responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : قواعد الأحكام في مصالح الأنام نویسنده : ابن عبد السلام    جلد : 2  صفحه : 188
الطَّعَامَ إلَى الْوَلِيِّ ثُمَّ سَلَّمَهُ إلَيْهَا لِتُطْعِمَهُ الصَّبِيَّ بَرِئَتْ ذِمَّتُهَا، وَإِنْ أَذِنَ لَهَا فِي إطْعَامِهِ إيَّاهُ فَهَذَا مِمَّا لَا تَمَسُّ الْحَاجَةُ الْعَامَّةُ وَلَا الضَّرُورَةُ الْخَاصَّةُ إلَيْهِ، فَلَا وَجْهَ لِمُخَالَفَةِ الْقَاعِدَةِ فِيهِ لِنُدْرَتِهِ وَسُهُولَةِ الِانْفِكَاكِ مِنْهُ وَالِانْفِصَالِ عَنْهُ. وَلَوْ قَالَ لِإِنْسَانٍ ادْفَعْ دَيْنِي عَلَيْك إلَى صَبِيٍّ أَوْ مَجْنُونٍ أَوْ أَلْقِهِ فَفَعَلَ لَمْ يَبْرَأْ مِنْ الدَّيْنِ، إذْ لَا بَرَاءَ مِنْهُ إلَّا بِقَبْضٍ صَحِيحٍ، وَلَوْ وَثَبَ صَبِيٌّ أَوْ مَجْنُونٌ فَقَتَلَا قَاتِلَ أَبِيهِمَا فَفِي وُقُوعِهِ قِصَاصٌ خِلَافٌ، لِأَنَّ الْغَرَضَ بِالْقِصَاصِ تَفْوِيتُ نَفْسِ الْجَانِي وَإِزَالَةُ حَيَاتِهِ بِسَبَبٍ مُضَمَّنٍ وَقَدْ تَحَقَّقَ ذَلِكَ.

الْمِثَالُ الْحَادِي وَالْعِشْرُونَ: لَوْ عَمَّ الْحَرَامُ الْأَرْضَ بِحَيْثُ لَا يُوجَدُ فِيهَا حَلَالٌ جَازَ أَنْ يُسْتَعْمَلَ مِنْ ذَلِكَ مَا تَدْعُو إلَيْهِ الْحَاجَةُ، وَلَا يَقِفُ تَحْلِيلُ ذَلِكَ عَلَى الضَّرُورَاتِ لِأَنَّهُ لَوْ وَقَفَ عَلَيْهَا لَأَدَّى إلَى ضَعْفِ الْعِبَادِ وَاسْتِيلَاءِ أَهْلِ الْكُفْرِ وَالْعِنَادِ عَلَى بِلَادِ الْإِسْلَامِ، وَلَا يَقْطَعُ النَّاسُ عَنْ الْحِرَفِ وَالصَّنَائِعِ وَالْأَسْبَابِ الَّتِي تَقُومُ بِمَصَالِحِ الْأَنَامِ.
قَالَ الْإِمَامُ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَلَا يُتَبَسَّطُ فِي هَذِهِ الْأَمْوَالِ كَمَا يُتَبَسَّطُ فِي الْمَالِ الْحَلَالِ بَلْ يُقْتَصَرُ عَلَى مَا تَمَسُّ إلَيْهِ الْحَاجَةُ دُونَ أَكْلِ الطَّيِّبَاتِ وَشُرْبِ الْمُسْتَلَذَّاتِ وَلُبْسِ النَّاعِمَاتِ الَّتِي هِيَ بِمَنَازِلِ التَّتِمَّاتِ، وَصُوَرُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنْ يَجْهَلَ الْمُسْتَحِقِّينَ بِحَيْثُ يَتَوَقَّعُ أَنْ يَعْرِفَهُمْ فِي الْمُسْتَقْبَلِ، وَلَوْ يَئِسْنَا مِنْ مَعْرِفَتِهِمْ لَمَا تَصَوَّرَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ لِأَنَّهُ يَصِيرُ حِينَئِذٍ لِلْمَصَالِحِ الْعَامَّةِ، وَإِنَّمَا جَازَ تَنَاوُلُ ذَلِكَ قَبْلَ الْيَأْسِ مِنْ مَعْرِفَةِ الْمُسْتَحِقِّينَ، لِأَنَّ الْمَصْلَحَةَ الْعَامَّةَ كَالضَّرُورَةِ الْخَاصَّةِ، وَلَوْ دَعَتْ ضَرُورَةُ وَاحِدٍ إلَى غَصْبِ أَمْوَالِ النَّاسِ لَجَازَ لَهُ ذَلِكَ بَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ إذَا خَافَ الْهَلَاكَ لِجُوعٍ أَوْ حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ، وَإِذَا وَجَبَ هَذَا لِإِحْيَاءِ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ، فَمَا الظَّنُّ بِإِحْيَاءِ نُفُوسٍ، مَعَ أَنَّ النَّفْسَ الْوَاحِدَةَ قَدْ لَا يَكُونُ لَهَا قَدْرٌ عِنْدَ اللَّهِ، وَلَا يَخْلُو الْعَالَمُ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ وَالصِّدِّيقِينَ وَالصَّالِحِينَ، بَلْ إقَامَةُ هَؤُلَاءِ أَرْجَحُ مِنْ دَفْعِ الضَّرُورَةِ عَنْ وَاحِدٍ قَدْ يَكُونُ وَلِيًّا لِلَّهِ، وَقَدْ يَكُونُ عَدُوًّا لِلَّهِ، وَقَدْ جَوَّزَ الشَّرْعُ أَكْلَ اللُّقَطَةِ بَعْدَ التَّعْرِيفِ وَلَمْ يَشْتَرِطْ الضَّرُورَةَ.

نام کتاب : قواعد الأحكام في مصالح الأنام نویسنده : ابن عبد السلام    جلد : 2  صفحه : 188
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست