الأول مسلم والثاني ممنوع بيانه أن ما ذكرتموه من منفعة وجود الأمام ليس إلا في حصول نظام العالم واندفاع الهرج والمرج وذلك كله مصلحة دنيوية وتحصيل الأصلح في الدنيا غير واجب على الله تعالى فما يكون لطفا فيه أولى أن لا يجب أو في إقامة الصلوات وأخذ الزكوات وذلك كله مصالح شرعية فما يكون لطفا فيه لا يجب وجوده عقلا وإن ادعيتم كونه لطفا في شئ آخر وراء ذلك فهو ممنوع فإن قلت الإمام لطف في المصالح الدينية العقلية لأنه إذا زجرهم عن القبائح وأمرهم بالواجبات العقلية مرة بعد أخرى تمرنت نفوسهم عليها وإذا تمرنت نفوسهم عليها تركوا القبائح لقبحها وأتوا بالواجبات لوجه وجوبها وذلك مصلحة دينية قلت لا نسلم تفاوت حال الخلق بسبب وجود الإمام في هذا المعنى فإن بوجود الإمام ربما وقعت أحوال القلوب على ما ذكرتموه وربما صارت بالضد من ذلك لأنهم إذا أبغضوه بقلوبهم وعاندته نفوسهم ازدادت المفسدة وربما أقدموا على الأفعال والتروك لمحض الخوف منه وبالجملة فالتفاوت الحاصل في أحوال الخلق إنما يظهر فيما عددناه من المصالح الدنيوية أو فيما عددناه من المصالح الشرعية