وحيث أن القياس من أهم أدلة الأحكام الشرعية لسعته وشموله لكل الوقائع التي تجد، وأن القياس كما أسلفت إنما يكون بالعلة الجامعة بين الأصل والفرع، والعلة وإن كانت لها طرق، فأهم طرقها وأشملها للأحكام إنما هو الوصف المناسب لشرع الحكم، والموضوع وإن كان صعباً في ذاته، لسعته وترامي أطرافه، والبحث فيه يتطلب من الباحث أن يكون متعمقاً في الأصول، عالماً بجوانب الاتفاق والاختلاف في القياس، والعلة وطرقها، ومقاصد الشرع، فإن رغبتي في دراسة الفن دفعتني إلى الكتابة فيه، لا سيما وقد رأيت من مشايخي التشجيع على اختياري للموضوع، مما شجعني على المضي فيه.
وكيف لا، والموضوع عظيم القدر، إذ به يعرف حكم الله تعالى فيما لم يرد فيه نص من كتاب ولا سنة ولا نقل إجماع.
لذا رأيت صلاحية الموضوع للبحث، وشرعت فيه راجياً من الله أن يعينني على إنجازه، وأن يجعله عملاً صالحاً، وأن يهديني سواء السبيل، فهو حسبي ونعم الوكيل، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.