الفصل الثاني: في تقسيم المناسب الحقيقي باعتبار إفضائه إلى المقصود
المقصود من شرع الحكم عند الوصف إما أن يكون مفضياً إلى جلب مصلحة للعبد، أو إلى دفع مفسدة عنه، أو لكليهما تحصيلاً لأصل المقصود ابتداء، أو دواماً، أو إلى تكميله.
فالأول: وهو كونه مفضياً إلى أصل المقصود في الابتداء، مثل القضاء بصحة التصرف الصادر من الأهل في المحل تحصيلاً لأصل المقصود المتعلق بالتصرف من ملك العين أو المنفعة كما في البيع والإجارة ونحوهما.
الثاني: وهو المفضي إلى دوام المقصود كالقضاء بتحريم القتل، وإيجاب القصاص على من قتل عمداً عدواناً، لإفضائه إلى دوام مصلحة حفظ نفس الإنسان المعصومة عن التعدي عليها بغير حق.
الثالث: وهو المفضي إلى تكميل المقصود مثل الحكم باشتراط الشهادة في النكاح، فإنه مكمل لمصلحة النكاح، وليس محصلاً لأصلها، لحصول المصلحة بنفس التصرف وصحته[1].
ثم إن المقصود من شرع الحكم المرتب على الوصف المناسب إما أن يكون حصوله: يقيناً، أو ظناً، أو أن الحصول وعدمه متساويان، أو أن عدم الحصول راجح على الحصول، وإما أن ينتفي حصوله في بعض الصور قطعاً، فجملة الصور العقلية خمسة، أربع صور في الحصول، وواحدة منتفية الحصول في بعض الصور.
الأول: كالبيع، فإن شرع ليترتب عليه الملك، وهو يحصل عقبه يقيناً، لأنه متى حصل البيع الصحيح حصل عقبه الملك حتماً. [1] انظر: نبراس العقول 1/294.