الْمُؤْمِنِينَ فُتْيَايَ. فَكَتَبَ الْقَاضِي إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ بِصُورَةِ الْمَجْلِسِ، وَبَقِيَ مَعَ أَصْحَابِهِ بِمَكَانِهِمْ إِلَى أَنْ أَتَى الْجَوَابُ بِأَنْ يَأْخُذَ لَهُ بِفُتْيَا مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ لُبَابَةَ، وَيُنْفِذَ ذَلِكَ وَيُعَوِّضَ الْمَرْضَى مِنْ هَذَا الْمِجْشَرِ بِأَمْلَاكِهِ بِمِنْيَةِ عَجَبٍ[1]، وَكَانَتْ عَظِيمَةَ الْقَدْرِ جِدًّا تَزِيدُ أَضْعَافًا عَلَى الْمِجْشَرِ، ثُمَّ جِيءَ مِنْ عِنْدِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ بِكِتَابٍ مِنْهُ إِلَى ابْنِ لُبَابَةَ هَذَا بِوِلَايَتِهِ خُطَّةَ الْوَثَائِقِ؛ لِيَكُونَ هُوَ الْمُتَوَلِّيَ لِعَقْدِ هَذِهِ الْمُعَاوَضَةِ؛ فَهَنِئَ بِالْوِلَايَةِ، وَأَمْضَى الْقَاضِي الْحُكْمَ بِفَتْوَاهُ، وَأَشْهَدَ عَلَيْهِ وَانْصَرَفُوا؛ فَلَمْ يَزَلِ ابْنُ لُبَابَةَ يَتَقَلَّدُ خُطَّةَ الْوَثَائِقِ وَالشُّورَى إِلَى أَنْ مات سنة ست وثلاثين وثلاث مائة.
قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ[2]: "ذَاكَرْتُ بَعْضَ مَشَايِخِنَا مَرَّةً بِهَذَا الْخَبَرِ؛ فَقَالَ: يَنْبَغِي أَنْ يُضَافَ هَذَا الْخَبَرُ الَّذِي حَلَّ سِجِلَّ السَّخْطَةِ إِلَى سِجِلِّ السَّخْطَةِ؛ فَهُوَ أَوْلَى وَأَشَدُّ فِي السَّخْطَةِ مِمَّا تَضَمَّنَهُ. أَوْ كَمَا قَالَ.
وَذَكَرَ الْبَاجِيُّ[3] فِي كِتَابِ "التَّبْيِينِ لِسُنَنِ الْمُهْتَدِينَ" حِكَايَةً أُخْرَى فِي أَثْنَاءِ كَلَامِهِ فِي مَعْنَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ؛ قَالَ: "وربما زعم بعضهم أن النظر والاستدلال [1] في زيادات "شرح القاموس" في مادة منية ما نصه: "والمنية بالكسر اسم لعدة قرى ... " إلى أن قال: "مِنية عجب بالأندلس منها خلف بن سعيد المتوفي بالأندلس سنة 305"؛ فقوله في "الاعتصام" "2/ 686 - ط ابن عفان" في فصل أسباب الخلاف: "ويعوض من هذا المجشر بأملاك ثمنية عجيبة" لا يقتضي أن يكون هنا تحريف، بل قوله: "وكانت عظيمة القدر.... إلخ" يقتضي أنها كانت معروفة بأعيانها كما هو مقتضى كونها اسمًا لهذه البلدة بالأندلس. "د".
قلت: وهو رد على "ف" -وتبعه "م"- حيث قال: "لعله بأملاك ثمنية كما في "الاعتصام"" ا. هـ. قلت: الصواب "بمنية عجب" كما في "ترتيب المدارك" "1/ 402". [2] في "ترتيب المدارك" "1/ 204". [3] نقل عنه المزبور عند المصنف: ابن الصلاح في "آداب المفتي والمستفتي" "ص125"، وابن حمدان في "صفة الفتوى" "40-41".