أعلاها القسم الأول، لتيقنه، ويليه الثاني لكونه مظنوناً راجحاً، ويليه الثالث لتردده، ويليه الرابع لكونه مرجوحاً"[1].
ثم إن الأصوليين اختلفوا في جواز التعليل بالمناسب المفضي إلى القسم الثالث والرابع، فقال بعضهم: لا يجوز التعليل بهما؛ لأن الثالث مشكوك الحصول، والرابع مرجوحه.
قال الآمدي: "وأما القسم الثالث والرابع فلكون المقصود فيهما غير ظاهر، للمساواة في الثالث، والمرجوحية في الرابع، فالاتفاق واقع على صحة التعليل بهما إذا كان ذلك في آحاد الصور الشاذة، وكان المقصود ظاهراً من الوصف في غالب صور الجنس، وإلا فلا، وذلك كما ذكرناه في مثال صحة نكاح الآيسة لمقصود التوالد، فإنه وإن كان غير ظاهر بالنسبة إلى الآيسة، إلا أنه ظاهر فيما عداها"[2].
قال العضد: "وهذان قد أنكرا، والمختار الجواز، لنا أن البيع مظنة الحاجة إلى التعاوض وقد اعتبر، وإن انتفى الظن في بعض الصور، بل شك فيها، أو ظن عدم الحاجة، فإن بيع الشيء مع عدم ظن الحاجة إلى عوضه لا يوجب بطلانه إجماعاً.
وكذلك السفر مظنة للمشقة، وقد اعتبر، وإن ظن عدم المشقة كما في الملك المترفه الذي يسار به على المحفة في اليوم نصف فرسخ لا يصيبه ظمأ ولا مخمصة"[3].
وقد بين السعد وجه اعتبار المظنة في المثالين اللذين ذكرهما العضد، أعني البيع والسفر، مع أن حصول المقصود ونفيه متساويان في أحدهما، ونفي الحصول في الثاني أرجح - بأنه علم اعتبار المظنة فيهما، لأنه لا عبرة بالحصول في كل، وإنما المعتبر الحصول في جنس الوصف[4]. [1] الأحكام للآمدي 3/250-251. [2] نفس المصدر السابق 3/251. [3] انظر: العضد على المختصر 2/240. [4] حاشية السعد على العضد 2/240.