responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفصول في الأصول نویسنده : الجصاص    جلد : 4  صفحه : 76
ثُمَّ لَا يَخْلُو بَعْدَ ذَلِكَ الْقَوْلُ فِيهَا مِنْ أَحَدِ وُجُوهٍ ثَلَاثَةٍ: إمَّا أَنْ يَكُونَ مُسْتَدْرَكًا مِنْ جِهَةِ الظَّنِّ وَالتَّخْمِينِ، (وَمَا) يَسْبِقُ إلَى الْوَهْمِ، مِنْ غَيْرِ رَدٍّ إلَى أَصْلٍ، أَوْ الْوَقْفِ فِيهَا، أَوْ رَدِّهَا إلَى الْأُصُولِ الْمَنْصُوصِ عَلَيْهَا بِالْمَعَانِي الَّتِي جُعِلَتْ عَلَمًا لِأَحْكَامِهَا، عَلَى مَا قَالَ الْقَائِسُونَ. وَالْقَوْلُ بِالْوَقْفِ وَالتَّخْمِينِ: بَاطِلٌ عِنْدَ الْجَمِيعِ. فَثَبَتَ وُجُوبُ رَدِّهَا إلَى الْأُصُولِ بِالْمَعَانِي الَّتِي تَضَمَّنَتْهَا، وَجُعِلَتْ عَلَمًا لِلْحُكْمِ فِيهَا، فَيُحْكَمُ لَهَا بِحُكْمِهَا، وَهَذَا هُوَ الْقِيَاسُ الشَّرْعِيُّ الَّذِي نَقُولُهُ.
فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: مَا أَنْكَرْتُ أَنْ يَكُونَ النَّصُّ عَلَى وَجْهَيْنِ. نَصٍّ جَلِيٍّ، وَنَصٍّ خَفِيٍّ. فَأَمَّا الْجَلِيُّ: فَهُوَ الَّذِي يُعْقَلُ مَعْنَاهُ مِنْ لَفْظِهِ. وَأَمَّا الْخَفِيُّ: فَهُوَ الَّذِي يُدْرَكُ بِالتَّأَمُّلِ وَالتَّدَبُّرِ، وَالْفِكْرِ، وَالنَّظَرِ. فَتَكُونُ أَحْكَامُ الْحَوَادِثِ مَأْخُوذَةً مِنْ هَذِهِ الْجِهَةِ، وَقَدْ اسْتَغْنَيْنَا بِهِ عَنْ الْقِيَاسِ وَالِاجْتِهَادِ.
قِيلَ لَهُ: أَدَلُّ مَا فِي هَذَا: أَنَّ قَوْلَك بِالنَّصِّ الْخَفِيِّ مُتَنَاقِضٌ فَاسِدٌ. لِأَنَّ النَّصَّ فِي اللُّغَةِ: الْمُبَالَغَةُ فِي إظْهَارِ الْمَعْنَى الَّذِي هُوَ عِبَارَةٌ عَنْهُ، وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: نَصَصْت الْحَدِيثَ إلَى فُلَانٍ، يَعْنِي أَظْهَرْت أَصْلَهُ وَمَخْرَجَهُ، وَقَالَ الشَّاعِرُ:
أَنُصُّ الْحَدِيثَ إلَى أَهْلِهِ ... فَإِنَّ الْأَمَانَةَ فِي نَصِّهِ
وَيَقُولُونَ: نَصَصَتْ الدَّابَّةُ فِي السَّيْرِ، إذَا بَالَغَتْ فِي إظْهَارِ مَا فِي وُسْعِهَا، وَطَاقَتِهَا مِنْ ذَلِكَ. وَ (مِنْهُ) الْمِنَصَّةُ. سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّ الْجَالِسَ عَلَيْهَا يَكُونُ ظَاهِرًا لِلْحَاضِرِينَ. فَإِذَا كَانَ النَّصُّ هُوَ الْإِظْهَارَ وَالْإِبَانَةَ، تَنَاقَضَ قَوْلُ الْقَائِلِ: نَصٌّ خَفِيٌّ، لِأَنَّهُ يَكُونُ حِينَئِذٍ بِمَنْزِلَةِ مَنْ قَالَ: ظَاهِرٌ خَفِيٌّ. وَوَاضِحٌ غَامِضٌ. وَهَذَا مُتَنَاقِضٌ فَاسِدٌ. فَبَانَ بِذَلِكَ بُطْلَانُ قَوْلِ مَنْ قَالَ: نَصٌّ خَفِيٌّ. ثُمَّ لَوْ سَلَّمْنَا (لَهُ) اللَّفْظَ، لَمْ يَضُرَّنَا ذَلِكَ، فِيمَا أَرَدْنَا إثْبَاتَهُ، وَلَمْ يَقْدَحْ فِيمَا ذَكَرْنَا، لِأَنَّهُ

نام کتاب : الفصول في الأصول نویسنده : الجصاص    جلد : 4  صفحه : 76
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست