responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي نویسنده : البخاري، علاء الدين    جلد : 2  صفحه : 401
إلَّا أَنَّ هَذَا كَمَالٌ يَتَعَذَّرُ شَرْطُهُ؛ لِأَنَّ مَعْرِفَةَ الْخَلْقِ بِأَوْصَافِهِ عَلَى التَّفْسِيرِ مُتَفَاوِتَةٌ؛ وَإِنَّمَا شُرِطَ الْكَمَالُ بِمَا لَا حَرَجَ فِيهِ وَهُوَ أَنْ يَثْبُتَ التَّصْدِيقُ وَالْإِقْرَارُ بِمَا قُلْنَا: إجْمَالًا، وَإِنْ عَجَزَ عَنْ بَيَانِهِ وَتَفْسِيرِهِ؛ وَلِهَذَا قُلْنَا: إنَّ الْوَاجِبَ أَنْ يُسْتَوْصَفَ الْمُؤْمِنُ فَيُقَالُ أَهُوَ كَذَا فَإِذَا قَالَ نَعَمْ فَقَدْ ظَهَرَ كَمَالُ إسْلَامِهِ أَلَا تَرَى أَنَّ النَّبِيَّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - اسْتَوْصَفَ فِيمَا رُوِيَ عَنْهُ عَنْ ذِكْرِ الْجُمَلِ دُونَ التَّفْسِيرِ وَكَانَ ذَلِكَ دَأْبَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْمُطْلَقُ مِنْ هَذَا يَقَعُ عَلَى الْكَامِلِ أَيْضًا بِذَلِكَ أُمِرْنَا بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ} [الممتحنة: 10] وَكَانَ النَّبِيُّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - يَمْتَحِنُ الْأَعْرَابَ بَعْدَ دَعْوَى الْإِيمَان
ـــــــــــــــــــــــــــــQعَلَى حُسْنِ الظَّنِّ بِالرَّاوِي؛ وَلِأَنَّ رِوَايَةَ الْأَخْبَارِ تَكُونُ عِنْدَ مَنْ يَتَعَذَّرُ عَلَيْهِ مَعْرِفَةُ الْعَدَالَةِ فِي الْبَاطِنِ فَاقْتَصَرَ فِيهَا عَلَى مَعْرِفَتِهَا فِي الظَّاهِرِ وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ الْعَمَلُ عَلَى هَذَا فِي كَثِيرٍ مِنْ كُتُبِ الْحَدِيثِ الْمَشْهُورَةِ فِي غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ الرُّوَاةِ الَّذِينَ تَقَادَمَ الْعَهْدُ بِهِمْ وَتَعَذَّرَتْ الْخِبْرَةُ الْبَاطِنَةُ فِي حَقِّهِمْ وَالثَّالِثُ - الْمَجْهُولُ الْعَيْنِ وَقَدْ يَقْبَلُ رِوَايَةَ الْمَجْهُولِ الْعَدَالَةِ مَنْ لَا يَقْبَلُ رِوَايَةَ الْمَجْهُولِ الْعَيْنِ، وَمَنْ رَوَى عَنْهُ عَدْلَانِ وَعَيَّنَاهُ فَقَدْ ارْتَفَعَتْ عَنْهُ هَذِهِ الْجَهَالَةُ فَإِنَّ أَبَا بَكْرٍ الْخَطِيبَ الْبَغْدَادِيَّ قَالَ: وَأَقَلُّ مَا يَرْفَعُ الْجَهَالَةَ أَنْ يَرْوِيَ عَنْ الرَّجُلِ اثْنَانِ مِنْ الْمَشْهُورِينَ بِالْعِلْمِ إلَّا أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ لَهُ حُكْمُ الْعَدَالَةِ بِرِوَايَتِهِمَا عَنْهُ، قَوْلُهُ.

(وَأَمَّا الْإِيمَانُ وَالْإِسْلَامُ) فَكَذَا هُمَا هَاهُنَا عِبَارَتَانِ عَنْ مَعْنًى وَاحِدٍ؛ وَلِهَذَا قَالَ فَإِنَّ تَفْسِيرَهُ وَلَمْ يَقُلْ تَفْسِيرَهُمَا وَذَكَرَ فِي التَّأْوِيلَاتِ أَنَّ الْإِيمَانَ وَالْإِسْلَامَ إذَا ذُكِرَا مَعًا كَانَ الْمُرَادُ مِنْهُمَا وَاحِدًا، وَإِنْ ذُكِرَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُنْفَرِدًا كَانَ الْمُرَادُ مِنْ الْإِيمَانِ التَّصْدِيقَ الْبَاطِنِيَّ وَمِنْ الْإِسْلَامِ الطَّاعَاتِ وَعَنْ بَعْضِ الْمَشَايِخِ أَنَّ الْإِيمَانَ تَصْدِيقُ الْإِسْلَامِ وَالْإِسْلَامَ تَحْقِيقُ الْإِيمَانِ وَتَفْسِيرُهُ التَّصْدِيقُ وَالْإِقْرَارُ بِاَللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَيْ يُصَدِّقُ بِقَلْبِهِ وَيُقِرُّ بِلِسَانِهِ بِوُجُودِ الصَّانِعِ جَلَّ جَلَالُهُ وَبِكَوْنِهِ مُتَّصِفًا بِصِفَاتِ الْكَمَالِ مِثْلِ الْوَحْدَانِيَّةِ وَالْعِلْمِ وَالْقُدْرَةِ وَالْحَيَاةِ وَسَائِرِ الْأَوْصَافِ الَّتِي لَا بُدَّ مِنْ وُجُودِهَا لِلْأُلُوهِيَّةِ وَبِأَسْمَائِهِ الْحُسْنَى مِثْلِ الرَّحْمَنِ وَالرَّحِيمِ وَالْقَادِرِ وَالْعَلِيمِ إلَى سَائِرِ أَسْمَائِهِ - جَلَّ ذِكْرُهُ - وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى غَائِبٌ عَنْ الْحِسِّ وَالْغَائِبُ يُعْرَفُ بِالصِّفَاتِ وَالْأَسْمَاءِ وَيُضَمُّ إلَيْهِ أَيْضًا التَّصْدِيقُ وَالْإِقْرَارُ بِمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْبَعْثِ بَعْدَ الْمَوْتِ وَبِأَنَّ الْقَدَرَ خَيْرَهُ وَشَرَّهُ مِنْ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَبِسَائِرِ مَا يَجِبُ الْإِيمَانُ بِهِ ظَاهِرٌ بِنُشُوئِهِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَبِأَنْ وُلِدَ فِيهِمْ وَنَشَأَ عَلَى طَرِيقَتِهِمْ شَهَادَةً وَعِبَادَةً يُقَالُ نَشَأْت فِي بَنِي فُلَانٍ نَشْئًا أَوْ نُشُوءًا إذَا شَبَبْت فِيهِمْ.
وَثَابِتٌ بِالْبَيَانِ بِأَنْ يَصِفَ اللَّهَ تَعَالَى كَمَا هُوَ وَيَصِفَ جَمِيعَ مَا وَجَبَ الْإِيمَانُ بِهِ وَصْفًا عَنْ عِلْمٍ وَتَيَقُّنٍ لَا عَنْ ظَنٍّ وَتَلَقُّنٍ؛ لِأَنَّ حِفْظَ اللُّغَةِ غَيْرُ الْعِلْمِ بِالْمَعْنَى، وَالْوَاجِبُ هُوَ الْعِلْمُ فَلَا يُفِيدُ حِفْظَ اللُّغَةِ بِدُونِهِ فَإِذَا وُصِفَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ كَانَ مُسْلِمًا حَقِيقَةً إلَّا أَنَّ هَذَا اسْتِثْنَاءٌ مُنْقَطِعٌ بِمَعْنَى لَكِنْ وَجَوَابٌ عَمَّا قَالَ بَعْضُ الْمَشَايِخِ ذِكْرُ الْوَصْفِ عَلَى سَبِيلِ الْإِجْمَالِ لَا يَكْفِي بَلْ لَا بُدَّ مِنْ الْعِلْمِ بِحَقِيقَةِ مَا يَجِبُ الْإِقْرَارُ بِهِ وَبَيَانُهُ عَلَى التَّفْصِيلِ حَتَّى لَوْ لَمْ يَعْلَمْ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ كَانَ كَافِرًا.
أَلَا تَرَى أَنَّ مَنْ قَالَ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَلَا يَعْرِفُ مَنْ هُوَ لَا يَكُونُ مُؤْمِنًا فَقَالَ الشَّيْخُ مَا ذَكَرْتُمْ وَهُوَ الْوَصْفُ عَلَى التَّفْصِيلِ كَمَالٌ يَتَعَذَّرُ اشْتِرَاطُهُ لِصِحَّةِ الْإِيمَانِ؛ لِأَنَّ مَعْرِفَةَ الْخَلْقِ بِأَوْصَافِ اللَّهِ تَعَالَى مُتَفَاوِتَةٌ وَأَكْثَرُهُمْ لَا يَقْدِرُونَ عَلَى بَيَانِ تَفْسِيرِ صِفَاتِ اللَّهِ تَعَالَى وَأَسْمَائِهِ عَلَى الْحَقِيقَةِ وَالِاسْتِقْصَاءِ فَيُشْتَرَطُ الْكَمَالُ الَّذِي لَا يُؤَدِّي إلَى الْحَرَجِ وَهُوَ أَنْ يُصَدِّقَ وَيُقِرَّ إجْمَالًا بِمَا يَجِبُ الْإِيمَانُ بِهِ فَهَذَا الْقَدْرُ يَكْفِي لِثُبُوتِ الْإِيمَانِ حَقِيقَةً؛ وَلِهَذَا أَيْ وَلِأَنَّ الْإِيمَانَ يَثْبُتُ حَقِيقَةً بِالْبَيَانِ إجْمَالًا قُلْنَا: الْوَاجِبُ لَا يُسْتَوْصَفُ الْمُؤْمِنُ فَيُقَالُ: أَتُؤْمِنُ بِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى وَاحِدٌ لَا شَرِيكَ لَهُ قَادِرٌ عَالِمٌ حَيٌّ سَمِيعٌ بَصِيرٌ مُرِيدٌ خَالِقٌ إلَى آخِرِ أَوْصَافِهِ الَّتِي يَجِبُ ذِكْرُهَا فِي الْإِيمَانِ أَوْ يُقَالُ: أَتُؤْمِنُ بِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى مَوْصُوفٌ بِصِفَاتِ الْكَمَالِ وَأَنَّ مَا جَاءَ بِهِ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ حَقٌّ فَإِذَا قَالَ نَعَمْ حُكِمَ بِصِحَّةِ إسْلَامِهِ وَلَا يُطْلَبُ مِنْهُ حَقِيقَةُ الْوَصْفِ

نام کتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي نویسنده : البخاري، علاء الدين    جلد : 2  صفحه : 401
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست