فأما فيما تعدونه من المصالح الدينية العقلية فهذا التفاوت ممنوع فيه فإن الاحتمالات متعارضة فيها سلمنا أنه لطف فلم قلتم إن كل لطف واجب قوله في الوجه الأول فعل اللطف جار مجرى التمكين قلنا هذا قياس وقد بينا أنه لا يفيد اليقين ثم نقول لا نسلم أن فعل اللطف جار مجرى التمكين قوله من قدم الطعام إلى إنسان وأراد منه تناوله إلى اخره قلنا لا نسلم أن ترك التواضع في تلك الحالة يقدح في تلك الإرادة على الإطلاق بيانه أن الإرادات مختلفة فقد يريد الإنسان من غيره أن يتناول طعامه إرادة في الغاية حتى يقرر مع نفسه أنه يفعل كل ما يعلم أن ذلك الضيف لا يتناول طعامه إلا عند فعله وقد تكون الإرادة لا إلى ذلك الحد كمن يقول أريد أن تأكل طعامي لكن لا إلى حيث أنك لو لم تأكل طعامي إلا عند تقبيلي هذه رجلك فعلته بل إرادة دون ذلك إذا لبث هذا فنقول الإرادة إن كانت على الوجه الأول كان ترك التواضع قادحا في تحققها لكن لو كانت على الوجه الثاني لم يلزم من عدم التواضع عدمها