responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي نویسنده : البخاري، علاء الدين    جلد : 3  صفحه : 104
وَهَذِهِ الْحُجَجُ بِجُمْلَتِهَا تَحْتَمِلُ الْبَيَانَ فَوَجَبَ إلْحَاقُهُ بِهَا هَذَا.

(بَابُ الْبَيَانِ)
الْبَيَانُ فِي كَلَامِ الْعُرْفِ عِبَارَةٌ عَنْ الْإِظْهَارِ، وَقَدْ يُسْتَعْمَلُ فِي الظُّهُورِ، وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى {عَلَّمَهُ الْبَيَانَ} [الرحمن: 4] وَ {هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ} [آل عمران: 138] وَقَالَ {ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ} [القيامة: 19] وَالْمُرَادُ بِهَذَا كُلِّهِ الْإِظْهَارُ وَالْفَصْلُ، وَقَدْ يُسْتَعْمَلُ هَذَا مُجَاوِزًا وَغَيْرَ مُجَاوِزٍ وَالْمُرَادُ بِهِ فِي هَذَا الْبَابِ عِنْدَنَا الْإِظْهَارُ دُونَ الظُّهُورِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQالثِّقَةِ، فَأَمَّا تَرْجِيحُ خَبَرِ الْمُثَنَّى عَلَى خَبَرِ الْوَاحِدِ وَخَبَرِ الْحُرَّيْنِ عَلَى خَبَرِ الْعَبْدَيْنِ فِي مَسْأَلَةِ الْمَاءِ فَلِظُهُورِ التَّرْجِيحِ فِي الْعَمَلِ بِهِ فِيمَا يَرْجِعُ إلَى حُقُوقِ الْعِبَادِ فَأَمَّا فِي أَحْكَامِ الشَّرْعِ فَخَبَرُ الْوَاحِدِ وَخَبَرُ الْمَثْنَى فِي وُجُوبِ الْعَمَلِ بِهِمَا سَوَاءٌ كَذَا أَجَابَ الْإِمَامُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -.
قَوْلُهُ (وَهَذِهِ الْحُجَجُ بِجُمْلَتِهَا) أَيْ الْحُجَجُ الَّتِي مَرَّ ذِكْرُهَا مِنْ الْكِتَابِ بِجَمِيعِ أَقْسَامِهِ مِنْ الْخَاصِّ وَالْعَامِّ وَغَيْرِهِمَا سِوَى الْمُحْكَمِ مِنْهَا، وَالسُّنَّةِ بِجُمْلَةِ أَنْوَاعِهَا مِنْ الْمُتَوَاتِرِ وَالْمَشْهُورِ وَالْآحَادِ تَحْتَمِلُ الْبَيَانَ أَيْ تَحْتَمِلُ أَنْ يَلْحَقَهَا بَيَانٌ إمَّا عَلَى وَجْهِ التَّقْرِيرِ أَوْ التَّفْسِيرِ أَوْ التَّغْيِيرِ فَوَجَبَ إلْحَاقُ بَابِ الْبَيَانِ بِذِكْرِ هَذِهِ الْحُجَجِ رِعَايَةً لِلْمُنَاسَبَةِ، وَهَذَا الَّذِي نَشْرَعُ فِيهِ.

[بَابُ الْبَيَانِ]
(بَابُ الْبَيَانِ) الْبَيَانُ لُغَةً الْإِظْهَارُ وَالتَّوْضِيحُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {عَلَّمَهُ الْبَيَانَ} [الرحمن: 4] أَيْ الْكَلَامَ الَّذِي يُبَيِّنُ بِهِ مَا فِي قَلْبِهِ وَمَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ مِنْ أُمُورِ دُنْيَاهُ وَمُنْفَصِلٌ بِهِ عَنْ سَائِرِ الْحَيَوَانَاتِ.
قَالَ الْإِمَامُ نَجْمُ الدِّينِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي التَّيْسِيرِ وَيَدْخُلُ فِي الْبَيَانِ الْكِتَابَةُ وَالْإِشَارَةُ وَمَا يَقَعُ بِهِ الدَّلَالَةُ وَهُوَ امْتِنَانٌ مِنْهُ عَلَى الْعِبَادِ بِتَعْلِيمِ اللُّغَاتِ الْمُخْتَلِفَةِ وَوُجُوهِ الْكَلَامِ الْمُتَفَرِّقَةِ. هَذَا بَيَانٌ أَيْ هَذَا الَّذِي ذَكَرْتُ مِنْ سُنَّتِي فِي الْمَاضِينَ إيضَاحٌ لِسُوءِ عَاقِبَةِ مَا هُمْ عَلَيْهِ مِنْ التَّكْذِيبِ أَوْ الْقُرْآنُ فَصَّلَ الْحَقَّ مِنْ الْبَاطِلِ وَقَالَ تَعَالَى {فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ} [القيامة: 18] {ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ} [القيامة: 19] أَيْ إذَا قَرَأَهُ جِبْرِيلُ عَلَيْك بِأَمْرِنَا فَاتَّبِعْ مَا يَحْصُلُ مِنْهُ مَقْرُوءًا عَلَيْك فَاقْرَأْهُ حِينَئِذٍ، {ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ} [القيامة: 19] أَيْ إظْهَارَ مَعَانِيهِ وَأَحْكَامِهِ وَشَرَائِعِهِ وَقِيلَ إذَا أَنْزَلْنَاهُ فَاسْتَمِعْ قِرَاءَتَهُ، ثُمَّ إنَّ عَلَيْنَا إظْهَارَهُ عَلَى لِسَانِك بِالْوَحْيِ حَتَّى تَقْرَأَهُ.
وَالْمُرَادُ بِهَذَا أَيْ بِمَا ذَكَرْنَا مِنْ الْآيَاتِ الْإِظْهَارُ وَالْفَصْلُ فَإِنَّ الْمُظْهِرَ لِلشَّيْءِ وَالْمُبَيَّنَ لَهُ فَاصِلٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا لَيْسَ مِنْهُ، وَقَدْ يُسْتَعْمَلُ هَذَا أَيْ لَفْظُ الْبَيَانِ مُجَاوِزًا وَغَيْرَ مُجَاوِزٍ أَيْ مُتَعَدِّيًا كَمَا بَيَّنَّا وَغَيْرَ مُتَعَدٍّ كَمَا سَنُبَيِّنُهُ. وَكَمَا أَنَّ الْبَيَانَ مَصْدَرُ الثُّلَاثِيِّ الْمُجَرَّدِ فَهُوَ مَصْدَرُ الْمُنْشَعِبَةِ أَيْضًا كَالسَّلَامِ وَالْكَلَامِ فَالْبَيَانُ الَّذِي هُوَ مَصْدَرُ الثُّلَاثِيِّ لَازِمٌ وَاَلَّذِي هُوَ مَصْدَرُ الْمُنْشَعِبَةِ قَدْ يَكُونُ مُتَعَدِّيًا وَهُوَ الْأَكْثَرُ. وَقَدْ يَكُونُ غَيْرَ مُتَعَدٍّ كَقَوْلِهِمْ فِي الْمَثَلِ قَدْ بُيِّنَ الصُّبْحُ لِذِي عَيْنَيْنِ أَيْ بَانَ وَإِنَّمَا ذَكَرَ هَذَا اللَّفْظَ بَعْدَ قَوْلِهِ هُوَ عِبَارَةٌ عَنْ الْإِظْهَارِ، وَقَدْ يُسْتَعْمَلُ فِي الظُّهُورِ لِيَبْنِيَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ.
وَالْمُرَادُ بِهِ أَيْ بِالْبَيَانِ فِي هَذَا الْبَابِ أَيْ فِيمَا نَحْنُ بِصَدَدِهِ مِنْ تَقْسِيمِ الْبَيَانِ أَوْ فِي هَذَا النَّوْعِ الْمُسَمَّى بِأُصُولِ الْفِقْهِ الْإِظْهَارُ دُونَ الظُّهُورِ، وَعِنْدَ بَعْضِ أَصْحَابِنَا وَأَكْثَرِ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ مَعْنَاهُ ظُهُورُ الْمُرَادِ لِلْمُخَاطَبِ وَالْعِلْمُ بِالْأَمْرِ الَّذِي حَصَلَ لَهُ عِنْدَ الْخِطَابِ؛ لِأَنَّ أَصْلَهُ لِلظُّهُورِ يُقَالُ بَانَ هَذَا الْمَعْنَى لِي بَيَانًا أَيْ ظَهَرَ وَاتَّضَحَ وَبَانَ الْهِلَالُ أَيْ ظَهَرَ وَانْكَشَفَ وَلَكِنَّا نَقُولُ أَكْثَرُ اسْتِعْمَالِهِ بِمَعْنَى الْإِظْهَارِ فَإِنَّ الرَّجُلَ إذَا قَالَ بَيَّنَ فُلَانٌ كَذَا بَيَانًا يُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّهُ أَظْهَرَ إظْهَارًا لَمْ يَبْقَ مَعَهُ شَكٌّ، وَإِذَا قِيلَ فُلَانٌ ذُو بَيَانٍ يُرَادُ مِنْهُ الْإِظْهَارُ وَكَذَا فِي التَّنْزِيلِ الَّذِي هُوَ أَفْصَحُ اللُّغَاتِ وَرَدَ بِمَعْنَى الْإِظْهَارِ كَمَا ذَكَرْنَا، وَقَوْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إنَّ مِنْ الْبَيَانِ لَسِحْرًا» يَدُلُّ عَلَيْهِ أَيْضًا فَإِنَّهُ عِبَارَةٌ عَنْ الْإِظْهَارِ أَيْضًا.
قَالَ الْجَوْهَرِيُّ وَالْبَيَانُ الْفَصَاحَةُ وَاللَّسَنُ وَمِنْهُ قَوْلُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «إنَّ مِنْ الْبَيَانِ لَسِحْرًا» وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ كَانَ جَعْلُهُ بِمَعْنَى الْإِظْهَارِ أَوْلَى. وَمَنْ جَعَلَهُ بِمَعْنَى الظُّهُورِ دُونَ الْإِظْهَارِ يَلْزَمُهُ الْقَوْلُ

نام کتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي نویسنده : البخاري، علاء الدين    جلد : 3  صفحه : 104
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست