responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي نویسنده : البخاري، علاء الدين    جلد : 3  صفحه : 105
وَمِنْهُ قَوْلُ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «إنَّ مِنْ الْبَيَانِ لَسِحْرًا» أَيْ الْإِظْهَارِ. .

وَالْبَيَانُ عَلَى أَوْجُهٍ: بَيَانُ تَقْرِيرٍ وَبَيَانُ تَفْسِيرٍ وَبَيَانُ تَغْيِيرٍ وَبَيَانُ تَبْدِيلٍ وَبَيَانُ ضَرُورَةٍ فَهِيَ خَمْسَةُ أَقْسَامٍ.
أَمَّا بَيَانُ التَّقْرِيرِ فَتَفْسِيرُهُ أَنَّ كُلَّ حَقِيقَةٍ يَحْتَمِلُ الْمَجَازَ أَوْ عَامٍّ يَحْتَمِلُ الْخُصُوصَ إذَا لَحِقَ بِهِ مَا يَقْطَعُ الِاحْتِمَالَ
ـــــــــــــــــــــــــــــQبِأَنَّ كَثِيرًا مِنْ الْأَحْكَامِ لَا يَجِبُ عَلَى مَنْ لَا يَتَأَمَّلُ فِي النُّصُوصِ، وَلَا يَجِبُ الْإِيمَانُ عَلَى مَنْ لَا يَتَأَمَّلُ فِي الْآيَاتِ الدَّالَّةِ مَا لَمْ يَتَبَيَّنْ لَهُمْ؛ لِأَنَّ الظُّهُورَ عِبَارَةٌ عَنْ الْعِلْمِ لِلْمُكَلَّفِ بِمَا أُرِيدَ مِنْهُ وَلَمْ يَحْصُلْ لَهُ ذَلِكَ وَهُوَ فَاسِدٌ قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - قَدْ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَأْمُورًا بِالْبَيَانِ لِلنَّاسِ» قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} [النحل: 44] وَقَدْ عَلِمْنَا أَنَّهُ بَيَّنَ لِلْكُلِّ مَنْ وَقَعَ لَهُ الْعِلْمُ بِبَيَانِهِ فَأَقَرَّ وَمَنْ لَمْ يَقَعْ لَهُ الْعِلْمُ فَأَصَرَّ، وَلَوْ كَانَ الْبَيَانُ عِبَارَةً عَنْ الْعِلْمِ الْوَاقِعِ لِلْمُبَيَّنِ لَهُ لَمَا كَانَ هُوَ مُتَمِّمًا لِلْبَيَانِ فِي حَقِّ النَّاسِ كُلِّهِمْ. قَوْلُهُ (- عَلَيْهِ السَّلَامُ - «إنَّ مِنْ الْبَيَانِ لَسِحْرًا» ) عَنْ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قَالَ «قَدِمَ رَجُلَانِ مِنْ الْمَشْرِقِ فَخَطَبَا فَتَعَجَّبَ النَّاسُ لِبَيَانِهِمَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنَّ مِنْ الْبَيَانِ لَسِحْرًا، وَإِنَّ مِنْ الشَّعْرِ لَحِكْمَةً» قِيلَ مَعْنَى تَسْمِيَتِهِ بِالسِّحْرِ أَنَّ بِالسِّحْرِ يُسْتَمَالُ الْقُلُوبُ فَكَذَا بِالْبَيَانِ الْفَصِيحِ يُسْتَمَالُ الْقُلُوبُ وَكَمَا أَنَّ فِي السِّحْرِ إرَاءَةُ مَا لَيْسَ بِحَقٍّ فِي لِبَاسِ الْحَقِّ فَكَذَا فِي الْفَصَاحَةِ وَالْبَيَانُ إرَاءَةُ الْمَعْنَى الَّذِي لَيْسَ بِمَتِينٍ فِي لِبَاسِ الْمَعْنَى الَّذِي هُوَ مَتِينٌ وَالْأَوْجَهُ أَنْ يُقَالَ السِّحْرُ فِي زَعْمِهِمْ هُوَ الْإِتْيَانُ بِشَيْءٍ يَتَعَجَّبُ النَّاسُ عَنْهُ وَيَعْجِزُونَ عَنْ الْإِتْيَانِ بِمِثْلِهِ مَعَ مُسَاوَاتِهِمْ مَنْ أَتَى بِهِ فِي أَسْبَابِ الْقُدْرَةِ وَالْآلَاتِ، وَالْبَيَانُ الْفَصِيحُ قَدْ يَبْلُغُ فِي الْحُسْنِ وَالْمَلَاحَةِ غَايَةً يَتَعَجَّبُ النَّاسُ عَنْهُ وَيَعْجِزُونَ عَنْ الْإِتْيَانِ بِمِثْلِهِ مَعَ تَسَاوِي الْكُلِّ فِي أَسْبَابِ التَّكَلُّمِ وَآلَاتِ النُّطْقِ فَيُسَمَّى سِحْرًا.
، ثُمَّ قِيلَ مَعْنَى الْحَدِيثِ ذَمُّ التَّصَنُّعِ فِي الْكَلَامِ وَالتَّكْلِيفِ لِتَحْسِينِهِ لِيَرُوقَ قَوْلُهُ وَيَسْتَمِيلَ بِهِ قُلُوبَهُمْ فَإِنَّ أَصْلَ السِّحْرِ فِي كَلَامِهِمْ الصَّرْفُ وَسُمِّيَ السِّحْرُ سِحْرًا لِأَنَّهُ مَصْرُوفٌ عَنْ جِهَتِهِ فَهَذَا الْمُتَكَلِّمُ بِبَيَانِهِ يَصْرِفُ قُلُوبَ السَّامِعِينَ إلَى قَبُولِ قَوْلِهِ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ حَقٍّ، وَقِيلَ مَعْنَاهُ: إنَّ مِنْ الْبَيَانِ مَا يَكْتَسِبُ بِهِ صَاحِبُهُ مِنْ الْإِثْمِ مَا يَكْتَسِبُ السَّاحِرُ بِسِحْرِهِ، وَقِيلَ مَعْنَاهُ مَدْحُ الْبَيَانِ وَالْحَثُّ عَلَى تَحْسِينِ الْكَلَامِ؛ لِأَنَّ أَحَدَ الْقَرِينَيْنِ وَهُوَ قَوْلُهُ «وَإِنَّ مِنْ الشِّعْرِ لَحِكْمَةً» عَلَى طَرِيقِ الْمَدْحِ فَكَذَا الْقَرِينُ الْآخَرُ فِي شَرْحِ السُّنَّةِ.
وَذَكَرَ بَعْضُ الْأُصُولِيِّينَ أَنَّ الْبَيَانَ عِبَارَةٌ عَنْ أَمْرٍ يَتَعَلَّقُ بِالتَّعْرِيفِ وَالْإِعْلَامِ فَإِنَّهُ مَصْدَرُ بَيَّنَ يُقَالُ بَيَّنَ تَبْيِينًا وَبَيَانًا وَإِنَّمَا يَحْصُلُ الْإِعْلَامُ بِدَلِيلٍ وَالدَّلِيلُ مُحَصِّلٌ لِلْعِلْمِ فَهُنَا أُمُورٌ ثَلَاثَةٌ إعْلَامٌ أَيْ تَبْيِينٌ وَدَلِيلٌ يَحْصُلُ بِهِ الْإِعْلَامُ وَعِلْمٌ يَحْصُلُ مِنْ الدَّلِيلِ وَالْبَيَانُ يُطْلَقُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ الْمَعَانِي الثَّلَاثَةِ، فَمَنْ نَظَرَ إلَى إطْلَاقِهِ عَلَى الْإِعْلَامِ الَّذِي هُوَ فِعْلُ الْمُبَيِّنِ كَأَبِي بَكْرٍ الصَّيْرَفِيِّ مِنْ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ قَالَ هُوَ إخْرَاجُ الشَّيْءِ مِنْ الْإِشْكَالِ إلَى التَّجَلِّي.
وَاعْتُرِضَ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ غَيْرُ جَامِعٍ؛ لِأَنَّ مَا يَدُلُّ عَلَى الْحُكْمِ ابْتِدَاءً مِنْ غَيْرِ سَابِقَةِ إجْمَالٍ إشْكَالُ بَيَانٍ بِالِاتِّفَاقِ وَلَيْسَ بِدَاخِلٍ فِي التَّعْرِيفِ وَكَذَا بَيَانُ التَّقْرِيرِ وَالتَّغْيِيرِ وَالتَّبْدِيلِ لَمْ يَدْخُلْ فِيهِ أَيْضًا، وَبِأَنَّ لَفْظَ الْبَيَانِ أَظْهَرُ مِنْ هَذَا التَّعْرِيفِ وَمِنْ حَقِّ التَّعْرِيفِ أَنْ يَكُونَ أَظْهَرَ مِمَّا عُرِّفَ بِهِ وَمَنْ نَظَرَ إلَى إطْلَاقِهِ عَلَى الْعِلْمِ الْحَاصِلِ بِالدَّلِيلِ أَيْ يَجْعَلُهُ بِمَعْنَى الظُّهُورِ كَأَبِي بَكْرٍ الدَّقَّاقِ وَأَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْبَصْرِيِّ قَالَ هُوَ الْعِلْمُ الَّذِي تَبَيَّنَ بِهِ الْمَعْلُومُ فَكَانَ الْبَيَانُ وَالتَّبَيُّنُ عِنْدَهُ بِمَعْنًى وَاحِدٍ. وَمَنْ نَظَرَ إلَى إطْلَاقِهِ عَلَى مَا يَحْصُلُ بِهِ الْبَيَانُ كَأَكْثَرِ الْفُقَهَاءِ وَالْمُتَكَلِّمِينَ قَالَ هُوَ الدَّلِيلُ الْمُوَصِّلُ بِصَحِيحِ النَّظَرِ فِيهِ إلَى اكْتِسَابِ الْعِلْمِ بِمَا هُوَ دَلِيلٌ عَلَيْهِ وَعِبَارَةُ بَعْضِهِمْ هُوَ الْأَدِلَّةُ الَّتِي تَتَبَيَّنُ بِهِ

نام کتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي نویسنده : البخاري، علاء الدين    جلد : 3  صفحه : 105
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست