اتفقوا على أنه لا يجوز له الاستفتاء إلا إذا غلب على ظنه أن من يفتيه من أهل الاجتهاد ومن أهل الورع وذلك إنما يكون إذا رآه منتصبا للفتوى بمشهد الخلق ويرى اجتماع المسلمين على سؤاله واتفقوا على أنه لا يجوز للعامي أن يسأل من يظنه غير عالم ولا متدين وإنما وجب عليه ذلك لأنه بمنزلة نظر المجتهد في الأمارات ثم هاهنا بحث وهو أن أهل الاجتهاد إذا أفتوه فإن اتفقوا على فتوى لزم المصير إليها وإن اختلفوا فقال قوم وجب عليه الاجتهاد في أعلمهم وأورعهم لأن ذلك طريق قوة ظنه يجري مجرى قوة ظن المجتهد وقال آخرون لا يجب عليه هذا الاجتهاد لأن العلماء في كل عصر لا ينكرون على العوام ترك النظر في أحوال العلماء
ثم بعد الاجتهاد إما أن يحصل ظن الاستواء مطلقا أو ظن الرجحان مطلقا أو ظن رجحان كل واحد منهما على صاحبه من وجه دون وجه فإن حصل ظن الاستواء مطلقا فها هنا طريقان أحدهما أن يقال هذا لا يجوز وقوعه كما لا يجوز استواء أمارتي الحل والحرمة والآخر أن يقال يسقط عنه التكليف لأنا جعلنا له أن يفعل ما يشاء