responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي نویسنده : البخاري، علاء الدين    جلد : 3  صفحه : 286
وَمِثَالُ ذَلِكَ فِي مَسْأَلَةِ الرِّبَا وَذَلِكَ أَنَّ النَّبِيَّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - قَالَ: «الْحِنْطَةُ بِالْحِنْطَةِ» أَيْ بِيعُوا الْحِنْطَةَ بِالْحِنْطَةِ؛ لِأَنَّ الْبَاءَ كَلِمَةُ إلْصَاقٍ فَدَلَّ عَلَى إضْمَارِ فِعْلٍ مِثْلِ قَوْلِك: بِسْمِ اللَّهِ فَدَلَّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ «لَا تَبِيعُوا الطَّعَامَ بِالطَّعَامِ إلَّا سَوَاءً بِسَوَاءٍ» وَدَلَّ عَلَيْهِ حَدِيثُ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ أَنَّ النَّبِيَّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - قَالَ: «لَا تَبِيعُوا الذَّهَبَ بِالذَّهَبِ وَالْوَرِقَ بِالْوَرِقِ إلَّا سَوَاءً بِالسَّوَاءِ وَالْحِنْطَةَ بِالْحِنْطَةِ إلَّا سَوَاءً بِسَوَاءٍ عَيْنًا بِعَيْنٍ فَمَنْ زَادَ أَوْ اسْتَزَادَ فَقَدْ أَرْبَى» وَالْحِنْطَةُ اسْمُ عَلَمٍ لِمَكِيلٍ مَعْلُومٍ، وَقَدْ قُوبِلَ بِجِنْسِهِ وَقَوْلُهُ مِثْلًا بِمِثْلٍ حَالٌ لِمَا سَبَقَ، وَالْأَحْوَالُ شُرُوطٌ أَيْ بِيعُوا بِهَذَا الْوَصْفِ وَالْأَمْرُ لِلْإِيجَابِ يَكُونُ وَالْبَيْعُ مُبَاحٌ فَلَا بُدَّ مِنْ صَرْفِ الْأَمْرِ إلَى الْحَالِ الَّتِي هِيَ شَرْطٌ.
وَالْمُرَادُ بِالْمِثْلِ الْقَدْرُ لِمَا رُوِيَ فِي حَدِيثٍ آخَرَ كَيْلًا بِكَيْلٍ فَثَبَتَ بِصِيغَةِ الْكَلَامِ، وَقَوْلُهُ وَالْفَضْلُ اسْمٌ لِكُلِّ زِيَادَةٍ، وَقَوْلُهُ رِبًا اسْمٌ لِزِيَادَةٍ هِيَ حَرَامٌ
ـــــــــــــــــــــــــــــQالتَّأَمُّلُ فِي مَعْنَى هَذَا النَّصِّ لِلْعَمَلِ بِهِ فِيمَا لَا نَصَّ فِيهِ يَجِبُ التَّأَمُّلُ فِي سَائِرِ النُّصُوصِ لِاسْتِخْرَاجِ الْمَعَانِي الَّتِي تَتَعَلَّقُ بِهَا الْأَحْكَامُ بِإِشَارَةِ صَاحِبِ الشَّرْعِ لِيُعْمَلَ بِهَا فِيمَا لَا نَصَّ فِيهِ.
1 -
قَوْلُهُ (وَبَيَانُ ذَلِكَ) أَيْ بَيَانُ التَّأَمُّلِ لِاسْتِخْرَاجِ الْمَعْنَى الَّذِي هُوَ مَنَاطُ الْحُكْمِ بِإِشَارَةِ الشَّارِعِ يَتَحَقَّقُ فِي مَسْأَلَةِ الرِّبَا وَذَلِكَ أَيْ ذَلِكَ الْبَيَانُ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «الْحِنْطَةُ بِالْحِنْطَةِ» الْحَدِيثَ، رُوِيَ هَذَا الْحَدِيثُ بِالرَّفْعِ وَالنَّصْبِ وَعَلَى التَّقْدِيرَيْنِ لَا بُدَّ مِنْ إضْمَارٍ بِدَلَالَةِ كَلِمَةِ الْبَاءِ؛ فَإِنَّهَا يَقْتَضِي فِعْلًا يَلْتَصِقُ بِوَاسِطَتِهَا بِمَا دَخَلَتْ فِيهِ، وَقَدْ ذُكِرَتْ فِي الْمُعَاوَضَاتِ فَيُضْمَرُ فِعْلٌ يُنَاسِبُهَا فَكَانَ مَعْنَى رِوَايَةِ الرَّفْعِ بَيْعُ الْحِنْطَةِ بِالْحِنْطَةِ مِثْلٌ بِمِثْلٍ بِطَرِيقِ حَذْفِ الْمُضَافِ وَإِقَامَةِ الْمُضَافِ إلَيْهِ مَقَامَهُ وَمَعْنَى رِوَايَةِ النَّصْبِ وَهِيَ مُخْتَارَةُ الشَّيْخِ هَاهُنَا بِيعُوا الْحِنْطَةَ بِالْحِنْطَةِ مِثْلًا بِمِثْلٍ مِثْلُ قَوْلِك بِسْمِ اللَّهِ؛ فَإِنَّهُ لَمَّا اقْتَضَى فِعْلًا أُضْمِرَ فِيهِ الْفِعْلُ الَّذِي جُعِلَتْ التَّسْمِيَةُ مَبْدَأً لَهُ وَدَلَّ عَلَيْهِ أَيْ عَلَى أَنَّ الْمُضْمَرَ مَا ذَكَرْنَا هَذَانِ الْحَدِيثَانِ وَالْحِنْطَةُ اسْمُ عَلَمٍ لِمَكِيلٍ أَيْ اسْمٌ مَوْضُوعٌ غَيْرُ مَعْنَوِيٍّ لِنَوْعٍ مِنْ الطَّعَامِ الَّذِي يَصِحُّ أَنْ يُكَالَ وَلَمْ يُرِدْ تَحَقُّقَ الْكَيْلِ فِيهِ؛ فَإِنَّهُ لَوْ لَمْ يُكَلْ أَصْلًا لَا يَخْرُجُ عَنْ كَوْنِهِ مَكِيلًا، وَقَدْ قُوبِلَ هَذَا الْمُسَمَّى بِجِنْسِهِ بِقَوْلِهِ الْحِنْطَةُ بِالْحِنْطَةِ.
وَقَوْلُهُ مِثْلًا بِمِثْلٍ حَالٌ لِمَا سَبَقَ، وَهُوَ الْحِنْطَةُ وَيَكُونُ حَالًا عَنْ الْمَفْعُولِ وَالْأَحْوَالُ شُرُوط لِأَنَّهَا صِفَاتٌ وَالصِّفَاتُ مُقَيِّدَةٌ كَالشُّرُوطِ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ رَاكِبَةً كَانَ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ: إنْ رَكِبْت فَأَنْتِ طَالِقٌ وَالْأَمْرُ لِلْإِيجَابِ يَكُونُ نَظَرًا إلَى الْأَصْلِ، وَلَمْ يَعْمَلْ فِي نَفْسِ الْبَيْعِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِوَاجِبٍ بِالْإِجْمَاعِ فَيَنْصَرِفُ إلَى الْحَالِ الَّتِي هِيَ شَرْطُ الْجَوَازِ وَصَارَ كَأَنَّهُ قِيلَ: إذَا أَقْدَمْتُمْ عَلَى بَيْعِ الْحِنْطَةِ بِالْحِنْطَةِ فَبِيعُوا فِي حَالَةِ الْمُسَاوَاةِ دُونَ غَيْرِهَا، وَلِهَذَا اخْتَارَ الشَّيْخُ رِوَايَةَ النَّصْبِ الْمُقْتَضِيَةَ لِإِضْمَارِ الْأَمْرِ؛ لِأَنَّهُ أَظْهَرُ فِي إيجَابِ شَرْطِ الْمُمَاثَلَةِ، وَهَذَا لِأَنَّ الشَّيْءَ قَدْ يَصِيرُ مَشْرُوطًا بِشَرَائِطَ يُفْتَرَضُ مُرَاعَاتُهَا عِنْدَ الْإِقْدَامِ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي ذَاتِهِ فَرْضًا كَالنِّكَاحِ لَمَّا شُرِعَ بِشَرْطِ الشُّهُودِ يُفْتَرَضُ إحْضَارُ الشُّهُودِ لِانْعِقَادِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِنَفْسِهِ وَاجِبًا وَكَصَلَاةِ التَّطَوُّعِ يُفْتَرَضُ مُرَاعَاةُ شُرُوطِهَا مِنْ تَقْدِيمِ الطَّهَارَةِ وَسَتْرِ الْعَوْرَةِ وَاسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ عِنْدَ الْإِقْدَامِ عَلَيْهَا وَإِنْ لَمْ تَكُنْ فِي نَفْسِهَا وَاجِبَةً.
وَالْمُرَادُ بِالْمِثْلِ الْمَذْكُورِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ الْمُمَاثَلَةُ فِي الْقَدْرِ أَيْ الْكَيْلِ فِي الْمَكِيلَاتِ وَالْوَزْنِ فِي الْمَوْزُونَاتِ دُونَ غَيْرِهِ؛ فَإِنَّ مُحَمَّدًا - رَحِمَهُ اللَّهُ - ذَكَرَ هَذَا الْحَدِيثَ فِي أَوَّلِ كِتَابِ الصَّرْفِ وَذَكَرَ مَكَانَ قَوْلِهِ مِثْلًا بِمِثْلٍ كَيْلًا بِكَيْلٍ وَوَزْنًا بِوَزْنٍ؛ فَتَبَيَّنَ بِذَلِكَ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْمُمَاثَلَةُ قَدْرًا لَا وَصْفًا وَكَلَامُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُفَسِّرُ بَعْضُهُ بَعْضًا فَثَبَتَ بِصِيغَةِ الْكَلَامِ أَيْ ثَبَتَ هَذَا الْمَجْمُوعُ، وَهُوَ إضْمَارُ الْبَيْعِ وَإِيجَابُ الْمُمَاثَلَةِ وَكَوْنُ الْمُمَاثَلَةِ فِي الْقَدْرِ مُرَادًا مِنْهُ الْمِثْلُ بِإِشَارَةِ صِيغَةِ الْكَلَامِ وَالتَّأَمُّلِ فِي مَعْنَاهَا، وَالْفَضْلُ اسْمٌ لِكُلِّ زِيَادَةٍ أَيْ زِيَادَةٍ تَرْجِعُ إلَى أَحَدِ الْبَدَلَيْنِ سَوَاءٌ كَانَتْ بِاعْتِبَارِ الْقَدْرِ بِأَنْ كَانَتْ مِنْ جِنْسِ الْبَدَلَيْنِ كَزِيَادَةِ قَفِيزٍ مِنْ أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ أَوْ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهَا كَزِيَادَةِ دِرْهَمٍ أَوْ بِاعْتِبَارِ الْحَالِ بِأَنْ كَانَ أَحَدُهُمَا نَقْدًا وَالْآخَرُ نَسِيئَةً.
وَقَوْلُهُ رِبًا اسْمٌ لِزِيَادَةٍ وَهِيَ حَرَامٌ بِالنَّصِّ، وَهُوَ قَوْله تَعَالَى {وَحَرَّمَ الرِّبَا} [البقرة: 275] لَا لِكُلِّ زِيَادَةٍ؛ فَإِنَّ الرِّبْحَ فِي التِّجَارَةِ وَالنَّمَاءَ فِي

نام کتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي نویسنده : البخاري، علاء الدين    جلد : 3  صفحه : 286
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست