responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي نویسنده : البخاري، علاء الدين    جلد : 4  صفحه : 7
وَقَدْ ثَبَتَ نَجَاسَتُهُ ضَرُورَةَ تَحْرِيمِ لَحْمِهِ فَأَثْبَتْنَا حُكْمًا بَيْنَ الْحُكْمَيْنِ، وَهُوَ النَّجَاسَةُ الْمُجَاوِرَةُ فَيَثْبُتُ صِفَةُ النَّجَاسَةِ فِي رُطُوبَتِهِ وَلُعَابِهِ وَسِبَاعُ الطَّيْرِ يَشْرَبُ بِالْمِنْقَارِ عَلَى سَبِيلِ الْأَخْذِ ثُمَّ الِابْتِلَاعِ وَالْعَظْمُ طَاهِرٌ بِذَاتِهِ خَالٍ عَنْ مُجَاوَرَةِ النَّجِسِ أَلَا يُرَى أَنَّ عَظْمَ الْمَيِّتِ طَاهِرٌ فَعَظْمُ الْحَيِّ أَوْلَى فَصَارَ هَذَا بَاطِنًا يَنْعَدِمُ ذَلِكَ الظَّاهِرُ فِي مُقَابَلَتِهِ فَسَقَطَ حُكْمُ الظَّاهِرِ لِعَدَمِهِ، وَعَدَمُ الْحُكْمِ لِعَدَمِ دَلِيلِهِ لَا يُعَدُّ مِنْ بَابِ الْخُصُوصِ عَلَى مَا نُبَيِّنُ فِي بَابِ إبْطَالِ تَخْصِيصِ الْعِلَلِ إنْ شَاءَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ.
ـــــــــــــــــــــــــــــQيَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ السَّبُعُ طَاهِرًا كَالشَّاةِ وَالْآدَمِيِّ. وَقَدْ ثَبَتَ نَجَاسَتُهُ أَيْ نَجَاسَةُ السَّبُعِ بِاعْتِبَارِ حُرْمَةِ لَحْمِهِ فَإِنَّ مِثْلَ هَذِهِ الْحُرْمَةِ تَدُلُّ عَلَى النَّجَاسَةِ فَإِنَّ الْحُرْمَةَ إمَّا أَنْ تَثْبُتَ لِعَدَمِ صَلَاحِيَةِ الْغِذَاءِ كَالذُّبَابِ وَالتُّرَابِ إذْ الْأَكْلُ أُبِيحَ لِلْغِذَاءِ فَيَصِيرُ بِدُونِهِ عَبَثًا. أَوْ لِلْخَبَثِ طَبْعًا كَالضُّفْدَعِ وَالسُّلَحْفَاةِ. أَوْ لِلِاحْتِرَامِ كَالْآدَمِيِّ أَوْ لِلنَّجَاسَةِ؛ لِأَنَّهُ تَعَالَى حَرَّمَ كُلَّ نَجِسٍ بِنَفْسِهِ أَوْ بِمُجَاوِرٍ كَالْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ وَالطَّعَامِ النَّجِسِ، وَلَا احْتِرَامَ لِلسِّبَاعِ، وَهِيَ صَالِحَةٌ لِلْغِذَاءِ، وَلَمْ تَسْتَخْبِثْهَا الطِّبَاعُ فَإِنَّهَا كَانَتْ مَأْكُولَةً قَبْلَ التَّحْرِيمِ فَثَبَتَ أَنَّ حُرْمَتَهَا لِلنَّجَاسَةِ.
فَإِنْ قِيلَ: لَمْ تَثْبُتْ الْحُرْمَةُ لِلنَّجَاسَةِ بَلْ لِفَسَادِ طَبْعٍ فَإِنَّهَا حَيَوَانَاتٌ نَاهِبَةٌ وَيَتَعَدَّى إلَى الْآكِلِينَ فَحَرَّمَهَا الشَّرْعُ صِيَانَةً عَنْ ذَلِكَ. قُلْنَا هَذِهِ مَصْلَحَةٌ وَحِكْمَةٌ مَطْلُوبَةٌ فِي الْعَاقِبَةِ، وَالْمَصَالِحُ وَالْحِكَمُ أَدِلَّةٌ عَلَى صِحَّةِ الْأَسْبَابِ، وَلَا تَكُونُ عِلَّةً بِأَنْفُسِهَا؛ لِأَنَّهَا لَا تُنَالُ بِغَالِبِ الرَّأْيِ وَالْقِيَاسُ قَوْلٌ بِغَالِبِ الرَّأْيِ فَتَثْبُتُ النَّجَاسَةُ لِتَكُونَ الْحُرْمَةُ مَبْنِيَّةً عَلَى سَبَبٍ ظَاهِرٍ دُونَ الْحِكْمَةِ، وَإِنْ كَانَتْ مُعْتَبَرَةً فِي حَقِّ الْمَشْرُوعِيَّةِ عَلَى أَنَّ مَا ذَكَرْت مِنْ السَّبَبِ يُوجِبُ الْحُرْمَةَ بِنَجَاسَةٍ لِيَكُونَ آكَدَ فِي إيجَابِ التَّجَنُّبِ كَمَا فِي الْخَمْرِ فَإِنَّهَا حُرِّمَتْ؛ لِأَنَّهَا مُفْسِدَةٌ عُقُولَنَا بِطَبْعِهَا فَحُرِّمَتْ بِنَجَاسَةٍ، وَكَذَلِكَ الْخِنْزِيرُ وَالْكَلْبُ. وَلَمَّا ثَبَتَ أَنَّ حُرْمَةَ لَحْمِ السَّبُعِ لِنَجَاسَتِهِ اقْتَضَى ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ السَّبُعُ نَجِسَ الْعَيْنِ كَالْخِنْزِيرِ.
فَأَثْبَتْنَا يَعْنِي لِلسَّبُعِ حُكْمًا بَيْنَ حُكْمَيْنِ أَيْ بَيْنَ الطَّهَارَةِ الْحَقِيقِيَّةِ وَالنَّجَاسَةِ الْحَقِيقِيَّةِ، وَهُوَ النَّجَاسَةُ الْمُجَاوِرَةُ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ اجْتَمَعَ فِيهِ مَا لَا يُؤْكَلُ، وَهُوَ طَاهِرٌ كَالْجِلْدِ وَالْعَظْمِ وَالْعَصَبِ وَالشَّعْرِ، وَمَا يُؤْكَلُ، وَهُوَ نَجِسٌ كَاللَّحْمِ وَالشَّحْمِ فَأَشْبَهَ دُهْنًا مَاتَتْ فِيهِ فَأْرَةٌ فَيَجُوزُ بَيْعُهُ وَالِانْتِفَاعُ بِهِ كَمَا يَجُوزُ بَيْعُ الدُّهْنِ النَّجِسِ وَالِاسْتِصْبَاحُ بِهِ عِنْدَنَا، وَيَحْرُمُ أَكْلُ لَحْمِهِ لِنَجَاسَتِهِ. فَإِنْ قِيلَ: فَعَلَى هَذَا يَلْزَمُ أَنْ لَا يَطْهُرَ لَحْمُهُ بِالذَّكَاةِ كَلَحْمِ الْخِنْزِيرِ، وَقَدْ نَصَّ فِي مَوْضِعَيْنِ مِنْ الْهِدَايَةِ أَنَّهُ يَطْهُرُ بِالذَّكَاةِ كَالْجِلْدِ.
قُلْنَا: مُخْتَارُ الْمُحَقِّقِينَ مِنْ أَصْحَابِنَا أَنَّهُ لَا يَطْهُرُ بِالذَّكَاةِ فَقَدْ ذَكَرَ الْقَاضِي الْإِمَامُ أَبُو زَيْدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي الْأَسْرَارِ أَنَّ مِنْ مَشَايِخِنَا مَنْ يَقُولُ اللَّحْمُ طَاهِرٌ، وَإِنْ لَمْ يَحِلَّ الْأَكْلُ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ نَجِسٌ، وَهُوَ الصَّحِيحُ عِنْدَنَا؛ لِأَنَّ الْحُرْمَةَ فِي مِثْلِهِ تَدُلُّ عَلَى النَّجَاسَةِ وَنُقِلَ عَنْ الْفَقِيهِ أَبِي جَعْفَرٍ أَنَّهُ إذَا صَلَّى، وَمَعَهُ لَحْمُ سَبُعٍ مَذْبُوحٍ مِنْ سِبَاعِ الْوَحْشِ لَا يُجَوِّزُ صَلَاتَهُ، وَلَوْ وَقَعَ فِي الْمَاءِ الْقَلِيلِ أَفْسَدَهُ، وَهَكَذَا عَنْ النَّاطِفِيِّ كَذَا فِي فَتَاوَى الْقَاضِي الْإِمَامِ فَخْرِ الدِّينِ، وَهُوَ اخْتِيَارُ صَاحِبِ الْخُلَاصَةِ أَيْضًا.
وَلَمَّا ثَبَتَتْ صِفَةُ النَّجَاسَةِ فِي لَحْمِهِ ثَبَتَتْ فِي رُطُوبَتِهِ وَلُعَابِهِ؛ لِأَنَّ رُطُوبَتَهُ مُتَوَلِّدَةٌ مِنْ لَحْمِهِ الَّذِي هُوَ نَجِسٌ لَا مِمَّا هُوَ طَاهِرٌ مِنْهُ، وَإِنَّهُ يَشْرَبُ بِلِسَانِهِ الَّذِي هُوَ رَطْبٌ مِنْ لُعَابِهِ فَيَتَنَجَّسُ سُؤْرُهُ ضَرُورَةً بِمُخَالَطَةِ لُعَابِهِ وَسِبَاعُ الطَّيْرِ تَشْرَبُ بِالْمِنْقَارِ عَلَى سَبِيلِ الْأَخْذِ ثُمَّ الِابْتِلَاعِ وَالْمِنْقَارُ طَاهِرٌ بِذَاتِهِ خَالٍ عَنْ مُجَاوَرَةِ النَّجِسِ خِلْقَةً؛ لِأَنَّهُ عَظْمٌ جَافٌّ لَيْسَ فِيهِ رُطُوبَةٌ فَلَا يُجَاوِرُ الْمَاءَ بِمُلَاقَاةِ نَجَاسَةٍ فَيَبْقَى طَاهِرًا. إلَّا أَنَّا أَثْبَتْنَا صِفَةَ الْكَرَاهَةِ؛ لِأَنَّهَا لَا يُحْتَرَزُ بِهَا عَنْ الْمَيْتَةِ وَالنَّجَاسَةِ فَكَانَتْ كَالدَّجَاجَةِ الْمُخَلَّاةِ.
وَلِهَذَا قَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي غَيْرِ رِوَايَةِ الْأُصُولِ إنَّ مَا يَقَعُ عَلَى الْجِيَفِ مِنْ سِبَاعِ الطَّيْرِ فَسُؤْرُهُ نَجِسٌ؛ لِأَنَّ مِنْقَارَهُ لَا يَخْلُو عَنْ نَجَاسَةٍ عَادَةً كَذَا ذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ فِي الْمَبْسُوطِ.
وَالْجَوَابُ أَنَّهَا تُدَلِّكُ مِنْقَارَهَا بِالْأَرْضِ بَعْدَ الْأَكْلِ، وَهُوَ شَيْءٌ صَلْبٌ فَيَزُولُ مَا عَلَيْهِ بِذَلِكَ

نام کتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي نویسنده : البخاري، علاء الدين    جلد : 4  صفحه : 7
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست