responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي نویسنده : البخاري، علاء الدين    جلد : 3  صفحه : 276
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ} [يوسف: 43] أَيْ تُبَيِّنُونَ وَالْقِيَاسُ مِثْلُهُ سَوَاءٌ فَإِنْ قِيلَ: إنَّمَا يَصِحُّ الِاعْتِبَارُ بِأَمْرٍ ثَابِتٍ بِالنَّصِّ دُونَ الرَّأْيِ، وَهُوَ أَنْ يُذْكَرَ سَبَبُ هَلَاكِ قَوْمٍ أَوْ نَجَاتِهِمْ وَكَذَلِكَ عِنْدِي هَهُنَا إذَا ذُكِرَتْ الْعِلَّةُ نَصًّا مِثْلُ «قَوْلِ النَّبِيِّ فِي الْهِرَّةِ إنَّهَا مِنْ الطَّوَّافَاتِ» وَالْجَوَابُ مَا نُبَيِّنُ إنْ شَاءَ اللَّهُ.
وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى {إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} [الرعد: 3] وَيَعْقِلُونَ وَنَحْوُ ذَلِكَ
ـــــــــــــــــــــــــــــQإلَيْنَا هُوَ إعْمَالُ الرَّأْيِ فِي مَعْنَى الْمَنْصُوصِ لِيَتَبَيَّنَ بِهِ الْحُكْمُ فِي نَظِيرِهِ، كَذَا ذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ فَكَانَ الضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ وَالْقِيَاسُ مِثْلُهُ رَاجِعًا إلَى الِاعْتِبَارِ أَوْ إلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَوْ لِأَيِّ الْمَعْنَيَيْنِ بِتَأْوِيلِ الْمَذْكُورِ أَيْ الْقِيَاسُ مِثْلُ رَدِّ الشَّيْءِ إلَى نَظِيرِهِ فَيَكُونُ دَاخِلًا تَحْتَ الْأَمْرِ أَوْ الْقِيَاسُ مِثْلُ الْمَعْنَيَيْنِ؛ لِأَنَّهُ رَدُّ الشَّيْءِ إلَى نَظِيرِهِ وَبَيَانٌ لِحُكْمِهِ أَيْضًا بِالرَّدِّ إلَى النَّظِيرِ فَكَانَ الْأَمْرُ مُتَنَاوِلًا.
وَذَكَرَ بَعْضُ الْأُصُولِيِّينَ أَنَّ الِاعْتِبَارَ هُوَ الِانْتِقَالُ وَالْمُجَاوَزَةُ عَنْ الشَّيْءِ إلَى غَيْرِهِ مُشْتَقٌّ مِنْ الْعُبُورِ يُقَالُ عَبَرْت النَّهْرَ أَيْ جَاوَزْته وَالْمَوْضِعُ الَّذِي يُعْبَرُ عَلَيْهِ وَالْمَعْبَرُ السَّفِينَةُ أَوْ الْقَنْطَرَةُ الَّتِي يُعْبَرُ بِهَا وَالْعَبْرَةُ الدَّمْعَةُ الَّتِي عَبَرَتْ مِنْ الْجَفْنِ وَعَبَرَ الرُّؤْيَا وَعَبَّرَهَا جَاوَزَهَا إلَى مَا يُلَازِمُهَا فَثَبَتَ بِهَذِهِ الِاسْتِعْمَالَاتِ كَوْنُ الِاعْتِبَارِ حَقِيقَةً فِي الِانْتِقَالِ وَالْمُجَاوَزَةِ إلَى الْغَيْرِ وَذَلِكَ مُتَحَقِّقٌ فِي الْقِيَاسِ؛ فَإِنَّهُ عُبُورٌ مِنْ حُكْمِ الْأَصْلِ إلَى حُكْمِ الْفَرْعِ فَكَانَ دَاخِلًا تَحْتَ الْأَمْرِ.
فَإِنْ قِيلَ: لَا نُسَلِّمُ أَنَّ حَقِيقَةَ الِاعْتِبَارِ هِيَ الِانْتِقَالُ وَالْمُجَاوَزَةُ بَلْ حَقِيقَةُ الِاعْتِبَارِ الِاتِّعَاظُ لِتَبَادُرِهِ إلَى الْفَهْمِ مِنْ إطْلَاقِ اللَّفْظِ وَلِصِحَّةِ نَفْيِ الِاعْتِبَارِ عَنْ الْقَائِسِ الَّذِي لَا يَتَفَكَّرُ فِي أَمْرِ الْآخِرَةِ وَلَا يَتَّعِظُ بِأَنْ يُقَالَ هُوَ غَيْرُ مُعْتَبِرٍ وَلِتَرَتُّبِهِ فِي هَذَا النَّصِّ عَلَى قَوْلِهِ {يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ} [الحشر: 2] ؛ فَإِنَّهُ إنَّمَا يَحْسُنُ تَرَتُّبُهُ عَلَيْهِ لَوْ كَانَ الْمُرَادُ الِاتِّعَاظَ دُونَ الْقِيَاسِ لِرَكَاكَةِ قَوْلِ الْقَائِلِ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَقِيسُوا الذُّرَةَ عَلَى الْبُرِّ، وَلَئِنْ سَلَّمْنَا دَلَالَتَهُ عَلَى الْقِيَاسِ فَنَحْمِلُهُ عَلَى الْقِيَاسِ فِي الْأُمُورِ الْعَقْلِيَّةِ دُونَ الشَّرْعِيَّةِ أَوْ عَلَى مَا كَانَتْ عَنْهُ مَنْصُوصًا عَلَيْهَا لِعَدَمِ إمْكَانِ حَمْلِهِ عَلَى الْعُمُومِ؛ فَإِنَّ التَّسْوِيَةَ بَيْنَ الْفَرْعِ وَالْأَصْلِ فِي أَنَّهُ لَا يُسْتَفَادُ حُكْمُ الْفَرْعِ إلَّا مِنْ النَّصِّ كَمَا أَنَّ حُكْمَ الْأَصْلِ كَذَلِكَ نَوْعٌ مِنْ الِاعْتِبَارِ كَمَا أَنَّ التَّسْوِيَةَ بَيْنَهُمَا فِي إثْبَاتِ الْحُكْمِ كَذَلِكَ وَهُمَا مُتَنَافِيَانِ فَإِجْرَاءُ اللَّفْظِ عَلَى عُمُومِهِ يُؤَدِّي إلَى الْأَمْرِ بِالْمُتَنَافِيَيْنِ، وَهُوَ مُحَالٌ وَلَئِنْ سَلَّمْنَا إمْكَانَ حَمْلِهِ عَلَى الْعُمُومِ فَقَدْ خَصَّ مِنْهُ مَا لَا يَجُوزُ الْقِيَاسُ فِيهِ كَالْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ وَمَا لَمْ يَنْصِبْ عَلَيْهِ أَمَارَةً عَلَى الْحُكْمِ وَالْأَقْيِسَةَ الْمُتَعَارِضَةَ فَلَمْ يَبْقَ حُجَّةً أَوْ صَارَ ظَنِّيًّا وَمَسْأَلَةُ الْقِيَاسِ قَطْعِيَّةٌ فَلَا يَجُوزُ بِنَاؤُهَا عَلَيْهِ قُلْنَا: حَقِيقَةُ الِاعْتِبَارِ هِيَ الْمُجَاوَزَةُ وَالِانْتِقَالُ إلَى الْغَيْرِ كَمَا ذَكَرْنَا لَا الِاتِّعَاظُ؛ فَإِنَّهُ يُقَالُ: اعْتَبَرَ فُلَانٌ فَاتَّعَظَ فَيُجْعَلُ الِاتِّعَاظُ مَعْلُولَ الِاعْتِبَارِ، وَلَوْ كَانَ مَعْنَاهُ الِاتِّعَاظ لَمَا صَحَّ هَذَا الْكَلَامُ إذْ تَرَتُّبُ الشَّيْءِ عَلَى نَفْسِهِ مُمْتَنِعٌ وَلِأَنَّ مَعْنَى الْمُجَاوَزَةِ وَالِانْتِقَالِ فِي الِاتِّعَاظِ مُتَحَقِّقٌ وَأَنَّ الْمُتَّعِظَ بِغَيْرِهِ مُنْتَقِلٌ مِنْ الْعِلْمِ بِحَالِ ذَلِكَ الْغَيْرِ إلَى الْعِلْمِ بِحَالِ نَفْسِهِ.
فَأَمَّا تَبَادُرُ الْفَهْمِ إلَى الِاتِّعَاظِ دُونَ غَيْرِهِ فَمَمْنُوعٌ بَلْ يُفْهَمُ مِنْهُ غَيْرُهُ كَمَا يُفْهَمُ الِاتِّعَاظُ فَيُجْعَلُ حَقِيقَةً فِي الْمَعْنَى الْمُشْتَرَكِ فِي الْكُلِّ، وَهُوَ الِانْتِقَالُ نَفْيًا لِلِاشْتِرَاكِ وَالْمَجَازِ فَأَمَّا صِحَّةُ نَفْيِهِ عَنْ الْقَائِسِ الَّذِي لَيْسَ بِمُتَّعِظٍ فَبِالنَّظَرِ إلَى إخْلَالِهِ بِأَعْظَمِ الْمَقَاصِدِ إذْ الْمَقْصُودُ الْأَصْلُ مِنْ الِاعْتِبَارِ الْآخِرَةُ فَإِذَا أَخَلَّ بِهِ قِيلَ: هُوَ غَيْرُ مُعْتَبِرٍ مَجَازًا كَمَا قِيلَ لِمَنْ لَا يَتَدَبَّرُ فِي الْآيَاتِ أَعْمَى وَأَصَمُّ لَا بِالنَّظَرِ إلَى كَوْنِهِ قَائِسًا؛ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ.
وَأَمَّا رَكَاكَةُ مَا لَوْ قِيلَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَقِيسُوا الذُّرَةَ عَلَى الْبُرِّ فَمُسَلَّمَةٌ؛ لِأَنَّهُ لَا مُنَاسَبَةَ بَيْنَ خُصُوصِ هَذَا الْقِيَاسِ وَبَيْنَ تَخْرِيبِ الْبُيُوتِ وَلَكِنَّ الْمَأْمُورَ بِهِ فِي الْآيَةِ مُطْلَقُ الِاعْتِبَارِ الَّذِي يَكُونُ الْقِيَاسُ الشَّرْعِيُّ أَحَدَ جُزْئِيَّاتِهِ وَذَلِكَ لَيْسَ بِرَكِيكٍ. مِثَالُهُ لَوْ سُئِلَ وَاحِدٌ عَنْ مَسْأَلَةٍ فَأَجَابَ بِمَا لَا يَتَنَاوَلُ تِلْكَ الْمَسْأَلَةَ كَانَ بَاطِلًا لَكِنْ لَوْ أَجَابَ بِمَا يَتَنَاوَلُهَا وَغَيْرَهَا كَانَ حَسَنًا

نام کتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي نویسنده : البخاري، علاء الدين    جلد : 3  صفحه : 276
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست