responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي نویسنده : البخاري، علاء الدين    جلد : 3  صفحه : 275
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الأَبْصَارِ} [الحشر: 2] وَالِاعْتِبَارُ رَدُّ الشَّيْءِ إلَى نَظِيرِهِ وَالْعِبْرَةُ الْبَيَانُ
ـــــــــــــــــــــــــــــQجَوَابًا آخَرَ لَهُمْ عَنْ وُرُودِ السُّؤَالِ الْمَذْكُورِ عَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ فَقَالَ: وَلِأَنَّ الْعَمَلَ بِالْأَصْلِ الَّذِي كَانَ ثَابِتًا بِيَقِينٍ مُمْكِنٌ فِي مَوَاضِعِ الْقِيَاسِ وَذَلِكَ أَيْ الْأَصْلُ دَلِيلٌ دُعِينَا إلَى الْعَمَلِ بِهِ شَرْعًا فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ {قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا} [الأنعام: 145] الْآيَةَ فَمَعَ إمْكَانِ الْعَمَلِ بِهِ لَا يَجُوزُ الْمَصِيرُ إلَى مَا دُونَهُ لِعَدَمِ الضَّرُورَةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ أَيْ لِمَوْضِعِ الْقِيَاسِ مَا ذَكَرْنَا مِنْ أَمْرِ الْحُرُوبِ وَغَيْرِهَا مِنْ قِيَمِ الْمُتْلَفَاتِ وَمُهُورِ النِّسَاءِ؛ لِأَنَّ الْعَمَلَ بِالْأَصْلِ فِيهَا غَيْرُ مُمْكِنٍ إذْ لَا يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ الضَّمَانُ أَوْ الْمَهْرُ لَمْ يَكُنْ وَاجِبًا فَلَا يَجِبُ لِأَنَّ سَبَبَ الْوُجُوبِ قَدْ ثَبَتَ قَطْعًا، وَكَذَا لَيْسَ فِي الْحَرْبِ وَالْقَتْلِ أَصْلٌ نَسْتَصْحِبُهُ وَنَعْمَلُ بِهِ فَإِذَا لَمْ نَجِدْ طَرِيقًا آخَرَ نَعْمَلُ بِهِ جَوَّزْنَا الْعَمَلَ بِالِاجْتِهَادِ فِيهَا لِلضَّرُورَةِ.
، ثُمَّ أَجَابَ عَنْ سُؤَالٍ آخَرَ يَرِدُ عَلَيْهِمْ، وَهُوَ أَنَّ الِاعْتِبَارَ عَمَّنْ مَضَى مِنْ الْقُرُونِ وَإِعْمَالَ الرَّأْيِ بِالتَّفَكُّرِ فِي أَحْوَالِهِمْ وَمَا لَحِقَهُمْ مِنْ الْمَثُلَاتِ أَيْ الْعُقُوبَاتِ وَالْكَرَامَاتِ وَاجِبٌ وَذَلِكَ مِنْ بَابِ الدِّينِ فَعَرَفْنَا أَنَّ الرَّأْيَ مُعْتَبَرٌ فِي الدِّينِ وَأَنَّ الْقِيَاسَ حُجَّةٌ فِي الشَّرْعِ، فَقَالُوا: لَا يَلْزَمُ عَلَيْهِ - أَيْ عَلَى مَا قُلْنَا - أَنَّ الْقِيَاسَ لَيْسَ بِحُجَّةٍ.
ذَلِكَ لِأَنَّ ذَلِكَ أَيْ لُحُوقَ الْمَثُلَاثِ وَالْكَرَامَاتِ أَمْرٌ يُعْقَلُ أَيْ يُعْلَمُ بِالْحِسِّ وَالْمُشَاهَدَةِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ عُرِفَ هَلَاكُ مِثْلِهِ بِمِثْلِ ذَنْبِهِ بِالسَّمَاعِ أَوْ بِحِسِّ الْعَيْنِ فَكَانَ الِاحْتِرَازُ عَنْ مِثْلِهِ بِسَبَبِهِ مِنْ مَصَالِحِ الدُّنْيَا بِمَنْزِلَةِ الِاحْتِرَازِ عَنْ تَنَاوُلِ مَا يُتْلِفُهُ مِمَّا وُقِفَ عَلَى تَلَفِ مِثْلِهِ بِتَنَاوُلِهِ قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - الْمَقْصُودُ مِنْ إعْمَالِ الرَّأْيِ فِي أَحْوَالِهِمْ الِامْتِنَاعُ مِمَّا كَانَ مُهْلِكًا لِمَنْ قَبْلَهُمْ حَتَّى لَا يَهْلَكُوا وَمُبَاشَرَةُ مَا كَانَ سَبَبًا لِاسْتِحْقَاقِ الْكَرَامَةِ لِمَنْ قَبْلَهُمْ حَتَّى يَنَالُوا مِثْلَ ذَلِكَ، وَهُوَ فِي الْأَصْلِ مِنْ حُقُوقِ الْعِبَادِ بِمَنْزِلَةِ الْأَكْلِ الَّذِي يَكْتَسِبُ بِهِ الْمَرْءُ سَبَبَ إبْقَاءِ نَفْسِهِ وَإِتْيَانِ الْإِنَاثِ فِي مَحَلِّ الْحَرْثِ بِطَرِيقِهِ لِيَكْتَسِبَ بِهِ سَبَبَ إبْقَاءِ النَّسْلِ، ثُمَّ طَرِيقُ ذَلِكَ الِاعْتِبَارُ بِالتَّأَمُّلِ فِي مَعَانِي اللِّسَانِ؛ فَإِنَّ أَصْلَهُ الْخَبَرُ وَذَلِكَ مِمَّا يُعْلَمُ بِحَاسَّةِ السَّمْعِ، ثُمَّ بِالتَّأَمُّلِ فِيهِ يُدْرَكُ الْمَقْصُودُ وَلَيْسَ ذَلِكَ مِنْ حُكْمِ الشَّرِيعَةِ فِي شَيْءٍ فَقَدْ كَانَ الْوُقُوفُ عَلَى مَعَانِي اللُّغَةِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَهُوَ بَاقٍ الْيَوْمَ بَيْنَ الْكَفَرَةِ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ حُكْمَ الشَّرِيعَةِ وَعَلَى ذَلِكَ يُحْمَلُ أَيْ عَلَى مَا يُدْرَكُ بِالْحِسِّ وَالْعِيَانِ مِثْلُ الْمَثُلَاتِ وَالْكَرَامَاتِ يُحْمَلُ مَا وَرَدَ مِنْ الْأَمْرِ بِالِاعْتِبَارِ فِي قَوْله تَعَالَى {فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الأَبْصَارِ} [الحشر: 2] وَعَلَى أَمْرِ الْحُرُوبِ يُحْمَلُ مُشَاوَرَةُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَعْنِي يُحْمَلُ مَا وَرَدَ مِنْ الْأَمْرِ بِالْمُشَاوَرَةِ لِلرَّسُولِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بِقَوْلِهِ {وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ} [آل عمران: 159] وَمُشَاوَرَتُهُ أَصْحَابَهُ عَلَى أَمْرِ الْحُرُوبِ بِدَلِيلِ أَنَّ الْمَرْوِيَّ أَنَّهُ يُشَاوِرُهُمْ فِي ذَلِكَ، وَلَمْ يُعْقَلْ أَنَّهُ شَاوَرَهُمْ قَطُّ فِي حَقِيقَةِ مَا هُمْ عَلَيْهِ وَلَا فِي مَا أَمَرَهُمْ بِهِ مِنْ أَحْكَامِ الشَّرْعِ وَإِلَى هَذَا الْمَعْنَى أَشَارَ بِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «إذَا أَتَيْتُكُمْ بِشَيْءٍ مِنْ أَمْرِ دِينِكُمْ فَاعْمَلُوا بِهِ، وَإِذَا أَتَيْتُكُمْ بِشَيْءٍ مِنْ أَمْرِ دُنْيَاكُمْ فَأَنْتُمْ أَعْلَمُ بِدُنْيَاكُمْ» .

قَوْلُهُ: قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الأَبْصَارِ} [الحشر: 2] أَمَرَنَا بِالِاعْتِبَارِ، وَهُوَ بِرَدِّ الشَّيْءِ إلَى نَظِيرِهِ كَذَا حُكِيَ عَنْ ثَعْلَبٍ وَمِنْهُ يُسَمَّى الْأَصْلُ الَّذِي يُرَدُّ إلَيْهِ النَّظَائِرُ عِبْرَةً وَيُقَالُ: اعْتَبَرْت هَذَا الثَّوْبَ بِهَذَا الثَّوْبِ أَيْ سَوَّيْته بِهِ فِي التَّقْدِيرِ وَهَذَا هُوَ الْقِيَاسُ؛ فَإِنَّهُ حَذْوُ الشَّيْءِ بِنَظِيرِهِ فَكَانَ مَأْمُورًا بِهِ بِهَذَا النَّصِّ، وَقِيلَ: الِاعْتِبَارُ التَّبْيِينُ وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى إخْبَارًا {إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ} [يوسف: 43] تُبَيِّنُونَ وَالتَّبْيِينُ الَّذِي يَكُونُ مُضَافًا

نام کتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي نویسنده : البخاري، علاء الدين    جلد : 3  صفحه : 275
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست