نام کتاب : علم أصول الفقه وخلاصة تاريخ التشريع - ط المدني نویسنده : عبد الوهاب خلاف جلد : 1 صفحه : 64
فالشارع الحكيم لما اعتبر لكل حكم علة هي أمر ظاهر منضبط يظن تحقق الحكمة يربط الحكم به جعل مناط الأحكام عللها، ليستقيم التكليف وتنسق أحكام المعاملات، ويعرف ما يترتب على الأسباب من مسببات. وتخلف الحكمة في بعض الجزئيات لا أثر له بإزاء استقامة التكاليف واطراد الأحكام، لهذا قرر الأصوليون أن الأحكام الشرعية تدور وجودًا وعدما مع عللها لا مع حكمها، وبعبارة أخرى مناط الحكم الشرعي مظنته لا مئنته، فمن كان في رمضان على سفر يباح له الفطر لوجود علة إباحته وهي السفر، وإن كان في سفره لا يجد مشقة، ومن كان شريكا في العقار المبيع أو جارا له يستحق أخذه بالشفعة، لوجود علة استحقاقها وهي الشركة أو الجوار، وإن كان المشتري لا يخشى منه أي ضرر، ومن لم يكن شريكا في العقار المبيع أو جارا لا يستحق أخذه بالشفعة وإن كان لأي سبب من الأسباب يناله من شراء المشتري ضرر، ومن كان في رمضان غير مريض ولا مسافر لا يباح له الفطر، وإن كان عاملا في محجر أو منجم ويجد من الصوم أقسى مشقة، ومن حصل على النهاية الصغرى في الامتحان نجح وإن لم يلم بالعلوم، ومن لم يحصل عليها لا ينجح وإن كان ملمًّا بالعلوم.
وما دام الحكم الشرعي يبنى على علته لا على حكمته فعلى المجتهد حين القياس أن يتحقق من تساوي الأصل والفرع في العلة لا في الحكمة، وعلى القاضي أن يقضي بالحكم حيث توجد العلة بصرف النظر عن الحكمة، فإذا قضى بالشفعة لغير شريك، ولا جار بناء على أنه يناله الضرر من شراء هذا المشتري فهو خاطئ وإذا رفض الحكم باستحقاق الشفعة لشريك أو جار بناء على أنه لا ضرر عليه من شراء هذا المشتري فهو خاطئ.
ولكن في بعض الأحكام رئي أن الحكم قد تخلف عن علته، فقد قرر الفقهاء أن بيع المكره باطل، فالعلة وهي صيغة العقد وجدت ولم يوجد الحكم وهو نقل الملكية، ونصت المادة 15 من القانون رقم 25 لسنة 1929 على أنه لا تسمع دعوى النسب عند الإنكار لولد زوجة ثبت عدم التلاقي بينها وبين زوجها من حين عقد العقد، فالزواج وجد ولم يوجد حكمه وهو ثبوت النسب.
والقاصر إذا بلغ 21 سنة ودلت القرائن على أنه غير رشيد لا تنتهي الولاية عليه مع وجود علة انتهائها وهو بلوغ سن الرشد، والحقيقة أن هذه الأحكام
نام کتاب : علم أصول الفقه وخلاصة تاريخ التشريع - ط المدني نویسنده : عبد الوهاب خلاف جلد : 1 صفحه : 64