responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي نویسنده : البخاري، علاء الدين    جلد : 3  صفحه : 321
وَعَلَى هَذَا الْأَصْلِ سَقَطَ فِعْلُ النَّاسِي؛ لِأَنَّ النِّسْيَانَ أَمْرٌ جُبِلَ عَلَيْهِ الْإِنْسَانُ فَكَانَ سَمَاوِيًّا مَحْضًا فَنُسِبَ إلَى صَاحِبِ الْحَقِّ فَلَمْ يَصْلُحْ لِضَمَانِهِ حَقَّهُ فَالتَّعْدِيَةُ إلَى الْخَطَأِ، وَهُوَ تَقْصِيرٌ مِنْ الْخَاطِئِ أَوْ إلَى الْمُكْرَهِ، وَهُوَ مِنْ جِهَةِ غَيْرِ صَاحِبِ الْحَقِّ مِنْ وَجْهٍ يَكُونُ تَغْيِيرًا لَا تَعْدِيَةً، وَمِنْ ذَلِكَ أَنَّ حُكْمَ النَّصِّ فِي الرِّبَا تَحْرِيمٌ مُتَنَاهٍ، وَقَدْ أَثْبَتَ الْخَصْمُ فِيمَا لَا مِعْيَارَ لَهُ غَيْرَ مُتَنَاهٍ
ـــــــــــــــــــــــــــــQإلَى تَفْوِيتِ الصَّوْمِ لَمْ يُوجَدْ فَإِذًا لَمْ يَكُنْ لِعَدَمِ الْقَصْدِ أَثَرٌ فِي إيجَادِ الصَّوْمِ مَعَ عَدَمِ مَا يُنَافِي الصَّوْمَ مِنْ الْأَكْلِ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَثَرٌ فِي وُجُودِ الصَّوْمِ مَعَ وُجُودِ مَا يُنَافِيهِ فَعَرَفْنَا أَنَّ بَقَاءَ صَوْمِ النَّاسِي لَيْسَ لِعَدَمِ الْقَصْدِ لَكِنَّهُ مُتَّصِلٌ بِقَوْلِهِ: لِعَدَمِ الْقَصْدِ أَيْ لَكِنَّ فِعْلَ النَّاسِي وَهُوَ الْأَكْلُ لَمْ يُجْعَلْ فِطْرًا بِالنَّصِّ، وَهُوَ قَوْلُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَتِمَّ عَلَى صَوْمِك غَيْرُ مَعْلُولٍ أَيْ غَيْرُ مَعْقُولِ الْمَعْنَى فَلَا يُقَاسُ عَلَيْهِ غَيْرُهُ وَعَلَى مَا قُلْنَا أَيْ فِي بَيَانِ أَمْثِلَةِ الشَّرْطِ الثَّانِي.
وَقَوْلُهُ: وَعَلَى هَذَا الْأَصْلِ بَيَانُ الْوَجْهِ الثَّانِي فِي بُطْلَانِ ذَلِكَ التَّعْلِيلِ يَعْنِي يَخْرُجُ فَسَادُ تَعْلِيلِهِ عَلَى هَذَا الْأَصْلِ الَّذِي نَحْنُ فِي بَيَانِهِ هُوَ أَنَّهُ إنْ سَلَّمْنَا أَنَّ نَصَّ النَّاسِي مَعْلُولٌ فَإِلْحَاقُ الْخَاطِئِ وَالْمُكْرَهِ بِهِ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ؛ لِأَنَّهُ لَا مُسَاوَاةَ بَيْنَ النَّاسِي وَبَيْنَ الْخَاطِئِ وَالْمُكْرَهِ فِي الْعُذْرِ وَعَدَمِ الْقَصْدِ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ النِّسْيَانَ أَمْرٌ جُبِلِ أَيْ خُلِقَ عَلَيْهِ الْإِنْسَانُ لَا صُنْعَ لَهُ فِيهِ وَلَا يُمْكِنُهُ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ بِوَجْهٍ فَكَانَ سَمَاوِيًّا مَحْضًا، فَكَانَ مَنْسُوبًا إلَى صَاحِبِ الْحَقِّ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ
قَوْلُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «إنَّمَا أَطْعَمَك اللَّهُ وَسَقَاك» فَلَمْ يَصْلُحْ لِضَمَانِ حَقِّهِ؛ لِأَنَّهُ صَدَرَ مِنْهُ فَاسْتَقَامَ أَنْ يُجْعَلَ الرُّكْنُ بِاعْتِبَارِهِ قَائِمًا حُكْمًا
فَأَمَّا الْخَطَأُ وَالْإِكْرَاهُ فَقَدْ يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ عَنْهُمَا بِالتَّثَبُّتِ وَالِاحْتِيَاطِ فِي الْمُقَدِّمَاتِ وَالِالْتِجَاءِ إلَى الْإِمَامِ الْعَادِلِ أَنَّهُمَا لَيْسَا مِنْ جِهَةِ صَاحِبِ الْحَقِّ فَتَعْدِيَةُ الْحُكْمِ مِنْ النَّاسِي إلَيْهِمَا يَكُونُ تَغْيِيرًا؛ لِأَنَّ النَّصَّ لَمَّا أَوْجَبَ الْحُكْمَ فِي الْمَنْصُوصِ بِمَعْنًى فَإِثْبَاتُهُ فِي الْفَرْعِ بِمَعْنًى آخَرَ لَا يَصْلُحُ عِلَّةً لِذَلِكَ الْحُكْمِ يَكُونُ تَغْيِيرًا لَهُ فِي الْفَرْعِ لَا تَعْدِيَةً؛ لِأَنَّ حُكْمَ الْأَصْلِ ثَابِتٌ بِعِلَّةٍ، وَحُكْمُ الْفَرْعِ ثَابِتٌ بِلَا عِلَّةٍ فَكَانَ غَيْرَهُ، أَلَا تَرَى أَنَّ الْمَرِيضَ لَمَّا سَقَطَ عَنْهُ الْقِيَامُ بِسَبَبِ الْعُذْرِ الَّذِي جَاءَ مِنْ قِبَلِ صَاحِبِ الْحَقِّ وَهُوَ الْمَرَضُ، لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ الْإِعَادَةُ قَائِمًا بَعْدَ الْبُرْءِ لَمْ يَجُزْ تَعْدِيَتُهُ إلَى الْمُقَيَّدِ مَعَ تَحَقُّقِ عَجْزِهِ؛ لِأَنَّ عُذْرَهُ لَيْسَ مِنْ جِهَةِ صَاحِبِ الْحَقِّ حَتَّى وَجَبَ عَلَيْهِ الْإِعَادَةُ قَائِمًا بَعْدَ رَفْعِ الْقَيْدِ فَكَذَا هَا هُنَا فَتَبَيَّنَ بِمَا ذَكَرْنَا أَنَّ حُكْمَ الْأَصْلِ عَدَمُ ضَمَانِ حَقٍّ أَتْلَفَهُ صَاحِبُ الْحَقِّ، وَالثَّابِتُ فِي الْفَرْعِ عَدَمُ ضَمَانِ حَقٍّ أَتْلَفَهُ غَيْرُ صَاحِبِ الْحَقِّ بِقَدْرٍ لَهُ مَدْفَعٌ فَكَانَ تَغْيِيرًا لَا مَحَالَةَ.
وَإِنَّمَا قَيَّدَ بِقَوْلِهِ: مِنْ وَجْهٍ؛ لِأَنَّ فِعْلَ الْعَبْدِ مُضَافٌ إلَى اللَّهِ تَعَالَى خَلْقًا؛ إذْ هُوَ خَالِقُ أَفْعَالِ الْعِبَادِ عِنْدَ أَهْلِ السُّنَّةِ وَإِنْ كَانَ مُضَافًا إلَى الْعَبْدِ كَسْبًا؛ فَلِهَذَا قَالَ: وَمَنْ وَجَّهَ قَوْلَهُ (وَمِنْ ذَلِكَ) أَيْ وَمِمَّا غَيَّرَ حُكْمَ الْأَصْلِ فِي الْفَرْعِ بِالتَّعْلِيلِ أَنَّ حُكْمَ النَّصِّ فِي الْأَشْيَاءِ الْأَرْبَعَةِ، وَهِيَ الْحِنْطَةُ وَالشَّعِيرُ وَالتَّمْرُ وَالْمِلْحُ تَحْرِيمٌ مُتَنَاءٍ بِالتَّسَاوِي فِي الْمِعْيَارِ بِقَوْلِهِ إلَّا سَوَاءً بِسَوَاءٍ وَقَدْ أَثْبَتَهُ الْخَصْمُ بِعِلَّةِ الطَّعْمِ فِيمَا لَا مِعْيَارَ لَهُ كَالتُّفَّاحَةِ وَالسَّفَرْجَلِ وَالْحَفْنَةِ غَيْرَ مُتَنَاهٍ فَكَانَ خِلَافَ مَا أَثْبَتَهُ الشَّرْعُ؛ إذْ الْحُرْمَةُ الْمُتَنَاهِيَةُ غَيْرُ الْمُؤَبَّدَةِ كَالْحُرْمَةِ الثَّابِتَةِ بِالرَّضَاعِ أَوْ الْمُصَاهَرَةِ غَيْرِ الْحُرْمَةِ الثَّابِتَةِ بِالطَّلَقَاتِ الثَّلَاثِ فَيَكُونُ هَذَا تَعْلِيلًا بَاطِلًا وَلَا يَلْزَمُ عَلَيْهِ حُرْمَةُ بَيْعِ الْمَقْلِيَّةِ بِغَيْرِ الْمَقْلِيَّةِ وَالدَّقِيقِ بِالْحِنْطَةِ فَإِنَّهَا غَيْرُ مُتَنَاهِيَةٍ بِالْكَيْلِ؛ لِأَنَّ الْحُرْمَةَ مَا ثَبَتَتْ فِي هَذَا الْمَحَلِّ وَإِنَّمَا يَثْبُتُ قَبْلَ الْقَلْيِ مُتَنَاهِيَةً بِالْمُسَاوَاةِ كَيْلًا لَكِنَّ الْعَبْدَ أَبْطَلَ الْكَيْلَ عَلَى نَفْسِهِ بِالْقَلْيِ وَالطَّحْنِ فَإِنَّ الْأَجْزَاءَ بِالْقَلْيِ تَكْثُرُ؛ إذْ تَنْتَفِخُ الْحِنْطَةُ وَبِالطَّحْنِ تَنْفَرِقُ فَلَا تُعْرَفُ الْمُسَاوَاةُ بَعْدُ بِالْكَيْلِ الَّذِي جُعِلَ مُسَوِّيًا وَمَنْهِيًّا لِلْحُرْمَةِ فَبَقِيَتْ الْحُرْمَةُ غَيْرَ مُتَنَاهِيَةٍ، وَيَجُوزُ أَنْ تَثْبُتَ الْحُرْمَةُ مُتَنَاهِيَةً، ثُمَّ تَبْطُلَ النِّهَايَةُ بِصُنْعِ الْعِبَادِ فَتَبْقَى غَيْرَ مُتَنَاهِيَةً فَأَمَّا إنْ ثَبَتَتْ غَيْرَ مُتَنَاهِيَةٍ بِإِثْبَاتِ الشَّرْعِ وَمَا أَثْبَتَهَا الشَّارِعُ إلَّا مُتَنَاهِيَةً فَلَا، كَذَا فِي الطَّرِيقَةِ الْبَرْغَرِيَّةِ.
وَلَكِنْ لَهُمْ أَنْ يَقُولُوا: نَحْنُ مَا أَثْبَتْنَا الْحُرْمَةَ بِالتَّعْلِيلِ بَلْ بِعُمُومِ النَّصِّ، وَهُوَ

نام کتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي نویسنده : البخاري، علاء الدين    جلد : 3  صفحه : 321
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست