responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي نویسنده : البخاري، علاء الدين    جلد : 4  صفحه : 6
وَمِنْهُ مَا ثَبَتَ بِالْإِجْمَاعِ وَهُوَ الِاسْتِصْنَاعُ، وَمِنْهُ مَا ثَبَتَ بِالضَّرُورَةِ، وَهُوَ تَطْهِيرُ الْحِيَاضِ وَالْآبَارِ وَالْأَوَانِي، وَإِنَّمَا غَرَضُنَا هُنَا تَقْسِيمُ وُجُوهِ الْعِلَلِ فِي حَقِّ الْأَحْكَامِ وَلَمَّا صَارَتْ الْعِلَّةُ عِنْدَنَا عِلَّةً بِأَثَرِهَا سَمَّيْنَا الَّذِي ضَعُفَ أَثَرُهَا قِيَاسًا وَسَمَّيْنَا الَّذِي قَوِيَ أَثَرُهَا اسْتِحْسَانًا أَيْ قِيَاسًا مُسْتَحْسَنًا، وَقَدَّمْنَا الثَّانِيَ، وَإِنْ كَانَ خَفِيًّا عَلَى الْأَوَّلِ، وَإِنْ كَانَ جَلِيًّا؛ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ لِقُوَّةِ الْأَثَرِ دُونَ الظُّهُورِ وَالْجَلَاءِ أَلَا يُرَى أَنَّ الدُّنْيَا ظَاهِرَةٌ وَالْعُقْبَى بَاطِنَةٌ وَقَدْ تَرَجَّحَ الْبَاطِنُ بِقُوَّةِ الْأَثَرِ، وَهُوَ الدَّوَامُ وَالْخُلُودُ وَالصَّفْوَةُ وَتَأَخُّرُ الظَّاهِرِ لِضَعْفِ أَثَرِهِ، وَكَالنَّفْسِ مَعَ الْقَلْبِ وَالصَّبْرِ مَعَ الْعَقْلِ فَسَقَطَ حُكْمُ الْقِيَاسِ بِمُعَارَضَةِ الِاسْتِحْسَانِ لِعَدَمِهِ فِي التَّقْدِيرِ.
مِثَالُ ذَلِكَ أَنَّ سُؤْرَ سِبَاعِ الطَّيْرِ فِي الْقِيَاسِ نَجِسٌ؛ لِأَنَّهُ سُؤْرُ مَا هُوَ سَبُعٌ مُطْلَقٌ فَكَانَ كَسُؤْرِ سِبَاعِ الْبَهَائِمِ، وَهَذَا مَعْنًى ظَاهِرُ الْأَثَرِ؛ لِأَنَّهُمَا سَوَاءٌ فِي حُرْمَةِ الْأَكْلِ، وَفِي الِاسْتِحْسَانِ هُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ السَّبُعَ لَيْسَ بِنَجِسِ الْعَيْنِ بِدَلِيلِ جَوَازِ الِانْتِفَاعِ بِهِ شَرْعًا
ـــــــــــــــــــــــــــــQبِالْإِجْمَاعِ فَبَقِيَ الْقِيَاسُ النَّافِي لِلْجَوَازِ مُعَارِضًا لِلْإِجْمَاعِ فَسَقَطَ اعْتِبَارُهُ بِمُعَارَضَةِ الْإِجْمَاعِ. وَمِنْهُ مَا ثَبَتَ بِالضَّرُورَةِ، وَهُوَ تَطْهِيرُ الْحِيَاضِ وَالْآبَارِ وَالْأَوَانِي. فَإِنَّ الْقِيَاسَ نَافٍ طَهَارَةَ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ بَعْدَ تَنَجُّسِهَا؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ صَبُّ الْمَاءِ عَلَى الْحَوْضِ أَوْ الْبِئْرِ لِيَتَطَهَّرَ.
وَكَذَا الْمَاءُ الدَّاخِلُ فِي الْحَوْضِ أَوْ الَّذِي يَنْبُعُ مِنْ الْبِئْرِ تَتَنَجَّسُ بِمُلَاقَاةِ النَّجَسِ وَالدَّلْوُ تَتَنَجَّسُ أَيْضًا بِمُلَاقَاةِ الْمَاءِ فَلَا تَزَالُ تَعُودُ، وَهِيَ نَجِسَةٌ. وَكَذَا الْإِنَاءُ إذَا لَمْ يَكُنْ فِي أَسْفَلِهِ ثَقْبٌ يَخْرُجُ الْمَاءُ مِنْهُ إذَا أُجْرِيَ مِنْ أَعْلَاهُ؛ لِأَنَّ الْمَاءَ النَّجِسَ يَجْتَمِعُ فِي أَسْفَلِهِ فَلَا يُحْكَمُ بِطَهَارَتِهِ إلَّا أَنَّهُمْ اسْتَحْسَنُوا تَرْكَ الْعَمَلِ بِمُوجِبِ الْقِيَاسِ لِلضَّرُورَةِ الْمُحْوِجَةِ إلَى ذَلِكَ لِعَامَّةِ النَّاسِ وَلِلضَّرُورَةِ أَثَرٌ فِي سُقُوطِ الْخِطَابِ.
ثُمَّ بَيَّنَ وَجْهَ تَرْجِيحِ الِاسْتِحْسَانِ عَلَى الْقِيَاسِ فَقَالَ: وَلَمَّا صَارَتْ الْعِلَّةُ عِنْدَنَا عِلَّةً بِأَثَرِهَا خِلَافًا لِأَهْلِ الطَّرْدِ وَغَيْرِهِمْ كَمَا مَرَّ بَيَانُهُ. سَمَّيْنَا الَّذِي أَيْ الشَّيْءَ الَّذِي ضَعُفَ أَثَرُهَا قِيَاسًا. وَسَمَّيْنَا الشَّيْءَ الَّذِي قَوِيَ أَثَرُهَا اسْتِحْسَانًا ذَكَرَ الِاسْمَ الْمَوْصُولَ بِتَأْوِيلِ الشَّيْءِ، وَأَنَّثَ الضَّمِيرَ بِتَأْوِيلِ الْعِلَّةِ. وَلَوْ قَالَ سَمَّيْنَا الَّذِي ضَعُفَ أَثَرُهُ أَوْ سَمَّيْنَا الَّتِي ضَعُفَ أَثَرُهَا لَكَانَ أَبْعَدَ مِنْ الِاشْتِبَاهِ. وَيَلْزَمُ عَلَيْهِ أَنَّهُ قَدْ سُمِّيَ الَّذِي ضَعُفَ أَثَرُهُ اسْتِحْسَانًا أَيْضًا وَعَلَى الْعَكْسِ، وَقَدْ مَرَّ الْجَوَابُ عَنْهُ. وَقَدَّمْنَا الثَّانِيَ، وَهُوَ الِاسْتِحْسَانُ الَّذِي قَوِيَ أَثَرُهُ، وَإِنْ كَانَ خَفِيًّا عَلَى الْأَوَّلِ، وَهُوَ الْقِيَاسُ الَّذِي ضَعُفَ أَثَرُهُ، وَإِنْ كَانَ جَلِيًّا. وَقَدْ يُرَجَّحُ الْبَاطِنُ بِقُوَّةِ أَثَرِهِ، وَهُوَ الْبَقَاءُ حَتَّى وَجَبَ الِاشْتِغَالُ لِطَلَبِهِ. وَتَأَخَّرَ الظَّاهِرُ لِضَعْفِ أَثَرِهِ، وَهُوَ الْغَنَاءُ حَتَّى وَجَبَ الْإِعْرَاضُ عَنْهُ، وَقَالَ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَوْ كَانَتْ الدُّنْيَا مِنْ ذَهَبٍ وَالْآخِرَةُ مِنْ خَزَفٍ لَاخْتَارَ الْعَاقِلُ الْخَزَفَ الْبَاقِيَ عَلَى الذَّهَبِ الْفَانِي كَيْفَ، وَقَدْ كَانَ الْأَمْرُ عَلَى الْعَكْسِ. وَكَالنَّفْسِ مَعَ الْقَلْبِ فَإِنَّ الْقَلْبَ تَرَجَّحَ عَلَى النَّفْسِ، وَإِنْ كَانَتْ النَّفْسُ ظَاهِرَةً وَالْقَلْبُ بَاطِنًا؛ لِأَنَّ أَثَرَ عَمَلِ الْقَلْبِ أَقْوَى مِنْ عَمَلِ النَّفْسِ؛ لِأَنَّهُ مَوْضِعُ الْإِيمَانِ وَالتَّوْحِيدِ وَالْعِلْمِ وَالْبَصَرِ مَعَ الْعَقْلِ فَإِنَّ الْعَقْلَ رَاجِحٌ، وَإِنْ كَانَ بَاطِنًا لِقُوَّةِ أَثَرِ إدْرَاكِهِ وَضَعْفِ أَثَرِ إدْرَاكِ الْبَصَرِ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ. قَوْلُهُ: (مِثَالُ ذَلِكَ) أَيْ مِثَالُ تَقَدُّمِ الِاسْتِحْسَانِ الَّذِي قَوِيَ أَثَرُهُ عَلَى الْقِيَاسِ الَّذِي ضَعُفَ أَثَرُهُ، وَهَذَا فِي الْحَقِيقَةِ مِثَالُ الْقِسْمِ الْأَوَّلِ مِنْ الْقِيَاسِ وَالْقِسْمِ الْأَوَّلِ مِنْ الِاسْتِحْسَانِ. أَنَّ سُؤْرَ سِبَاعِ الطَّيْرِ كَالصَّقْرِ وَالْبَازِي وَالشَّاهِينِ فِي الْقِيَاسِ نَجِسٌ؛ لِأَنَّ السُّؤْرَ مُعْتَبَرٌ بِاللَّحْمِ، وَلَحْمُ هَذِهِ الطُّيُورِ حَرَامٌ كَلَحْمِ سِبَاعِ الْبَهَائِمِ، وَكَانَ سُؤْرُهَا نَجِسًا، وَفِي الِاسْتِحْسَانِ هُوَ طَاهِرٌ مَكْرُوهٌ؛ لِأَنَّ السَّبُعَ كَذَا. اعْلَمْ أَنَّ مَشَايِخَنَا عَلَّلُوا فِي نَجَاسَةِ سُؤْرِ سِبَاعِ الْبَهَائِمِ بِأَنَّ لُعَابَهَا مُتَوَلِّدٌ مِنْ اللَّحْمِ، وَلَحْمَهَا نَجِسٌ فَيَكُونُ السُّؤْرُ نَجِسًا أَيْضًا. وَيُرَدُّ عَلَيْهِ أَنَّ اللَّحْمَ إنْ كَانَ نَجِسًا لِذَاتِهِ بِاعْتِبَارِ الْحُرْمَةِ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَجُوزَ بَيْعُ السَّبُعِ، وَلَا الِانْتِفَاعُ بِهِ، وَلَا يَطْهُرُ جِلْدُهُ بِالدِّبَاغِ كَالْخِنْزِيرِ، وَإِنْ كَانَ نَجِسًا بِالْمُجَاوِرِ، وَكَانَتْ عَيْنُهُ طَاهِرَةً كَالْجِلْدِ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَتَنَجَّسَ السُّؤْرُ؛ لِأَنَّ النَّجَاسَةَ الْمُجَاوِرَةَ لَا تُؤَثِّرُ فِي نَجَاسَةِ السُّؤْرِ كَمَا فِي سُؤْرِ الشَّاةِ وَالْآدَمِيِّ فَسَلَكَ الشَّيْخُ طَرِيقَةً يَنْدَفِعُ عَنْهُ هَذَا السُّؤَالُ.
فَقَالَ السَّبُعُ لَيْسَ بِنَجِسِ الْعَيْنِ لِدَلِيلِ جَوَازِ الِانْتِفَاعِ بِهِ يَعْنِي مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ إذْ لَوْ كَانَ نَجِسَ الْعَيْنِ حَرُمَ الِانْتِفَاعُ بِهِ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ كَمَا حَرُمَ بِالْخِنْزِيرِ وَسَائِرِ الْأَنْجَاسِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ} [المدثر: 5] {فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الأَوْثَانِ} [الحج: 30] {رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ} [المائدة: 90] وَهَذَا

نام کتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي نویسنده : البخاري، علاء الدين    جلد : 4  صفحه : 6
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست