نام کتاب : علم أصول الفقه وخلاصة تاريخ التشريع - ط المدني نویسنده : عبد الوهاب خلاف جلد : 1 صفحه : 65
وأمثالها لا منافاة بينها وبين ما تقدم؛ لأننا قدمنا أن العلل الظاهرة المنضبطة إنما تبنى الأحكام عليها، على أساس أنها مظان لحكمها وإن المظنة أقيمت مقام المئنة، لكن إذا قام الدليل على نفي أن يكون هذا الظاهر المنضبط مظنة لحكمة الحكم فقد دل على أنه فقد أساس العلية، ولم يبق علة، فالإكراه على البيع نفى أن تكون الصيغة مظنة التراضي الذي هو دليل الحاجة، فالصيغة من المكره ليس علة، والزوجية التي ثبت فيها أن الزوجين لم يلتقيا من حين العقد لم تبق مظنة لأن تكون الزوجة حملت من زوجها فليست علة لثبوت النسب، وبلوغ 21 سنة لم يبق مظنة لحسن التصرف المالي مع دلائل عدم الرشد.
ومما ينبغي التنبيه له أن بعض الأصوليين جعل العلة والسبب مترادفين ومعناها واحدًا، ولكن أكثرهم على غير هذا، فعندهم كل من العلة والسبب علامة على الحكم، كل منهما بني الحكم عليه وربط به وجودا وعدما وكل منهما للشارع حكمة في ربط الحكم به وبنائه عليه، ولكن إذا كانت المناسبة في هذا الربط مما تدركه عقولنا سمي الوصف: العلة، وسمي أيضا: السبب، وإن كانت مما لا تدركه عقولنا سمي السبب فقط ولا يسمى العلة: فالسفر لقصر الصلاة الرباعية علة وسبب وأما غروب الشمس لإيجاب فريضة المغرب وزوالها لإيجاب فريضة الظهر، وشهود رمضان لإيجاب صومه، فكل من هذه سبب لا علة، فكل علة سبب، وليس كل سبب علة.
شروط العلة:
الأصل الذي ورد النص بحكمه قد يكون مشتملا على عدة أوصاف وخواص، وليس كل وصف في الأصل يصلح أن يكون علة لحكمه، بل لا بد في الوصف الذي يعلل به حكم الأصل من أن تتوافر فيه جملة شروط، وهذه الشروط استمدها الأصوليون من استقراء العلل المنصوص عليها، ومن مراعاة تعريف العلة، ومن الغرض المقصود من التعليل وهو تعدية الحكم إلى الفرع، وبعض هذه الشروط اتفقت على اشتراطها كلمة الأصوليين، وبعضها لم تتفق عليها كلمتهم، ونحن نقتصر على بيان الشروط المتفق عليها.
نام کتاب : علم أصول الفقه وخلاصة تاريخ التشريع - ط المدني نویسنده : عبد الوهاب خلاف جلد : 1 صفحه : 65