ويعرض بين مفهوم العلة والصفة جواب عن سؤال مقدر وهو إن علة الإسكار صفة،
فقولي بعد ذلك مفهوم الصفة تكرار بغير فائدة، فأردت أن أبين بالفرق المذكور أن الصفة قد تكون متممة للعلة لا علة، فهي أعم من العلة؛ فإن الزكاة لم تجب في السائمة لكونها تسوم وغلا لوجبت الزكاة في الوحوش، وإنما وجبت لنعمة الملك وهي مع السوم أتم منها مع العلف، وفي كون الاستثناء من باب المفهوم إشكال من جهة أن (إلا) وضعت للإخراج فينبغي أن يكون الاتصاف بالعدم في المخرج مدلولاً بالمطابقة، فلا يكون مفهوماً لأن المفهوم هو من باب دلالة الالتزام.
وجواب هذا السؤال أن (إلا) وضعت للإخراج من المنطوق ولا يلزم من ذلك دخول المستثنى في عدمه باللفظ بل بدلالة العقل على أن النقيضين لا ثالث لهما، وحينئذ يتعين من الخروج من أحدهما الدخول في الآخر، أما لو فرض لهما ثالث لا يلزم الدخول في العدم بل في ذلك الثالث، أو في العدم فلا يتعين العدم؛ فحينئد إنما استفدنا الاتصاف بالعدم من جهة دلالة العقل لا من اللفظ، فكان الاتصاف بالعدم مدلولاً التزاماً لا مطابقة، وإنما المدلول مطابقة هو نفس الخروج من المتقدم، أما الدخول في نقيضه فمن جهة العقل، وكذلك نقول في مفهوم الغاية، وأما مفهوم الحصر فقد نقل أبو علي في المسائل الشيرازيات أن (ما) في (إنما) للنفي وأن النفي في المسكوت بها، فعلى هذا يكون منطوقاً لا مفهوماً، وهو الذي يقوى في نفسي، هذا إن كان الحصر بإنما، وأما بالنفي قبل إلا نحو «ما قام إلا زيد» فظاهر أنه ليس مفهوماً، وأما في تقديم المعمولات أو المبتدأ مع الخبر فيترجح أنه مفهوم، وسيأتي له باب - إن شاء الله تعالى - وفي مفهوم العدد إشكال، وتفصيله مبسوط في المحصول، وشرحه يقدح في اعتباره، والجمهور على عدم قدحه فلذلك تركته، ومفهوم اللقب إنما ضعف لعدم رائحة التعليل فيه فإن الصفة تشعر بالتعليل وكذلك الشرط ونحوه، بخلاف اللقب لجموده بعد التعليل فيه.