responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي نویسنده : البخاري، علاء الدين    جلد : 3  صفحه : 311
وَكَذَلِكَ تَرْكُ التَّسْمِيَةِ عَلَى الذَّبِيحِ نَاسِيًا يُجْعَلُ عَفْوًا بِالنَّصِّ مَعْدُولًا عَنْ الْقِيَاسِ فَلَا يَحْتَمِلُ التَّعْلِيلَ، وَكَذَلِكَ حَدِيثُ «الْأَعْرَابِيِّ الَّذِي قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كُلْ أَنْتَ وَأَطْعِمْ عِيَالَك» كَانَ الْأَعْرَابِيُّ مَخْصُوصًا بِالنَّصِّ فَلَمْ يَحْتَمِلْ التَّعْلِيلَ فَأَمَّا الْمُسْتَحْسَنَاتُ فَمِنْهَا مَا ثَبَتَ بِقِيَاسٍ خَفِيٍّ لَا مَعْدُولًا، وَأَمَّا الْأَصْلُ إذَا عَارَضَهُ أُصُولٌ فَلَا يُسَمَّى مَعْدُولًا؛ لِأَنَّ التَّعْلِيلَ لَا يَقْضِي عَدَدًا مِنْ الْأُصُولِ وَلَكِنَّهُ مِمَّا يَصْلُحُ لِلتَّرْجِيحِ عَلَى
ـــــــــــــــــــــــــــــQالْحُكْمِ بِالدَّلَالَةِ كَمَنْ بِهِ سَلَسُ الْبَوْلِ يَتَوَضَّأُ لِوَقْتِ كُلِّ صَلَاةٍ كَالْمُسْتَحَاضَةِ، وَكَانَ الْحُكْمُ فِيهِ ثَابِتًا بِالدَّلَالَةِ لَا بِالْقِيَاسِ فَكَذَا هَا هُنَا عَلَى مَا مَرَّ أَيْ فِي بَابِ الْوُقُوفِ عَلَى أَحْكَامِ النَّظْمِ
قَوْلُهُ: وَكَذَلِكَ تَرْكُ التَّسْمِيَةِ أَيْ وَكَالْأَكْلِ نَسْيًا تَرْكُ التَّسْمِيَةِ عَلَى الذَّبْحِ نَاسِيًا جُعِلَ عَفْوًا بِالنَّصِّ، وَهُوَ «قَوْلُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - حِينَ سُئِلَ عَمَّنْ ذَبَحَ فَتَرَكَ التَّسْمِيَةَ نَاسِيًا كُلُوهُ فَإِنَّ تَسْمِيَةَ اللَّهِ فِي فَمِ كُلِّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ» وَفِي رِوَايَةٍ «ذِكْرُ اللَّهِ فِي قَلْبِ كُلِّ مُسْلِمٍ» مَعْدُولًا بِهِ عَنْ الْقِيَاسِ، فَإِنَّ الْقِيَاسَ يَأْبَى حِلَّهُ لِعَدَمِ شَرْطِهِ؛ إذْ التَّسْمِيَةُ شَرْطٌ لِلْحِلِّ بِالِاتِّفَاقِ أَمَّا عِنْدَنَا فَظَاهِرٌ.
وَأَمَّا عِنْدَ الشَّافِعِيِّ فَلِأَنَّهُ شَرَطَ الْمِلَّةَ لِتَقُومَ مَقَامَ التَّسْمِيَةِ حَتَّى لَا يَحِلَّ ذَبَائِحُ أَهْلِ الشِّرْكِ لِعَدَمِ الْمِلَّةِ، وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّهُ لَا أَثَرَ لِلنِّسْيَانِ فِي إيجَابِ الشَّرْطِ الْمَعْدُومِ كَمَا لَوْ صَلَّى بِغَيْرِ طَهَارَةٍ نَاسِيًا أَوْ تَرَكَ إحْضَارَ الشُّهُودِ فِي النِّكَاحِ نَاسِيًا فَلَمْ يَحْتَمِلْ التَّعْلِيلَ بِأَنْ يُقَالَ: الْمِلَّةُ فِي النَّاسِي قَامَتْ مَقَامَ التَّسْمِيَةِ، وَثَبَتَ بِهِ الْحِلُّ فَيَتَعَدَّى الْحُكْمُ بِهِ إلَى الْعَامِدِ؛ لِأَنَّهُ مَعْدُولٌ بِهِ عَنْ الْقِيَاسِ مَعَ أَنَّهُ لَا مُسَاوَاةَ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّ النَّاسِيَ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ قَصْدُ التَّرْكِ وَالْإِعْرَاضِ فَبَقِيَتْ الْحَالَةُ الْأَصْلِيَّةُ مُعْتَبَرَةً لَهُ حُكْمًا، فَأَمَّا الْعَامِدُ فَقَدْ تَعَمَّدَ الْإِعْرَاضَ وَالتَّرْكَ، فَلَا يُمْكِنُ إبْقَاؤُهَا مَعَ تَحَقُّقِ مَا يَرُدُّهَا مِنْهُ كَمَنْ قُدِّمَ إلَيْهِ طَعَامٌ حَلَّ لَهُ أَكْلُهُ بِغَيْرِ إذْنٍ لِدَلَالَةِ الْحَالِ، وَلَوْ قِيلَ لَهُ: لَا تَأْكُلْ لَا يَحِلُّ وَلِأَنَّ حَالَةَ النِّسْيَانِ حَالُ عُذْرٍ وَقِيَامُ الْمِلَّةِ مَقَامَ التَّسْمِيَةِ ضَرْبٌ مِنْ الْخِفَّةِ، وَثُبُوتُ الْخِفَّةِ حَالَةَ الْعُذْرِ لَا يَدُلُّ عَلَى ثُبُوتِهَا بِلَا عُذْرٍ.
وَقَدْ رَوَى الْكَلْبِيُّ بِإِسْنَادِهِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - فِي النَّاسِي أَنَّهُ يَحِلُّ ذَبِيحَتُهُ وَتَسْمِيَةُ مِلَّتِهِ وَإِذَا تَعَمَّدَ لَمْ تَحِلَّ كَذَا فِي الْأَسْرَارِ
قَوْلُهُ: (وَأَمَّا الْمُسْتَحْسَنَاتُ) جَوَابٌ عَمَّا قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا: إنَّ الْمُسْتَحْسَنَاتِ كُلَّهَا مَعْدُولٌ بِهَا عَنْ الْقِيَاسِ لِمُخَالَفَةِ الْقِيَاسِ الظَّاهِرِ إيَّاهَا؛ إذْ الِاسْتِحْسَانُ لَا يُذْكَرُ إلَّا فِي مُقَابَلَةِ الْقِيَاسِ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ لَا يَجُوزُ تَعْدِيَةُ الْحُكْمِ الثَّابِتِ بِالِاسْتِحْسَانِ إلَى غَيْرِهِ لِكَوْنِهِ مَعْدُولًا بِهِ عَنْ الْقِيَاسِ فَقَالَ: مِنْ الْمُسْتَحْسَنَاتِ مَا ثَبَتَ مَعْدُولًا بِهِ كَمَا قُلْتُمْ وَمِنْهَا مَا ثَبَتَ بِدَلِيلٍ خَفِيٍّ أَيْ بِنَوْعٍ مِنْ الْقِيَاسِ إلَّا أَنَّهُ خَفِيٌّ لَا مَعْدُولًا بِهِ عَنْ الْقِيَاسِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ كَمَا سَنُبَيِّنُهُ فَيَجُوزُ تَعْلِيلُهُ وَتَعْدِيَتُهُ إلَى غَيْرِهِ
قَوْلُهُ: (وَأَمَّا الْأَصْلُ إذَا عَارَضَهُ أُصُولٌ) يَعْنِي إذَا ثَبَتَ حُكْمٌ بِنَصٍّ، وَفِيهِ مَعْنًى مَعْقُولٌ إلَّا أَنَّهُ يُعَارِضُ ذَلِكَ الْأَصْلَ أُصُولٌ أُخْرَى تُخَالِفُهُ فَلَا يُسَمَّى ذَلِكَ الْأَصْلُ مَعْدُولًا بِهِ عَنْ الْقِيَاسِ أَيْ مُخَالِفًا لَهُ حَتَّى جَازَ تَعْلِيلُهُ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الشَّرْعَ إذَا وَرَدَ بِمَا يُخَالِفُ فِي نَفْسِهِ الْأُصُولَ يَجُوزُ الْقِيَاسُ عَلَيْهِ إذَا كَانَ لَهُ مَعْنًى يَتَعَدَّاهُ عِنْدَ عَامَّةِ أَصْحَابِنَا مِنْهُمْ الْقَاضِي الْإِمَامُ أَبُو زَيْدٍ وَالشَّيْخَانِ وَمَنْ تَابَعَهُمْ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ إلَيْهِ، وَذَهَبَ عَامَّةُ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ وَعَامَّةُ الْمُتَكَلِّمِينَ، وَلَيْسَ هَذَا مِنْ قَبِيلِ الْمَعْدُولِ بِهِ عَنْ الْقِيَاسِ وَحُكِيَ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا أَنَّهُمْ لَمْ يُجَوِّزُوا الْقِيَاسَ عَلَيْهِ وَعَنْ الشَّيْخِ الْإِمَامِ أَبِي الْحَسَنِ الْكَرْخِيِّ أَنَّهُ مَنَعَ جَوَازَ الْقِيَاسِ عَلَيْهِ إلَّا إذَا كَانَتْ عِلَّةً مَنْصُوصَةً مِثْلَ مَا رُوِيَ أَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - عَلَّلَ سُؤْرَ الْهِرَّةِ بِأَنَّهَا مِنْ الطَّوَّافِينَ عَلَيْكُمْ وَالطَّوَّافَاتِ؛ لِأَنَّ النَّصَّ عَلَى الْعِلَّةِ تَنْصِيصٌ بِوُجُوبِ الْقِيَاسِ أَوْ كَانَتْ الْأُمَّةُ مُجْمِعَةً عَلَى تَعْلِيلِهِ؛ لِأَنَّ الْإِجْمَاعَ كَالنَّصِّ.
أَوْ كَانَ ذَلِكَ الْحُكْمُ مُوَافِقًا لِبَعْضِ الْأُصُولِ، وَإِنْ كَانَ مُخَالِفًا لِلْبَعْضِ كَخَبَرِ التَّحَالُفِ عِنْدَ اخْتِلَافِ الْمُتَبَايِعَيْنِ فَإِنَّهُ وَإِنْ كَانَ مُخَالِفًا

نام کتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي نویسنده : البخاري، علاء الدين    جلد : 3  صفحه : 311
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست