِ لِأَنَّهَا كَاسْمِهَا مُبَيِّنَةٌ، وَتُقْبَلُ الْبَيِّنَةُ هُنَا مَعَ الْإِقْرَارِ، وَإِنْ كَانَتْ لَا تُعْتَبَرُ مَعَهُ لِأَنَّهَا تُثْبِتُ مَا لَيْسَ بِثَابِتٍ بِإِقْرَارِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَهُوَ الْوُجُوبُ عَلَى الْعَاقِلَةِ ثُمَّ مَا ثَبَتَ بِالْإِقْرَارِ يَجِبُ مُؤَجَّلًا وَمَا ثَبَتَ بِالصُّلْحِ حَالٌّ إلَّا إذَا شُرِطَ التَّأْجِيلُ فِي الصُّلْحِ، وَقَدْ عُرِفَ فِي مَوْضِعِهِ، وَلَوْ أَقَرَّ بِالْقَتْلِ خَطَأً فَلَمْ يَرْتَفِعُوا إلَى الْحَاكِمِ إلَّا بَعْدَ سِنِينَ فَقُضِيَ عَلَيْهِ بِالدِّيَةِ فِي مَالِهِ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ كَانَ أَوَّلَ الْمُدَّةِ مِنْ يَوْمِ قُضِيَ عَلَيْهِ لِأَنَّ التَّأْجِيلَ مِنْ وَقْتِ الْقَضَاءِ فِي الثَّابِتِ بِالْبَيِّنَةِ فَكَذَا فِي الثَّابِتِ بِالْإِقْرَارِ أَوْلَى لِأَنَّهُ أَضْعَفُ، وَلَوْ تَصَادَقَ الْقَاتِلُ وَأَوْلِيَاءُ الْمَقْتُولِ عَلَى أَنَّ قَاضِي بَلَدِ كَذَا قَضَى بِالدِّيَةِ عَلَى عَاقِلَتِهِ بِالْبَيِّنَةِ، وَكَذَبَتْهُمَا الْعَاقِلَةُ فَلَا شَيْءَ عَلَى الْعَاقِلَةِ لِأَنَّ تَصَادُقَهُمَا لَا يَكُونُ حُجَّةً عَلَيْهِمْ، وَلَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي مَالِهِ لِأَنَّ الدِّيَةَ بِتَصَادُقِهِمَا تَقَرَّرَتْ عَلَى الْعَاقِلَةِ بِالْقَضَاءِ، وَتَصَادُقُهُمَا حُجَّةٌ فِي حَقِّهِمَا فَلَا يَلْزَمُ إلَّا حِصَّتُهُ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ حَيْثُ تَجِبُ جَمِيعُ الدِّيَةِ عَلَى الْمُقِرِّ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ التَّصْدِيقُ مِنْ الْوَلِيِّ بِالْقَضَاءِ بِالدِّيَةِ عَلَى الْعَاقِلَةِ، وَقَدْ وُجِدَ هُنَا فَافْتَرَقَا.

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَإِنْ جَنَى حُرٌّ عَلَى عَبْدٍ خَطَأً فَهِيَ عَلَى عَاقِلَتِهِ) يَعْنِي إذَا قَتَلَهُ لِأَنَّ الْعَاقِلَةَ لَا تَتَحَمَّلُ أَطْرَافَ الْعَبْدِ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَا تَتَحَمَّلُ النَّفْسَ أَيْضًا بَلْ يَجِبُ فِي مَالِ الْقَاتِلِ، وَلَنَا أَنَّهُ آدَمِيٌّ فَتَتَحَمَّلُهُ الْعَاقِلَةُ كَالْحُرِّ، وَهَذَا لِأَنَّ مَا يَجِبُ بِقَتْلِهِ دِيَةٌ، وَهِيَ بَدَلُ الْآدَمِيِّ لَا الْمَالِ عَلَى مَا بَيَّنَّاهُ مِنْ قَبْلُ فَكَانَتْ عَلَى الْعَاقِلَةِ بِخِلَافِ مَا دُونَ النَّفْسِ لِأَنَّهُ يَسْلُكُ بِهِ مَسْلَكَ الْأَمْوَالِ، وَالْمُرَادُ بِالْحَدِيثِ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا تَعْقِلُ الْعَاقِلَةُ عَمْدًا، وَلَا عَبْدًا جِنَايَةً» أَيْ لَا تَعْقِلُ الْعَاقِلَةُ جِنَايَةً عَمْدًا، وَلَا جِنَايَةَ عَبْدٍ، وَنَحْنُ نَقُولُ بِهِ لِأَنَّ جِنَايَتَهُ تُوجِبُ دَفْعَهُ إلَّا أَنْ يَفْدِيَهُ الْمَوْلَى قَالَ أَصْحَابُنَا لَيْسَ عَلَى الْمَرْأَةِ وَالذُّرِّيَّةِ مِمَّنْ لَهُ حَظٌّ فِي الدِّيوَانِ عَقْلٌ لِقَوْلِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَا يَعْقِلُ مَعَ الْعَوَاقِلِ صَبِيٌّ، وَلَا امْرَأَةٌ، وَلِأَنَّ الْعَقْلَ إنَّمَا يَجِبُ عَلَى أَهْلِ النُّصْرَةِ، وَالنَّاسُ لَا يَتَنَاصَرُونَ بِالصِّبْيَانِ وَالنِّسَاءِ، وَلِهَذَا لَا يُوضَعُ عَلَيْهِمْ مَا هُوَ خَلَفٌ عَنْ النُّصْرَةِ، وَهُوَ الْجِزْيَةُ، وَعَلَى هَذَا لَوْ كَانَ الْقَاتِلُ صَبِيًّا أَوْ امْرَأَةً لَا شَيْءَ عَلَيْهِمَا مِنْ الدِّيَةِ، وَهَذَا صَحِيحٌ فِيمَا إذَا قَتَلَهُ غَيْرُهُمَا، وَأَمَّا إذَا بَاشَرَا الْقَتْلَ بِأَنْفُسِهِمَا فَالصَّحِيحُ أَنَّهُمَا يُشَارِكَانِ الْعَاقِلَةَ، وَكَذَا الْمَجْنُونُ إذَا قُتِلَ فَالصَّحِيحُ أَنْ يَكُونَ كَوَاحِدٍ مِنْ الْعَاقِلَةِ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّ الِاسْتِنْصَارَ بِالدِّيوَانِ أَظْهَرُ فَلَا يَظْهَرُ مَعَهُ حُكْمُ النُّصْرَةِ بِالْقَرَابَةِ وَالْوَلَاءِ وَقُرْبِ السُّكْنَى، وَالْعَدِّ وَالْحَلِفِ، وَبَعْدَ دِيوَانِ النُّصْرَةِ بِالنَّسَبِ عَلَى مَا بَيَّنَّا، وَعَلَى هَذَا يُخَرِّجُ كَثِيرًا مِنْ مَسَائِلِ الْمَعَاقِلِ أَخَوَانِ دِيوَانٍ أَحَدُهُمَا بِالْبَصْرَةِ، وَدِيوَانُ الثَّانِي بِالْكُوفَةِ لَا يَعْقِلُ أَحَدُهُمَا عَنْ صَاحِبِهِ، وَإِنَّمَا يَعْقِلُ عَنْهُ أَهْلُ دِيوَانِهِ، وَمَنْ جَنَى جِنَايَةً مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ، وَلَيْسَ لَهُ فِي أَهْلِ الدِّيوَانِ عَطَاءٌ، وَأَهْلُ الْبَادِيَةِ أَقْرَبُ إلَيْهِ نَسَبًا، وَمَسْكَنُهُ الْمِصْرُ عَقَلَ عَنْهُ أَهْلُ الدِّيوَانِ مِنْ ذَلِكَ الْمِصْرِ، وَلَمْ يَشْتَرِطْ أَنْ يَكُونَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَهْلِ الدِّيوَانِ قَرَابَةٌ لِأَنَّ أَهْلَ الدِّيوَانِ هُمْ الَّذِينَ يَدْرَءُونَ عَنْ أَهْلِ الْمِصْرِ، وَيَقُومُونَ بِنُصْرَتِهِمْ، وَيَدْفَعُونَ عَنْهُمْ.
وَلَا يَخُصُّونَ بِالنُّصْرَةِ أَهْلَ الْعَطَاءِ فَقَطْ بَلْ يَنْصُرُونَ أَهْلَ الْمِصْرِ كُلَّهُمْ، وَقِيلَ إذَا لَمْ يَكُونُوا قَرِيبًا لَهُ لَا يَعْقِلُونَهُ، وَإِنَّمَا يَعْقِلُونَ إذَا كَانُوا قَرِيبًا لَهُ، وَلَهُ فِي الْبَادِيَةِ أَقْرَبُ مِنْهُمْ نَسَبًا لِأَنَّ الْوُجُوبَ بِحُكْمِ الْقَرَابَةِ وَأَهْلُ مِصْرٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ فَكَانَتْ الْقُدْرَةُ عَلَى أَهْلِ النُّصْرَةِ لَهُمْ فَصَارَ نَظِيرَ مَسْأَلَةِ الْغَيْبَةِ الْمُنْقَطِعَةِ فِي الْإِنْكَاحِ، وَلَوْ كَانَ الْبَدَوِيُّ نَازِلًا فِي الْمِصْرِ لَا مَسْكَنَ لَهُ فِيهِ لَا يَعْقِلُهُ أَهْلُ الْمِصْرِ النَّازِلِ فِيهِمْ لِأَنَّهُ لَا يَسْتَنْصِرُ بِهِمْ، وَإِنْ كَانَ لِأَهْلِ الذَّمَّةِ عَوَاقِلُ مَعْرُوفَةٌ يَتَعَاقَلُونَ بِهَا فَقَتَلَ أَحَدُهُمْ قَتِيلًا فَدِيَتُهُ عَلَى عَاقِلَتِهِ بِمَنْزِلَةِ الْمُسْلِمِ لِأَنَّهُمْ الْتَزَمُوا أَحْكَامَ الْإِسْلَامِ فِي الْمُعَامَلَاتِ سِيَّمَا فِي الْمَعَانِي الْعَاصِمَةِ عَنْ الْإِضْرَارِ، وَمَعْنَى التَّنَاصُرِ مَوْجُودٌ فِي حَقِّهِمْ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ عَاقِلَةٌ

نام کتاب : البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري نویسنده : ابن نجيم، زين الدين    جلد : 8  صفحه : 457
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست