الوصف المناسب لشرع الحكم
تأليف الدكتور أحمد بن محمود بن عبد الوهاب الشنقيطي
بسم الله الرحمن الرحيم مقدمة
الحمد لله الكريم المنان المتفضل على عباده بعظيم الآلاء، وجزيل الإحسان جلت نعمه عن العد والإحصاء {وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَتَ اللهِ لاَ تحْصُوهَا} [1]، فكان من أعظم نعمه على عباده أن هدى المؤمنين به إلى الإيمان، والصلاة والسلام على سيدنا محمد، من ختمت برسالته الرسالات، وعلى آله وصحبه الذين عزروه ونصروه واتبعوا النور الذي أنزل عليه، فكانوا سادة الدنيا، وأئمة الهدى.
وبعد: فلما خص الله سبحانه محمداً صلى الله عليه وسلم بأن جعل رسالته خاتمة الشرائع، جعلها صالحة لكل زمان ومكان، مبنية على نصوص، وأصول وقواعد، لطفاً بالعباد، وتيسيراً لهم في معرفة الحلال والحرام، شاملة لكل ما جد من الوقائع التي لم تكن، فيتعرف العلماء حكمها بطريق الاجتهاد الوافي بتفاصيل أحكام الوقائع، لأن نصوص الكتاب والسنة محصورة متناهية، ومواقع الإجماع معدودة منقولة فهي متناهية أيضاً، والوقائع لا نهاية لها، وهي لا تخلو عن حكم الله تعالى متلقى عن قاعدة من قواعد الشرع، والأصل الذي يفي بحكم جميع الوقائع وهو القياس، وما يتعلق به من وجوه النظر، والاستدلال، والقياس إنما يكون بالعلة الجامعة بين الأصل والفرع، والعلة لها طرق تعرفها، فكان من المناسب أن أختار أهم تلك الطرق التي بها يعرف حكم الوقائع المستجدة موضوعاً لرسالتي، فاخترت أن يكون موضوعها هو: "الوصف المناسب لشرع الحكم".
سبب اختياري لهذا الموضوع:
أما سبب اختياري لهذا الموضوع، فهو أنني لما أنجزت دراسة مرحلة الماجستير بقسم الدراسات العليا الإسلامية بكلية الشريعة بمكة المكرمة، فرع جامعة الملك عبد العزيز آنذاك، كان علي أن أختار موضوعاً أكتب فيه لأنال درجة "الدكتوراه" في أصول الفقه. [1] سورة إبراهيم، آية: 34.