responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي نویسنده : البخاري، علاء الدين    جلد : 2  صفحه : 400
فَلِهَذَا لَمْ يُجْعَلْ خَبَرُ الْفَاسِقِ وَالْمَسْتُورِ حُجَّةً وَقَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لَمَّا لَمْ يَكُنْ خَبَرُ الْمَسْتُورِ حُجَّةً فَخَبَرُ الْمَجْهُولِ أَوْلَى وَالْجَوَابُ أَنَّ خَبَرَ الْمَجْهُولِ مِنْ الصَّدْرِ الْأَوَّلِ مَقْبُولٌ عِنْدَنَا عَلَى الشَّرْطِ الَّذِي قُلْنَا: بِشَهَادَةِ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - عَلَى ذَلِكَ الْقَرْنِ بِالْعَدَالَةِ.

وَأَمَّا الْإِيمَانُ وَالْإِسْلَامُ فَإِنَّ تَفْسِيرَهُ التَّصْدِيقُ وَالْإِقْرَارُ بِاَللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى كَمَا هُوَ بِصِفَاتِهِ وَقَبُولُ شَرَائِعِهِ وَأَحْكَامِهِ وَهُوَ نَوْعَانِ: ظَاهِرٌ بِنُشُوِّهِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ، وَثُبُوتُ حُكْمِ الْإِسْلَامِ بِغَيْرِهِ مِنْ الْوَالِدَيْنِ، وَثَابِتٌ بِالْبَيَانِ بِأَنْ يَصِفَ اللَّهَ تَعَالَى كَمَا هُوَ
ـــــــــــــــــــــــــــــQالْكَبَائِرِ بَلْ مِنْ الصَّغَائِرِ مَا يُرَدُّ بِهِ كَسَرِقَةِ بَصَلَةٍ أَوْ تَطْفِيفٍ فِي حَبَّةٍ قَصْدًا وَبِالْجُمْلَةِ كُلُّ مَا يَدُلُّ عَلَى رَكَاكَةِ دِينِهِ إلَى حَدٍّ يَسْتَجْرِئُ عَلَى الْكَذِبِ بِالْأَغْرَاضِ الدُّنْيَوِيَّةِ يُرَدُّ بِهِ كَيْفَ وَقَدْ شُرِطَ فِي الْعَدَالَةِ التَّوَقِّي عَنْ بَعْضِ الْمُبَاحَاتِ الْقَادِحَةِ فِي الْمُرُوءَةِ نَحْوِ الْأَكْلِ فِي الطَّرِيقِ وَالسُّوقِ لِغَيْرِ السُّوقِيِّ وَالْبَوْلِ فِي الشَّارِعِ وَصُحْبَةِ الْأَرْذَالِ وَأَفْرَادِ الْمَزْحِ وَالْحِرَفِ الدَّنِيَّةِ مِنْ دِبَاغَةٍ وَحِجَامَةٍ وَحِيَاكَةٍ مِمَّنْ لَا يَلِيقُ بِهِ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ؛ لِأَنَّ مُرْتَكِبَهَا لَا يَجْتَنِبُ الْكَذِبَ غَالِبًا فَلَا يَكُونُ قَوْلُهُ مَوْثُوقًا بِهِ.
قَالَ وَالضَّابِطُ فِي ذَلِكَ فِيمَا جَاوَزَ مَحَلَّ الْإِجْمَاعِ أَنْ يُرَدَّ إلَى اجْتِهَادِ الْحَاكِمِ فَمَا دَلَّ عِنْدَهُ عَلَى جُرْأَتِهِ عَلَى الْكَذِبِ يُرَدُّ الشَّهَادَةَ بِهِ وَمَا لَا فَلَا وَهَذَا يَخْتَلِفُ بِالْإِضَافَةِ إلَى الْمُجْتَهِدِينَ وَتَفْصِيلُ ذَلِكَ مِنْ الْفِقْهِ لَا مِنْ الْأُصُولِ وَرُبَّ شَخْصٍ يَعْتَادُ الْغِيبَةَ وَيَعْلَمُ الْحَاكِمُ أَنَّ ذَلِكَ لَهُ طَبْعٌ لَا يَصْبِرُ عَنْهُ وَلَوْ حُمِلَ عَلَى شَهَادَةِ الزُّورِ لَمْ يَشْهَدْ أَصْلًا فَقَبُولُهُ شَهَادَتَهُ بِحُكْمِ اجْتِهَادِهِ جَائِزٌ فِي حَقِّهِ وَيَخْتَلِفُ ذَلِكَ بِعَادَاتِ الْبِلَادِ وَأَحْوَالِ النَّاسِ فِي اسْتِعْظَامِ بَعْضِ الصَّغَائِرِ دُونَ بَعْضٍ فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى الشَّرْطِ هُوَ الِاجْتِنَابُ عَنْ الْكَبَائِرِ وَالتَّحَرُّزُ عَنْ الصَّغَائِرِ وَالْمُبَاحَاتِ الَّتِي تَدُلُّ عَلَى دَنَاءَةِ الْهِمَّةِ وَقِلَّةِ الْمُبَالَاةِ وَتَقْدَحُ فِي الْمُرُوءَةِ، وَتَرْكُ الْإِصْرَارِ عَلَى سَائِرِ الصَّغَائِرِ؛ وَلِهَذَا أَيْ وَلِاشْتِرَاطِ الْعَدَالَةِ لَمْ يُجْعَلْ خَبَرُ الْفَاسِقِ وَالْمَسْتُورِ حُجَّةً لِفَوَاتِ أَصْلِ الْعَدَالَةِ فِي حَقِّ الْفَاسِقِ وَفَوَاتِ كَمَالِهَا فِي حَقِّ الْمَسْتُورِ وَهُوَ الَّذِي لَمْ يُعْرَفْ عَدَالَتُهُ، وَلَا فِسْقُهُ؛ وَلِهَذَا لَمْ يَجُزْ الْقَضَاءُ بِشَهَادَةِ الْفَاسِقِ وَلَمْ يَجِبْ بِشَهَادَةِ الْمَسْتُورِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لَمَّا لَمْ يَكُنْ خَبَرُ الْمَسْتُورِ حُجَّةً فَخَبَرُ الْمَجْهُولِ أَوْلَى؛ لِأَنَّ الْمَسْتُورَ مَعْلُومُ الذَّاتِ مَجْهُولُ الْحَالِ وَالْمَجْهُولُ غَيْرُ مَعْلُومٍ بِالذَّاتِ وَالْحَالِ؛ لِأَنَّ مَعْرِفَتَهُ بِالْحَدِيثِ الَّذِي رَوَاهُ وَثُبُوتَ ذَلِكَ مَبْنِيٌّ عَلَى مَعْرِفَةِ عَدَالَتِهِ وَهِيَ غَيْرُ مَعْلُومَةٍ فَيَكُونُ هُوَ أَدْنَى حَالًا مِنْ الْمَسْتُورِ وَتَقْدِيرُ الْكَلَامِ: وَلَمَّا لَمْ يَكُنْ خَبَرُ الْمَسْتُورِ فِي غَيْرِ قُرُونِ الثَّلَاثَةِ حُجَّةً مَعَ أَنَّهُ مَعْلُومُ الذَّاتِ كَانَ خَبَرُ الْمَجْهُولِ مِنْ الْقُرُونِ الثَّلَاثَةِ إذَا لَمْ يُقَابَلْ بِقَبُولٍ، وَلَا بِرَدٍّ أَوْلَى بِالرَّدِّ وَقَدْ بَيَّنَّاهُ فِي الْبَابِ الْمُتَقَدِّمِ وَفِي بَعْضِ الشُّرُوحِ أَنَّ مَعْنَاهُ لَمَّا لَمْ يَكُنْ خَبَرُ الْمَسْتُورِ حُجَّةً فَخَبَرُ الْمَجْهُولِ أَوْلَى؛ لِأَنَّ الْمَسْتُورَ مَنْ لَا يَرِدُ عَلَيْهِ رَدٌّ مِنْ السَّلَفِ وَالْمَجْهُولُ قَدْ رَدَّهُ بَعْضُ السَّلَفِ فَأَوْلَى أَنْ لَا يُقْبَلَ، وَالْكَلَامُ فِي مِثْلِ هَذَا الْمَجْهُولِ الَّذِي رَدَّهُ بَعْضُ السَّلَفِ وَفِي الْحَقِيقَةِ الْمَجْهُولُ وَالْمَسْتُورُ وَاحِدٌ إلَّا أَنَّ خَبَرَ الْمَجْهُولِ فِي الْقُرُونِ الثَّلَاثَةِ مَقْبُولٌ لِغَلَبَةِ الْعَدَالَةِ فِيهِمْ وَخَبَرُ الْمَجْهُولِ بَعْدَ الْقُرُونِ الثَّلَاثَةِ مَرْدُودٌ لِغَلَبَةِ الْفِسْقِ.
مِنْ الصَّدْرِ الْأَوَّلِ أَيْ مِنْهُمْ وَمِمَّنْ هُوَ فِي مَعْنَاهُمْ مِنْ الْقَرْنَيْنِ الْآخَرَيْنِ لِشُمُولِ دَلِيلِ الْقَبُولِ وَهُوَ شَهَادَةُ الرَّسُولِ بِالْعَدَالَةِ لِلْجَمِيعِ عَلَى الشَّرْطِ الَّذِي قُلْنَا بِأَنْ شَهِدَ الثِّقَاتُ بِصِحَّتِهِ وَعَمِلُوا بِهِ أَوْ سَكَتُوا عَنْهُ أَوْ اخْتَلَفُوا أَوْ لَمْ يَظْهَرْ فِيمَا بَيْنَهُمْ وَلَكِنْ يُوَافِقُهُ الْقِيَاسُ، وَلَا يَرُدُّهُ وَذَكَرَ أَبُو عَمْرٍو الدِّمَشْقِيُّ الْمَعْرُوفُ بِابْنِ الصَّلَاحِ فِي كِتَابِهِ أَنَّ الْمَجْهُولَ أَقْسَامٌ أَحَدُهَا الْمَجْهُولُ الْعَدَالَةِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا وَرِوَايَتُهُ غَيْرُ مَقْبُولَةٍ عِنْدَ الْجَمَاهِيرِ وَالثَّانِي الْمَجْهُولُ الَّذِي جُهِلَتْ عَدَالَتُهُ الْبَاطِنَةُ وَهُوَ عَدْلٌ فِي الظَّاهِرِ وَهُوَ الْمَسْتُورُ عَلَى مَا فَسَّرَهُ بَعْضُ أَئِمَّتِنَا فَيَقْبَلُ رِوَايَتَهُ بَعْضُ مَنْ رَدَّ رِوَايَةَ الْأَوَّلِ وَهُوَ قَوْلُ بَعْضِ الشَّافِعِيَّةِ؛ لِأَنَّ أَمْرَ الْأَخْبَارِ مَبْنِيٌّ

نام کتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي نویسنده : البخاري، علاء الدين    جلد : 2  صفحه : 400
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست