responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي نویسنده : البخاري، علاء الدين    جلد : 3  صفحه : 285
وَأَوَّلُ الْحَشْرِ دَلَالَةٌ عَلَى تَكْرَارِ هَذِهِ الْعُقُوبَةِ. وقَوْله تَعَالَى {مَا ظَنَنْتُمْ أَنْ يَخْرُجُوا} [الحشر: 2] دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ إصَابَةَ النُّصْرَةِ جَزَاءُ التَّوَكُّلِ وَقَطْعُ الْحِيَلِ وَأَنَّ الْمَقْتَ وَالْخِذْلَانَ جَزَاءُ النَّظَرِ إلَى الْقُوَّةِ وَالِاغْتِرَارِ بِالشَّوْكَةِ إلَى مَا لَا يُحْصَى مِنْ مَعَانِي النَّصِّ ثُمَّ دَعَانَا إلَى الِاعْتِبَارِ بِالتَّأَمُّلِ فِي مَعَانِي النَّصِّ لِلْعَمَلِ بِهِ فِيمَا لَا نَصَّ فِيهِ، وَكَذَلِكَ فِي مَسْأَلَتِنَا هَذِهِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQبَيْتَيْنِ مِنْهُمْ آلُ أَبِي الْحَقِيقِ وَآلُ حُيَيِّ بْنِ أَخْطَبَ؛ فَإِنَّهُمْ لَحِقُوا بِخَيْبَرَ وَلَحِقَتْ طَائِفَةٌ بِالْحِيرَةِ.
وَاللَّامُ فِي " لِأَوَّلِ الْحَشْرِ " مُتَعَلِّقَةٌ بِأَخْرَجَ وَهِيَ مِثْلُ اللَّامِ فِي قَدَّمْت لِحَيَاتِي وَفِي جِئْته لِوَقْتِ كَذَا وَالْمَعْنَى أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا عِنْدَ أَوَّلِ الْحَشْرِ مَعْنَى أَوَّلِ الْحَشْرِ أَنَّ هَذَا أَوَّلُ حَشْرِهِمْ إلَى الشَّامِ وَكَانُوا مِنْ سِبْطٍ لَمْ يُصِبْهُمْ جَلَاءٌ قَطُّ وَهُمْ أَوَّلُ مَنْ أُخْرِجَ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ إلَى الشَّامِ، أَوْ هَذَا أَوَّلُ حَشْرِهِمْ وَالْحَشْرُ الثَّانِي إجْلَاءُ عُمَرَ إيَّاهُمْ مِنْ خَيْبَرَ إلَى الشَّامِ وَإِلَيْهِ أُشِيرَ فِي الْكِتَابِ، وَقِيلَ: الْحَشْرُ الثَّانِي حَشْرُ يَوْمِ الْقِيَامَةِ؛ لِأَنَّ الْمَحْشَرَ يَكُونُ بِالشَّامِّ {مَا ظَنَنْتُمْ أَنْ يَخْرُجُوا} [الحشر: 2] لِشِدَّةِ بَأْسِهِمْ وَمَنَعَتِهِمْ وَوَثَاقَةِ حُصُونِهِمْ وَكَثْرَةِ عَدَدِهِمْ وَعُدَّتِهِمْ وَظَنُّوا أَنَّ حُصُونَهُمْ تَمْنَعُهُمْ مِنْ بَأْسِ اللَّهِ فَأَتَاهُمْ أَمْرُ اللَّهِ أَوْ عَذَابُهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا لَمْ يَظُنُّوا وَلَمْ يَخْطُرْ بِبَالِهِمْ مِنْ جِهَةِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَا كَانُوا يَحْسِبُونَ أَنَّهُمْ يَغْلِبُونَهُمْ وَيَظْهَرُونَ عَلَيْهِمْ {وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ} [الأحزاب: 26] بِقَتْلِ رَئِيسِهِمْ غِرَّةً عَلَى يَدِ أَخِيهِ وَالرُّعْبُ الْخَوْفُ الَّذِي يُرْعِبُ الصَّدْرَ أَيْ يَمْلَؤُهُ وَقَذْفُهُ إثْبَاتُهُ وَرَكْزُهُ، " يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ " التَّخْرِيبُ الْإِخْرَابُ وَالْإِفْسَادُ بِالنَّقْضِ وَالْهَدْمِ، وَقِيلَ: التَّخْرِيبُ الْهَدْمُ وَالْإِخْرَابُ تَرْكُهُ لَا سَاكِنَ فِيهِ وَالِانْتِقَالُ عَنْهُ كَانُوا يُخْرِبُونَ بَوَاطِنَهَا وَالْمُسْلِمُونَ ظَوَاهِرَهَا لَمَّا أَرَادَ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ اسْتِئْصَالِ شَأْفَتِهِمْ وَأَنْ لَا يَبْقَى لَهُمْ بِالْمَدِينَةِ دَارٌ وَلَا مِنْهُمْ دَيَّارٌ وَاَلَّذِي دَعَاهُمْ إلَى التَّخْرِيبِ حَاجَتُهُمْ إلَى الْخَشَبِ وَالْحِجَارَةِ لِيَسُدُّوا أَفْوَاهَ الْأَزِقَّةِ وَأَنْ لَا يَتَحَسَّرُوا بَعْدَ جَلَائِهِمْ عَلَى بَقَائِهَا مَسَاكِنَ لِلْمُسْلِمِينَ وَأَنْ يَنْقُلُوا مَعَهُمْ مَا كَانَ فِي أَبْنِيَتِهِمْ مِنْ الْخَشَبِ وَالسَّاجِ الْمَلِيحِ.
وَأَمَّا الْمُؤْمِنُونَ فَدَاعِيهِمْ إزَالَةُ مُتَحَصَّنِهِمْ وَمُتَمَنَّعِهِمْ وَأَنْ يَتَّسِعَ لَهُمْ مَجَالُ الْحَرْبِ، وَمَعْنَى تَخْرِيبِهِمْ لَهَا بِأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ أَنَّهُمْ لَمَّا عَرَضُوهُمْ لِذَلِكَ وَكَانُوا السَّبَبَ فِيهِ فَكَأَنَّهُمْ أَمَرُوهُمْ بِهِ وَكَلَّفُوهُمْ إيَّاهُمْ " فَاعْتَبِرُوا " فَاتَّعِظُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ يَا ذَوِي الْعُقُولِ وَلَا تَفْعَلُوا فِعْلَ بَنِي النَّضِيرِ فَيَنْزِلَ بِكُمْ مَا نَزَلَ بِهِمْ هَذَا تَفْسِيرُ الْآيَةِ.
وَبَيَّنَ الشَّيْخُ طَرِيقَ الْمُتَأَمِّلِ فِيهَا لِلِاعْتِبَارِ فَقَالَ فَالْإِخْرَاجُ مِنْ الدِّيَارِ عُقُوبَةٌ بِمَنْزِلَةِ الْقَتْلِ لِأَنَّهُ عَدِيلُ الْقَتْلِ فِي قَوْله تَعَالَى {اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيَارِكُمْ} [النساء: 66] وَلِكَوْنِهِ مِثْلَ الْقَتْلِ أَوْ أَشَدَّ مِنْهُ اخْتَارَ بَنُو إسْرَائِيلَ الْقَتْلَ عَلَى الْجَلَاءِ، وَالْكُفْرُ يَصْلُحُ دَاعِيًا إلَيْهِ أَيْ إلَى الْإِخْرَاجِ الَّذِي هُوَ بِمَنْزِلَةِ الْقَتْلِ؛ لِأَنَّهُ يَصْلُحُ دَاعِيًا إلَى الْقَتْلِ فَيَصْلُحُ دَاعِيًا إلَى الْإِخْرَاجِ أَيْضًا وَأَوَّلُ الْحَشْرِ دَلَالَةٌ عَلَى تَكْرَارِ هَذِهِ الْعُقُوبَةِ لِأَنَّ الْأَوَّلَ يَدُلُّ عَلَى ثَانٍ بَعْدَهُ، وَهُوَ إجْلَاءُ عُمَرَ كَمَا بَيَّنَّا وَإِصَابَةُ النُّصْرَةِ جَزَاءُ التَّوَكُّلِ وَقَطْعِ الْحِيَلِ؛ لِأَنَّهُمْ لَمَّا لَمْ يَظُنُّوا خُرُوجَهُمْ رَأَوْا أَنْفُسَهُمْ عَاجِزِينَ عَنْ إخْرَاجِهِمْ وَحِيَلُهُمْ مُنْقَطِعَةٌ عَنْهُ فَتَوَكَّلُوا عَلَى اللَّهِ فَجُوزُوا بِالنُّصْرَةِ وَالنَّجَاحِ وَإِنَّ الْمَقْتَ أَيْ السَّخَطَ وَالْبُغْضَ يُقَالُ: مَقَتَهُ أَيْ أَبْغَضَهُ، وَالْخِذْلَانَ أَيْ تَرْكَ الْعَوْنِ وَالنُّصْرَةِ جَزَاءُ النَّظَرِ إلَى الْقُوَّةِ وَالِاغْتِرَارِ بِالشَّوْكَةِ أَيْ شِدَّةِ الْبَأْسِ وَحِدَّةِ السِّلَاحِ؛ فَإِنَّهُمْ لَمَّا نَظَرُوا إلَى قُوَّتِهِمْ وَظَنُّوا أَنَّ حُصُونَهُمْ مَانِعَتُهُمْ مِنْ اللَّهِ جُوزُوا بِذَلِكَ، ثُمَّ دَعَانَا بِقَوْلِهِ عَزَّ اسْمُهُ " فَاعْتَبِرُوا " إلَى الِاعْتِبَارِ بِالتَّأَمُّلِ فِي مَعَانِي النَّصِّ لِلْعَمَلِ بِهِ أَيْ لِنَعْمَلَ بِمَا وَضَحَ لَنَا مِنْ الْمَعْنَى فِيمَا لَا نَصَّ فِيهِ فَنَقِيسُ أَحْوَالَنَا بِأَحْوَالِهِمْ فَنَحْتَرِزُ عَنْ مِثْلِ مَا فَعَلُوا تَوَقِّيًا عَنْ مِثْلِ مَا نَزَلَ بِهِمْ فَكَذَلِكَ فِي مَسْأَلَتِنَا هَذِهِ أَيْ كَمَا وَجَبَ لَنَا

نام کتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي نویسنده : البخاري، علاء الدين    جلد : 3  صفحه : 285
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست